مقالة خاصة: أزمة مياه متفاقمة في بورتسودان بشرقي السودان مع تزايد أعداد النازحين

  • 1/1/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعاني المواطنون في بورتسودان من أزمة مياه شرب مزمنة، حيث لا تصل شبكات المياه إلى عدد كبير من منازل المدينة، التي يعتمد سكانها بشكل أساسي على المياه التي يتم نقلها بواسطة عربات بدائية، وتفاقمت الأزمة بعد انهيار سد أربعات الذي تسبب في قلة مصادر مياه الشرب. كما زادت معاناة المواطنين السودانيين بسبب نزوح الالآف إلى بورتسودان، واختيارها عاصمة مؤقتة، ومع ارتفاع أعداد النازحين حدث ضغط كبير على كافة الخدمات، ومن بينها مشكلة عدم توفر مياه الشرب العذبة والذي استدعى انتعاش "مهنة السقا" من أجل الحصول على المياه، ومع ذلك هناك صعوبة في الحصول على كميات المياه العذبة المناسبة لتلبية احتياجات المواطنين. وفي مخيم للنازحين يحمل اسم (السكة حديد) جنوبي مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، تقول النازحة (عواطف أسماعيل) إنها تعاني من مشكلات صحية نتيجة عدم توفر المياه الصالحة للشرب. وأخبرت عواطف، وهي (أم لأربعة أطفال) مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) الذي زار المخيم، أنها تضطر لاستخدام مياه غير صالحة للشرب، مما أثر علي صحتها وصحة أطفالها. وتعاني عواطف، التي تقيم في المخيم منذ نحو عام، من مشكلة في الكلى، وقد أصيبت بالمرض بعد أربعة أشهر من دخولها المخيم الذي يضم نحو 200 أسرة، (متوسط عدد الأسرة 5 أفراد). وقالت عواطف " لم أكن مصابة بمرض الكلى قبل الوصول إلى هنا، وبالتأكيد السبب هو تناول المياه المالحة والملوثة، ولا يوجد حل آخر، ولا يتوفر لنا مال يكفي لشراء المياه من محطات التحلية". وتعد أزمة مياه الشرب أحد أكبر التحديات التي تواجه سكان مدينة بورتسودان التي تقع شرقي السودان، بما في ذلك آلاف النازحين الذين تستضيفهم المدينة في نحو 80 مركزا للإيواء. وبات مألوفا في شوارع المدينة الساحلية، مظهر عربات (الكارو)، وهي عربات تجرها الدواب، لنقل المياه الصالحة للشرب من مصادر قليلة، كان من أبرزها سد أربعات الواقع علي بعد نحو 20 كيلومترا شمالي مدينة بورتسودان. ولا تنحصر المعاناة بسبب مياه الشرب على النازحين فقط، ولكنها أزمة يعاني منها معظم سكان مدينة بورتسودان. وفي حي الثورة غربي مدينة بورتسودان يصطف مئات من سكان الحي يوميا في طابور طويل في ميدان يتوسط الحي وهم يحملون بأيديهم جالونات فارغة، بانتظار تعبئتها بالمياه التي يتم توزيعها عبر عربات (الكارو). ولكن انهيار سد أربعات في 25 أغسطس الماضي، أدى إلى تفاقم أزمة المياه، وارتفاع أسعار برميل المياه سعة 220 لترا إلى 25 ألف جنيه سوداني (نحو 10 دولارات). ويعمل المواطن مصطفى حمد، في مهنة (السقا) وهي مهنة قديمة تختص بإيصال المياه إلى البيوت والمباني، وتشهد انتعاشا كبيرا في مدينة بورتسودان حاليا. وقال حمد لـ ((شينخوا)) "انتعشت مهنة السقا بسبب ندرة مياه الشرب، ولكننا أيضا نعاني من أجل الحصول علي مصادر المياه العذبة". وأضاف " بعد انهيار سد أربعات أصبحت مصادر مياه الشرب قليلة للغاية، هناك آبار للمياه العذبة ولكنها بعيدة نسبيا، كما أن محطات تحلية المياه قامت بزيادة الأسعار". وتساهم محطات تحلية المياه، في توفير نسبة قليلة من احتياجات مدينة بورتسودان اليومية من المياه الصالحة للشرب. ولكن أصحاب محطات التحلية الخاصة بالمدينة يشتكون من ارتفاع التكاليف ولاسيما الكهرباء. وقال معاذ يوسف، وهو صاحب محطة تحلية بحي (هدل) غربي مدينة بورتسودان " لقد ساهمت محطات التحلية في حل جزء من أزمة المياه، ولكن معالجة المياه تتم بتكلفة عالية لتكون صالحة للشرب". وأضاف لـ ((شينخوا)) "مع انقطاع الكهرباء المستمر نعتمد بصورة أساسية على توفير الكهرباء من خلال مولدات تستهلك كثيرا من الوقود، ولذا تصبح التكلفة أعلى". وتستهلك مدينة بورتسودان نحو 120 الف متر مكعب من مياه الشرب يوميا، ولكن زيادة الكثافة السكانية بالمدينة التي تؤوي نحو 321 ألف نازح، أدى إلى عجز بنحو 50 الف متر مكعب، وفقا لهيئة مياه البحر الأحمر (حكومية). وقال مدير هيئة مياه ولاية البحر الأحمر عمر عيسى طاهر "مما لاشك فيه أن تأثير انهيار سد أربعات كبير جدا، وخاصة أننا نواجه زيادة كبيرة في أعداد النازحين، وهناك ضغط كبير علي كافة الخدمات". وأضاف لـ((شينخوا)) " أن احتياجاتنا قبل هذه الكثافة السكانية كانت نحو 120 ألف متر مكعب يوميا، وحجم الفجوة يبلغ حاليا 50 ألف متر مكعب لليوم". وكانت هيئة مياه البحر الأحمر قد طرحت خطة مؤخرا لإنشاء محطتي تحلية لمياه البحر الأحمر لإنتاج 35 ألف متر مكعب في اليوم، لكن المشروع لم يتم تنفيذه بعد. وتمثل مشكلة عدم توفر مياه الشرب إحدي الأزمات المستمرة في مدينة بورتسودان منذ زمن بعيد. ولا تتوفر للمدينة مصادر ثابتة للمياه العذبة، إذ تعتمد على تخزين مياه الأمطار الموسمية في سد (أربعات)، الذي تم أنشاؤه في العام 2003. وتعرض سد أربعات للانهيار نتيجة الأمطار الغزيرة والذي كان يغطي احتياجات نحو 750 ألفا من سكان مدينة بورتسودان. وتقع بورتسودان علي بعد نحو 800 كيلومتر عن العاصمة السودانية الخرطوم، وهي ثاني أكبر مدن السودان وبها مطار دولي وميناء يشكل المنفذ الرئيسي لتصدير واستيراد السلع. ومنذ مايو 2023، أصبحت بورتسودان العاصمة المؤقتة للسودان، ومقرا للحكومة والبعثات الدبلوماسية بالبلاد. ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت 29683 قتيلا، وفقا لأحدث تقرير صادر عن موقع ((ACLED))، وهي منظمة عالمية غير حكومية متخصصة في جمع بيانات النزاعات المفصلة. ووفقا لإحصائية حديثة لمنظمة الهجرة الدولية، فإن عدد النازحين واللاجئين في السودان بلغ أكثر من 14 مليون شخص.

مشاركة :