حروب المنطقة تكبّد أسراً أردنية مصدر رزقها من السياحة

  • 5/20/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تُفقد الأحداث السياسية الملتهبة في الشرق الأوسط أسر أردنية كثيرة كانت تعتاش من الحركة السياحية مصدر رزقها الوحيد. وغرقت بالديون للمحافظة على استمرار مصالحها، آملة بأن تخمد قريباً جذوة الحروب التي أبعدت طائرات السياح، خصوصاً الأوروبيين منهم عن المنطقة. وفيما اضطرت عائلات أن ترضى بالقليل الذي يبقي على مصالحها مفتوحة وعملت على أن تتكيّف وفقها، اختارت عائلات أخرى أن تغلقها لوقف نزيف الخسائر الذي طاول مدخراتها منذ عشرات السنيين، ما قذف ببعضها إلى الشارع، بعد أن عجزت عن تسديد إيجار البيت أو القسط السكني في المصارف. وإذا كانت هذه هي حال أصحاب المصالح السياحية التي أنشئت قرب المناطق السياحية والأثرية في المملكة، لا تزال أحوال الحركة السياحية تتراجع أحياناً إلى حد الانعدام في بعضها، وسط عجز الجهات المسؤولة عن وقف هذا التراجع، بسبب أحداث البلدان المجاورة وحروبها الخارجة عن إرادتها. عموماً، تشكل عائدات السياحة في الأردن 14 في المئة من ناتج الدخل القومي المحلي لسنوات عدة، إلا أن هذه النسبة انخفضت بسبب عدم وجود أي زيادة مؤثرة في الدخل السياحي للسنوات الأخيرة تتناسب وزيادة فرص الجذب في هذا القطاع، الذي يوفّر نحو 42 ألف فرصة عمل مباشرة، بينما يقدر عدد الأيدي العاملة فيه في شكل غير مباشر بنحو 130 ألف فرصة، ما يعني استفادة أكثر من 800 ألف مواطن من العائدات الاقتصادية للسياحة. ويكفي للتدليل على الأوضاع المتردية للسياحة في الأردن انخفاض عدد زوار مدينة البتراء الأثرية إلى النصف خلال الأعوام الخمسة الماضية، من 819 ألف زائر في عام 2010 إلى 423 ألفاً في عام 2014، ونتج عن ذلك إغلاق 6 منشآت فندقية في المدينة. ويشير رئيس هيئة تنشيط السياحة في الأردن عبدالرزاق عربيات إلى أن أعداد السياح الذين يزورون المملكة في تراجع مستمر سنة بعد أخرى منذ «الربيع العربي» قبل أكثر من خمسة أعوام. وأفاد أن عدد السياح انخفض 5 في المئة في العام الماضي (من 2,6 مليون شخص إلى 2,4 مليون)، كما انخفض دخل هذا القطاع 6 في المئة (نحو 282 مليون دولار) بسبب «الأوضاع السياسية في المنطقة». وقال فادي أبو جابر، صاحب مطعم في مدينة مادبا السياحية (20 كلم شمال عمّان)، أنه إضطر إلى إغلاق محله الذي أسسه قبل ستة أعوام وكلّفه آلاف الدنانير بسبب تراكم الديون. وأوضح أنه سلّم مفاتيح المطعم إلى مالك العقار من دون أن يحصل على اي تعويض لعدم توافر من يشتري الخلو، مشيراً إلى أن خسارته كبيرة في التجهيزات التي باعها لقاء مبالغ زهيدة جداً، لا تساوي ما تكبده من إيجار خلال فترة عرضه للبيع. وكان أبو جابر افتتح مطعمه استناداً إلى دراسة جدوى أظهرت نجاح المشروع قبل حروب الربيع العربي، بيد أنه ومع بدء الفوضى الأمنية في البلدان المجاورة انخفض عدد السياح في شكل كبير ما أدّى إلى تراكم، فلم يستطع الصمود بمدخراته أكثر من خمسة أعوام. وعرض يحيى عمار للبيع محله للتحف والمنحوتات التراثية والفسيفسائية الذي افتتحه قبل 10 أعوام، إذ إن المدخول لم يعد يؤّمن بدل الإيجار. وقد تحمّل خسائر على أمل بأن يعود الإزدهار تدريجاً، لكن يبدو أن ليس لحروب المنطقة من نهاية. وبعد المحل مصدر رزقه، يوشك عمار على أن يخلي بيته أيضاً إذ بات عاجزاً عن تسديد إيجاره. ويلقي أحمد نصار، مدير بازار للتحف الشرقية، اللوم على وزارة السياحة ويطالبها بإيجاد آفاق جديدة لتنشيط هذا القطاع الحيوي، من خلال الترويج للأمن والاستقرار اللذين يتمتع بهما الأردن. وناشدها بأن تستغل هذة النقطة وتقدم إعفاءات كبيرة للمصالح والمنشاءات السياحية، لكي تتمكن من الصمود وعدم إقفال أبوابها، ريثما تزول الظروف الأمنية والعسكرية المؤثرة. ووفق وزارة السياحة يتخوّف السياح الأوروبيون، الذين يشكلون النسبة العظمى من السياح القادمين إلى الأردن، من زيارة المملكة التي تقع في وسط هذه الحروب المستعرة. ويلفت مصدر مسؤول في الوزارة إلى أن الأردن عبارة عن متحف مفتوح يحتوي على أكثر من ألفي موقع أثري منتشرة في مختلف مناطقه، إلى جانب ما يتميز به من مناخ وموقع ديموغرافي. وتتبنّى الوزارة برامج للترويج عالمياً سعياً إلى زيادة عدد السياح من خلال تسهيلات وبرامج تسويقية.

مشاركة :