مع بقاء أقل من أسبوعين على تنصيبه رسميًا رئيسًا للولايات المتحدة، فإن ذلك لم يمنع دونالد ترمب من مواصلة الكشف عن طموحاته المثيرة للجدل والتي تجددت بشأن إمكانية امتلاك بلاده لمنطقة غرينلاند، رغم أن رئيس وزراء الإقليم الدنماركي أكد أنها ليست للبيع. وفي ظل حالة الجدل هذه، يتجه دونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، إلى غرينلاند في زيارة ليوم واحد لتصوير محتوى مرئي، ولن يلتقي بأي مسؤولين حكوميين أو شخصيات سياسية، بحسب شخص مطلع على البرنامج بحسب وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ). وقال ترمب الأب على منصته الخاصة «تروث سوشيال» اليوم الثلاثاء «سيسافر ابني، دون جونيور، وممثلون مختلفون، إلى هناك لزيارة بعض المناطق والمعالم الأكثر روعة». غرينلاند «جزء من بلادنا» وأضاف ترمب، الذي من المقرر أن يعود للبيت الأبيض في 20 من يناير/كانون الثاني الجاري، «إن غرينلاند مكان رائع، وسيستفيد الشعب كثيراً إذا صارت جزءا من بلادنا». من جانيه، قال نجل ترمب لقناة فوكس نيوز قبيل مغادرته إلى نوك، عاصمة غرينلاند «باعتباري شخص سافر إلى بعض الأماكن الرائعة حول العالم كرجل محب للطبيعة، فأنا متحمس للتوقف في غرينلاند للحصول على بعض الوقت الممتع، هذا الأسبوع». وذكرت هيئة الإذاعة الدنماركية «دي آر» نقلاً عن رئيس إدارة الشؤون الخارجية، مينينجواك كليست، أن ترمب جونيور سيصل، اليوم الثلاثاء، في زيارة خاصة، ولم يتم تقديم أي طلبات لعقد اجتماع مع حكومة غرينلاند. وكان ترمب قد أدلى الشهر الماضي بتصريحات مشابهة حول السيطرة على المنطقة، وذلك أثناء إعلانه عن مرشحه لمنصب سفير الولايات المتحدة في الدنمارك. وقال في بيان «لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، تشعر الولايات المتحدة بأن امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة ملحة». وبعد تصريحات ترمب، تسابق الدنمارك الزمن لتزيد من إنفاقها الدفاعي في غرينلاند. وأعلن وزير الدفاع الدنماركي، ترويلس لوند بولسن، في مقابلة مع صحيفة يولاندس بوستن عن خطط لإنفاق عشرات المليارات بالكرونة الدنماركية، ما يعادل على الأقل 1.5 مليار دولار، لتعزيز وجود أقوى في القطب الشمالي. ضم كندا تصريحات ترمب المثيرة للجدل، طالت أيضًا كندا بعدما دعا أمس إلى ضمها لأراضي الولايات المتحدة، وذلك في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالته. وقال ترمب في منصة تروث سوشيال «إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعريفات جمركية، وستنخفض الضرائب بنحوٍ كبير، وستكون كندا آمنة تماما من تهديد السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار». وكان ترمب قد هدد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على السلع الكندية والمكسيكية بمجرد توليه الرئاسة. والولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأكبر لكندا ووجهة 75% من صادراتها. ويعتمد عليها نحو مليوني كندي من إجمالي السكان البالغ عددهم 41 مليون نسمة. السيطرة على قناة بنما طموحات ترمب بضم مناطق أو السيطرة على أخرى لم تتوقف عند غرينلاند وكندا فحسب، بل وصلت إلى حد التهديد بالسيطرة على مسلك بحري بين الأطلسي والهادئ وهو قناة بنما ما أثار سخط السلطات هناك. ويعتقد ترمب أنه يتعين على الولايات المتحدة استعادة السيطرة على هذه القناة لأهميتها الاستراتيجية في الأمن القومي الأميركي. وانتقلت قناة بنما التي شيّدتها الولايات المتحدة ودشّنت في عام 1914 إلى الإدارة البنمية في 31 / ديسمبر 1999، بموجب معاهدات أبرمت سنة 1977 بين الرئيس الأميركي في ذاك الوقت جيمي كارتر ونظيره في بنما عمر توريخوس. وتربط القناة بين المحيطين الأطلسي والهادئ وتمتد على 80 كيلومترا. كما يمثل هذا الممر المائي الذي تعبر فيه 5 % من المبادلات التجارية البحرية العالمية، 6 % من الناتج المحلي الإجمالي في بنما و20 % من عائداتها الضريبية. دور عسكري حيوي وقال ألكسندر غراي، الذي شغل منصب نائب مساعد للرئيس وكبير الموظفين في مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض في الفترة من 2019 إلى 2021، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية ، إن ترمب أعرب مؤخرا عن أسفه لأن الولايات المتحدة تخلت عن السيطرة على قناة بنما، وهو موقف يتسم بالمنطق الاستراتيجي ويتوافق مع السياق التاريخي. وأوضح أن ترمب، الذي يُعد الرئيس المحافظ الأكثر تأثيرًا منذ عهد رونالد ريغان، يشترك مع الأخير في فهمه الغريزي للمصالح الوطنية الأميركية، وبشكل أكثر تحديدا، في تشككه المنطقي تجاه التنازل عن القناة التي شقتها الولايات المتحدة. وأشار غراي أن قناة بنما لا تزال تلعب دورا عسكرياً حيوياً للولايات المتحدة، وهو ما قد يبرر استمرار السيطرة الأميركية عليها. ويتطلب نقل الجزء الأكبر من القوة البحرية الأميركية في أوقات الأزمات من السواحل الشرقية إلى الغربية، ومن ثم إلى منطقة المحيط الهادئ، وصولا غير معرقل إلى القناة. وتعد تصريحات ترمب مثالا نادرا للغاية لرئيس أميركي يقول إنه يستطيع الضغط على أي دولة ذات سيادة لتسليم أراض. كما تؤكد هذه التصريحات التحول المتوقع في الدبلوماسية الأميركية في عهد ترمب، الذي لم يتردد من قبل في تهديد الحلفاء واستخدام الخطاب العدواني عند التعامل مع النظراء.
مشاركة :