ولد ازدهار قطاع البناء والتشييد على المستوى العالمي طلباً هائلاً على الرمل حتى في المدن المحاطة به. وبات الرمل الذي لم نكن نهتم به، ونراه في كل مكان حولنا، من الصحارى إلى الشواطىء مروراً بساحات لعب الأطفال، ورغم وفرة مصادره، يغذي اتجاهاً عالمياً للاستيلاء على الأراضي الرملية، حتى إنه أدى إلى خلق عصابات مختصة في تهريب الرمال كما أورد تحقيق لموقع بي بي سي العربي. واستوردت دولة الإمارات ما قيمته 456 مليون دولار (1.7 مليار درهم) من الرمال والصخور والحصى في عام 2014، حسب ما ذكرته الأمم المتحدة. بالرغم من وقوعها في قلب الصحراء، فإن دبي بُنيت بالرمل المستورد، بحسب باسكال. فرمال الصحراء التي تشكلها الرياح ناعمة جداً ولا تصلح للبناء هناك. ونجد في هذه الأثناء أن الحاجة إلى الرمل قد انخفضت في المملكة المتحدة بسبب تباطؤ تشييد المباني الجديدة وحصول المواد المعاد تدويرها على الدعم من قبل الساسة. وقبل ست سنوات، كان العالِم باسكال بيدوزي يقوم بأبحاث عن تآكل الشواطىء في مدينة نيجريل في جامايكا. في تلك الأثناء، أصابته الدهشة بعد حوارات أجراها مع ساكني قرية ساحلية يعملون في صيد الأسماك. فعلى الرغم من أجهزة الجغرافيا المكانية وأدوات الاستشعار عن بعد التي كان يستعملها لمسح الأضرار التي تصيب تلك البيئة الساحلية، لم يستطع أن يتكهن بسبب واحد للتآكل الحاصل للشاطىء الغربي في جامايكا. فقد أخبره السكان المحليون عن عصابات مافيا يعملون في تلك المنطقة، وهم رجال مسلحون يأتون إلى الشاطىء في منتصف الليل وينقلون أكياساً من الرمل، من أجل بيعه لشركة للبناء تستخدمه في إنشاء مجمع سكني ساحلي جديد. وقال بيدوزي، وهو مدير العلوم في قسم الإنذار المبكر والتقييم في برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: صُدمت لسماعي أن الناس يتقاتلون من أجل الرمل. وأضاف: عملت لأكثر من 20 عاماً في علوم البيئة، لكن الرمل كان بمثابة مفاجأة بالنسبة لي. ولأنه يستعمل في مواد البناء، صمد الرمل أمام اختبار الزمن. ففي عام 3500 قبل الميلاد، صنع المصريون القدماء وسكان بلاد ما بين النهرين الزجاج من الرمل، الذي تكون بشكل رئيس من عملية طحن الرياح والمياه للصخور لتحولها إلى حبيبات غنية بمادة السيليكون. وفي وقتنا الحاضر، يستعمل عاملو البناء في كافة بقاع العالم مصادر هذه المادة الطبيعية، الموجودة في الأنهار والبحيرات والمحيطات، في العديد من مواد البناء، بما فيها الأصباغ والأسمنت. ومع ازدهار قطاع البناء عالمياً والبدء في استعمال تقنية التكسير الهيدروليكي، التي تقوم على استخدام الرمال لاستخراج النفط والغاز من الآبار في الولايات المتحدة الأمريكية، تزايد الطلب على الرمل بشكل مفاجىء. وفي عام 2014، وصلت كميات الرمل، ونظيره الأكبر الحصى، المستخرجة من مختلف بقاع العالم إلى 196 مليون طن، وفقاً لوكالة المسّاح الجيولوجي الأمريكي. ويأتي الماء بعد الرمال كأكثر الموارد الطبيعية وفرة من حيث كثرة الاستعمال، حسب قول بيدوزي. ويستعمل الرمل في كل شيء تقريباً، بداية من استعماله في مرشحات أحواض السباحة، إلى السبائك المعدنية، مروراً بآبار النفط، وشاشات الهواتف الذكية، وحتى بعض معاجين الأسنان. وقُدرت القيمة الإجمالية لسوق الرمل والحصى ب8.3 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الماضي، وبلغت 2.5 مليار دولار في المملكة المتحدة في 2013، حسب وكالة المساح الجيولوجي الأمريكي، و جمعية المنتجات المعدنية البريطانية. ويتوقع أن يزداد الطلب العالمي على الرمل بنسبة 5.5 في المئة سنوياً حتى 2018، حسبما جاء في تقرير مجموعة فريدونيا الاقتصادية.
مشاركة :