محاربة الأفكار الجديدة.. مؤامرة على العقل البشري

  • 5/21/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: الخليج جون بانيل بيوري (1861-1927) مؤرخ بريطاني ولد في إيرلندا، ثم أصبح أستاذاً في جامعة كمبردج، نشر عدة كتب منها تاريخ حرية الفكر عام 1914 الذي صدر قبل وفاته بسنوات، وقد ترجمه إلى العربية محمد عبد العزيز إسحق، وصدره بقوله: هذا كتاب للشباب، كتبه مفكر حر، لا يقيم وزناً للفوارق بين الأجناس، ولا للخلافات بين العقائد، وقدمته لجنة كوّنها شباب، وجعلت حرية الفكر مبدأ وشعاراً، واتخذت لها منهجاً، فلا تنشر إلا ما يعين على التحرر الفكري، وما يوقظ في النفوس الوعي، وما يقدم إلى هذا الشرق العربي الناهض غذاءً عقلياً من الحضارات المعاصرة. الكتاب الذي قدم لطبعته الجديدة د. إمام عبد الفتاح إمام يوضح أنه من هذه المبادئ الأساسية جاء الكتاب في ثمانية فصول، يعرض فيها المؤلف في البداية لمعنى حرية الفكر والقوى التي تناصبها العداء، فيرى أن حرية الفكر لا تعني أن يفكر المرء كيفما أراد في حدود مواهبه الخاصة، فهذه الحرية الفكرية الطبيعية لا تجدي على صاحبها ولا على الناس شيئاً، ما دام الإنسان المفكر لا يستطيع إيصال أفكاره للآخرين، فحرية الفكر تعني باختصار حرية التعبير، فقد ينظر المرء بعمق إلى الآراء والعادات في مجتمعه، فينبذ ما تعصب الناس له من معتقدات، فإذا ما تمكنت منه الآراء الجديدة، أصبح من الصعب كتمانها في نفسه. لقد أصبحت حرية الفكر والتعبير مكفولة في البلاد المتحضرة وحدها، لكن ذلك لم يكن أمرا سهلا، بل اقتضى قروناً طويلة لإقناع الناس أن الخير لهم أن تطلق حرية الإنسان في نشر أفكاره، ومناقشة كل ما يعرض له من آراء، وقد يعود النفور من الآراء الجديدة إلى الكسل العقلي عند الناس، وقد يعود إلى غريزة المحافظة على الذات، وقد يعود إلى تحجر الآراء والأفكار، وتحولها إلى مذاهب محافظة، تصور الجديد على أنه خطر داهم على المجتمع، وهكذا تظهر الخرافات التي تمنع المجتمع من الحركة والتقدم. كانت هذه الآراء قوية وراسخة في القرون الأولى من تطور البشرية لكنها للأسف لا تزال قائمة في كثير من المجتمعات المتخلفة التي تنظر إلى الإصلاح على أنه إساءة إلى المعتقدات الموروثة، التي ترتبط في كثير من الأحيان برؤية مغلوطة لتعاليم الدين، وقد يرى البعض أن من مصلحتهم منع هذه الأفكار الجديدة، لأنها تهدد سلامة المجتمع واستقراره. يشير المؤلف إلى فكرة في غاية الأهمية، وهي البرهنة على صحة الأفكار، ويرى أن الخرافات تأتي عن طريق النقل، وليس ثمة برهان عليها، ويتحدث بشيء من التفصيل عن الفكر الطليق عند الإغريق والرومان، وإبداعهم عن حرية الحوار والمناقشة، فقد كانت أثينا في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد أقوى المدن الإغريقية وأعظمها، كما كانت ديمقراطية بمعنى الكلمة، ويقارن المؤلف بين هذا الفكر الحر الطليق عند اليونان والرومان والفكر في الأغلال في العصور الوسطى منذ اعتنق الإمبراطور قسطنطين الأول المسيحية وهو على فراش الموت، فأصبحت المسيحية هي الديانة الرسمية لروما، فردت ما ذاقه المسيحيون من عذاب واضطهاد، ثم يصل إلى عصر التسامح الديني في القرن السابع عشر، وينهي بالحديث عن قيمة الفكر، ويرى أن ما حدث طوال التاريخ كان مؤامرة مشؤومة على الرقي البشري.

مشاركة :