اتفق وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بختام جولة إقليمية قام بها الأول على تعزيز العلاقات بين بلديهما خصوصاً في مجالات أمن الحدود والطاقة والنقل ومنع ظهور «داعش»، في وقت جددت واشنطن مطالبتها بمرحلة انتقالية جامعة لكل السوريين بالتزامن مع إعلان دمشق تشكيل لجنة لوضع ترتيبات بشأن إدارة تلك المرحلة. عشية مرور شهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وسيطرة الفصائل المسلحة بقيادة هيئة «تحرير الشام» على دمشق، أجرى وزير الخارجية بالإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني مباحثات مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في عمّان، أمس، تمخض عنها اتفاق لدفع سبل تعزيز العلاقات الشاملة بين بلديهما وآليات التعاون في مجالات عدة منها الحدود والأمن والطاقة والنقل ومحاربة تنظيم «داعش». وقال الشيباني، في مؤتمر صحافي مشترك مع الصفدي في عمّان، التي وصل إليها في ختام جولة إقليمية استهلها من السعودية وشملت قطر والإمارات، إن دمشق تتعهد بألا يشكل تهريب المخدرات تهديداً للأردن مجدداً في ظل الإدارة الجديدة. وأضاف أن المباحثات الموسعة، التي شارك بها من الجانب السوري وزير الدفاع مرهف أبوقصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب، ومن الجانب الأردني رئيس هيئة الأركان يوسف الحنيطي ومدير المخابرات أحمد حسني، شملت مجالات الحدود والأمن والطاقة والنقل والمياه والتجارة. كما أشار إلى أن حكومته تشكل لجنة تحضيرية موسعة للحوار الوطني تستوعب التمثيل الشامل للشعب السوري، مؤكداً أن التنوع فرصة لبناء سورية المستقبل، «ولا ننظر إلى سورية إلا موحدة». دمشق تستأنف الرحلات الجوية الدولية برحلة قطرية وتترقب وصول سفينتين من تركيا والدوحة لتوليد 800 ميغاوات كهرباء وأكد الشيباني أن سورية ستكون مصدر أمان للتعامل مع جيرانها، ودول المنطقة، ولن تمارس سياسة الابتزاز «التي كان يمارسها النظام السابق». وأضاف: «الإدارة السورية الجديدة تحاول الإيفاء بالتزاماتها، وبناء علاقات إيجابية تنعكس على دمشق وعمّان». وتحدث الشيباني عن حرص الإدارة الجديدة على القيام بمزيد من الزيارات للدول العربية لتأكيد استعادة سورية دورها الفاعل، وللإجابة عن أي تساؤلات بشأن الدولة السورية الجديدة، في إشارة إلى المخاوف الإقليمية والدولية بشأن خضوع دمشق لحكم فصائل متشددة. وفي أول تعليق لوزير بالحكومة السورية المؤقتة بشأن الإجراء الأميركي الأحدث حول تخفيف الولايات المتحدة القيود التي تفرضها على توريد المساعدات إلى بلده بشكل مؤقت، رأى الشيباني أن ما حدث يجب أن يكون خطوة نحو رفع العقوبات بشكل كامل. من جهته، أوضح الصفدي أن الأردن سيتعاون مع سورية لمنع عودة ظهور تنظيم «داعش» مجدداً، مشيراً إلى اتفاق بين الجانبين على تشكيل لجنة أمنية مشتركة لتأمين الحدود ومكافحة تهريب المخدرات والأسلحة. وبين أن بلده مستعدة لتوفير الكهرباء والغاز بشكل فوري لسورية، لافتاً إلى استمرار عمان في دعم اللاجئين السوريين حتى تتوفر ظروف عودتهم لبلادهم. وأوضح الصفدي أن الأردن سيعمل على العديد من المسارات لتحقيق التنسيق العربي الكامل مع الإدارة السورية. مطالب وانفتاح إلى ذلك، جدد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، دعم بلاده للانتقال السياسي السلمي نحو «حكومة شاملة وخاضعة للمساءلة» في سورية، خلال اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود. وذكر بلينكن، أن «احترام الحقوق والحريات الأساسية لجميع السوريين، بما في ذلك الأقليات، ومنع استخدام سورية كقاعدة للإرهاب، هو هدف مشترك للمجتمع الدولي». وأكد أنه يجب على المجتمع الدولي تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى عموم سورية، وشكر الحكومة السعودية على تقديم المساعدات للشعب السوري. وتزامنت الاشتراطات الأميركية بشأن جمع السوريين مع خطوات انفتاح إقليمية وغربية حذرة باتجاه سورية ما بعد الأسد، إذ هبطت طائرة ركاب قطرية في مطار دمشق لأول مرة منذ نحو 13 عاماً، في أول يوم لاستئناف الرحلات الجوية الدولية في سورية. وأكدت الخارجية القطرية أن الدوحة ستسير 3 رحلات أسبوعياً إلى سورية. كما رحبت الدوحة بالتخفيف الجزئي للعقوبات الأميركية، آملة في أن «ترفع العقوبات بشكل دائم لتسهيل الدورة الاقتصادية». بموازاة ذلك، حطت طائرة تابعة للخطوط الجوية الملكية الأردنية في العاصمة السورية دمشق في رحلة تجريبية، فيما قال رئيس منظمة الطيران الإيرانية إن بلاده تستعد لتسيير رحلات جوية إلى دمشق. وأفادت وكالة الأنباء السورية، «سانا» بأن سورية تستعد لاستقبال سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر، موضحة أن السفينتين ستولدان 800 ميغاوات بما يعادل نصف ما يجري توليده حالياً في البلاد وبما يسهم في زيادة حصة السوريين من الكهرباء بنسبة 50 في المئة تقريباً. انتقالية وشروط في غضون ذلك، ذكرت أوساط سياسية سورية أن المرحلة التي ستشهدها البلد عقب انتهاء مهلة الثلاثة أشهر التي حددتها الإدارة الحالية بقيادة رئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير، ستشهد توافقاً على تسمية رئيس للمرحلة الانتقالية. وتختلف الترشيحات لرئيس المرحلة الانتقالية بين الدول الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف السوري، لكن ثمة إجماع على خمسة أسماء سيكون لها النصيب الأوفر لقيادة سورية في المرحلة الانتقالية التي توقع قائد الإدارة العسكرية بالمرحلة المؤقتة وزعيم «تحرير الشام» أحمد الشرع أن تمتد إلى 4 سنوات. وبحسب التوقعات، فإن الشخصيات هي رياض حجاب رئيس الوزراء الأسبق الذي انشق عن النظام، ومناف طلاس العسكري المنشق عن الجيش السابق، ومعاذ الخطيب القيادي الإسلامي المعتدل رئيس الائتلاف المعارض الأسبق، إضافة إلى الممثل والفنان جمال سليمان. وفي وقت لم تحدد حكومة البشير موعداً دقيقاً لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني مع إعطائها الأولوية لجمع السلاح واستعادة الأمن وإطلاق جهد منظم لتوحيد الفصائل لمقاتلة في الجيش الجديد، أكد زعيم «الموحدين الدروز» في سورية حكمت الهجري أن طائفته ستكون «أول من يسلم السلاح للجيش الجديد «بعد الحوار وتأسيس الدولة». وجاء ذلك بينما أعلن أكبر فصيلين عسكريين في محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، عن «خريطة طريق» جديدة للمرحلة المقبلة، تهدف لبناء «وطن قائم على العدالة وسيادة القانون»، وأعربا عن استعدادهما «للاندماج ضمن جسم عسكري يشكل نواة لجيش وطني جديد يرفض أي طابع فئوي أو طائفي»، بعد الإطاحة بنظام البعث. وشدد الإعلان الصادر عن فصيل «رجال الكرامة» وفصيل «لواء الجبل» في المحافظة الجنوبية، على أن نهاية حكم الأسد، تمثل فرصة تاريخية لتأسيس دولة عادلة، مؤكدين أن حمل السلاح كان «دفاعاً عن أهل السويداء بكل أطيافهم»، وأنه «وسيلة اضطرارية وليس غاية». تمشيط ورعب من جانب آخر، بدأت قوات إدارة الأمن العام بالتعاون مع إدارة العمليات العسكرية حملة تمشيط بمنطقة الزبداني، شمال غربي العاصمة دمشق، لملاحقة فلول النظام ممن رفضوا تسليم سلاحهم والتسوية ومصادرة مستودعات ذخيرة مخبأة، فيما تحدث «المرصد السوري» لحقوق الإنسان عن تفاقم العنف في معظم المناطق السورية، مع تصاعد جرائم القتل العشوائي والإعدامات الميدانية، وسط غياب شبه كامل للسلطة القانونية. وجاء ذلك في وقت تواصلت أعمال القتال في شمال البلاد بين قوات سورية الديمقراطية (قسد) وفصائل سورية تتبع الجيش الوطني المدعوم من تركيا بريف حلب.
مشاركة :