معرض مغربي يعيد اكتشاف المسار الفني للرسامة الشعيبية طلال

  • 1/9/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط- الشعيبية طلال واحدة من رموز الفن التشكيلي في المغرب التي لا يتوانى الوسط التشكيلي على التذكير بأهمية تجربتها ومدى تأثرها بالحركات الفنية العالمية وكيف لاحظ الغرب موهبتها واستثمر فيها ودعمها. ويشكل معرض “الشعيبية/ كوبرا.. عندما تتقاطع الحريات” المنعقد في متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، أحدث هذه المعارض المحتفاة بالفنانة الراحلة، وهو فرصة لتسليط الضوء على المسار الفني للفنانة الراحلة ودعوة مفتوحة لاكتشاف وإعادة اكتشاف أعمالها من زاوية نظر جديدة. بوكس ويحتفي المعرض الذي تنظمه المؤسسة الوطنية للمتاحف ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، إلى غاية 3 مارس المقبل، بالشعيبية طلال، الشخصية البارزة في الفن المغربي، والتي تجسد فنا تشكيليا يتميز بتلقائية وألوان تتناغم مع مبادئ حركة كوبرا، التيار الفني الثوري الذي ميز أوروبا بين سنوات 1948 و1951 والمعروف بالطابع الفوضوي والتحرري. وحسب المنظمين، فإن هذا المعرض يسلط الضوء أيضا على “ترافق خلاق، حيث يلتقي ويتجاوب المصطلح التعبيري والفعل الحر الذي انتهجه الفنانون التشكيليون الذين تمكنوا من تجاوز القواعد الفنية الأكاديمية. كما يبرز كيف أثرت أعمال الشعيبية على سياقها العالمي، بحيث استطاعت أن تمزج بين الأصالة المغربية والنهج التحرري لحركة كوبرا.” وأشار بلاغ المنظمين إلى أن “النقاد يجمعون على أن هذا المزج الفني شكل جسرا بين الثقافتين المغربية والأوروبية، مما ساهم في منح الشعبية صفة الفنانة العالمية.” ويتكون المعرض الذي يبرز الروابط العميقة بين هذين العالمين الفنيين، مما يخلق حوارا خصبا ومثمرا بينهما، على الخصوص، من تشكيلة من التحف الفنية التي جلبت من المجموعة الدائمة المتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر وكذا من مجموعة متحف سيريس فرانكو بفرنسا. وقال رئيس المؤسسة الوطنية المغربية للمتاحف، مهدي قطبي، إن هذا المعرض الذي يتزامن مع بداية العام الجديد، يحتفي بـ”الأيقونة المغربية الشعيبية طلال، ويستحضر الروابط القوية التي جمعتها بأعضاء حركة كوبرا الفنية، والتي تبرز الحضور المتميز للمغرب على الساحة الفنية الدولية.” وأبرز قطبي أن هذه التظاهرة تضاف إلى سلسلة المعارض التي يحتضنها متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر الذي يحتفي بمرور عشر سنوات على تأسيسه، ويمثل أحد ثمار رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس الرامية إلى جعل الثقافة ركيزة أساسية للتنمية. من جانبه، أكد رئيس قسم المتاحف بالمؤسسة الوطنية للمتاحف، عبدالعزيز الإدريسي، أن “الشعيبية/ كوبرا.. عندما تتقاطع الحريات” يمثل استمرارا لمعرض “كوبرا” الذي يحتضنه متحف محد السادس للفن الحديث والمعاصر، على اعتبار أن أعمال الراحلة الشعيبية طلال تتقاطع مع حركة “كوبرا” إن على مستوى الموضوعات أو الألوان أو حركية العمل الإبداعي المرتبط بما يعرف بالفن الفطري. وأشار إلى أن رواد حركة “كوبرا” هم من منح الفنانة الشعيبية طلال صفة “الفنانة الفطرية”، باعتبارها كانت قريبة في أعمالها الفنية من توجه هذه الحركة التي كان لها تأثير على المسار الإبداعي للعديد من الفنانين التشكيليين في النصف الثاني من القرن الماضي عبر العالم. بوكس يذكر أن الفنانة الشعيبية طلال (1929 – 2004) فنانة عصامية تعتبر من أشهر الرسامين المغاربة بفضل لوحاتها التي تنتمي إلى “الفن الفطري”. ونظمت الراحلة معرضها الأول سنة 1966 بالدار البيضاء وأقامت بعد ذلك العديد من المعارض بالمغرب والخارج. وعرف المسار الفني للفنانة الراحلة أوج توهجه سنة 1965، حيث شكل لقائها بسيريس فرانكو والتي أصبحت فيما بعد، منظمة أروقتها الفنية المفضلة، وبالفنان التشكيلي كورنبي العضو المؤسس لحركة “كوبرا”، منعطفا حاسما في مسارها الفني. وقد مكن إعجاب هذين الفنانين بالطاقة والأصالة التي ميزت أعمال الشعيبية من ربط علاقة صداقة بين الثلاثة، حيث أصبحا من أشد المتحمسين لأعمالها، وقد وجدا في نهجها الفني نفس الخصائص التي تميز حركة كوبرا. وبفضل مساندتهما، التحقت الشعيبية بمجموعة الفنانين التشكيليين العالميين وتمكنت من عرض أعمالها بأروقة العرض الفني بباريس. لوحاتها مميزة تأتي بأسلوب فطري عصامي لا يخضع لضوابط أكاديمية، فهي لم تتقن حتى الكتابة، وإنما هي لوحات مفعمة بالألوان تصور شخوصا مغربية الأصل، وتركز على وجوه النساء، فهي لطالما رسمتهن محاطات بجمال الطبيعة وصخب الألوان والأزياء والزخارف والأشكال، وكانت أولى أعمالها على قطع من السجاد المصنوع يدويا، وعبّرت عن ذلك في مقابلة قالت فيها “أنا عندما أرسم أكون كالطائر في السماء وكالغرس في الأرض، واللوحات التي أرسمها تنبع أفكارها من مسقط رأسي المفعم بالطبيعة.” ونظمت الشعيبية العديد من المعارض داخل المغرب وخارجه، كما أن لوحاتها توجد ضمن مجموعات عمومية ببعض المؤسسات والمتاحف من ضمنها المؤسسة الوطنية للفنون المعاصرة بباريس ومتحف الفن الخام بسويسرا ومتحف أوقيانوسيا بباريس ومتحف الفن الحي بتونس. ومن خلال هذا المعرض، تواصل المؤسسة الوطنية للمتاحف العمل على الاحتفاء بإبداعات الفنانين المغاربة، مع توسيع آفاقها بشكل مستمر من خلال عرض أسماء بارزة في عالم الفن الدولي. يشار إلى أن الحركة الفنية “كوبرا” ظهرت في باريس عام 1948 على يد مجموعة من الرسامين التعبيريين الذين تميزت أعمالهم باستخدام الألوان الصارخة، وأساليب جديدة تعتمد على التعبير التلقائي والإبداعي. واشتق اسم الحركة من الحروف الأولى لمدن كوبنهاغن وبروكسل وأمستردام التي ينتمي لها هؤلاء الفنانون. ويُعتبر الرسام الدنماركي آسغر جورن رائد هذه الحركة.

مشاركة :