لا تحبه لأنهُ حقيقي .. لكن تعشقُه لأنه وهم

  • 5/21/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

مأساة العلاقات الاجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تأخذ بعدا آخر، بعدا أقرب للوهم، وإدمان الخيال الناتج عن العملية التخيلية للطرفين في هذه العلاقة التي تجنح كثيرا لأن تكون أحد أشكال التعاطي، وأبرز الإشكالات التي يواجهها الإنسان المعاصر في ظل التزايد الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي. عبرت رواية «نسيم الصبا» للروائي النمساوي دانيل غلاتاور الصادرة عن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، عن حالة الوهم التي تنشأ بين مستخدمي الطرق الحديثة للتواصل الاجتماعي وتشمل البريد الإلكتروني، وترتكز الرواية في حكايتها على حوارات بين شخصيتي البريد الإلكتروني، ودشنت العلاقة بخطأ في العنوان أرسته بطلة الرواية «إيمي» إلى «السيد لايكه» لتتطور الأحداث ويقعان في الحب. لا يكاد يحبس القارئ أنفاسه، يشعر بتلصصه على العلاقة السرية بين البطلين، يلاحق الحوار الذي يأخذ الطابع النفسي غالبا، حيث يغيب رسم الشخصية الدقيق ليستعيض القارئ بخياله ويدخل مشاركا في هذا الوهم الكثيف، الوهم الذي يشبه الحقيقة، ويتجلى في أن اللعبة المحورية في العمل هي اللقاء، اللقاء الذي يستحل الوداع في الحقيقة. تقلب الحقائق في ثنايا الرواية، يأخذنا إلى أسئلة عدة لا يمكن للقارئ أن يغفلها، هل يعني اللقاء لقاء؟، وماذا لو التقيا هل ستنتهي العلاقة بينهما؟، وما الذي دعا زوج «إيمي» إلى التخلي عن غيرته ليطالب «السيد لايكه» بلقاء زوجته؟، ولماذا وصف الأخير التقبيل بالكتابة قائلا «الكتابة كالتقبيل»؟ إن المتتبع لخيوط الحكاية، لا يستطيع أن يجدها حاضرة بكامل صحتها، بل يجدها تأخذ وهما، تتشكل الحروف كرموز تخلق إنسانا في الخيال، إنسانا يغيب في حضوره وغيابه، تشتاق البطلة إلى خيالها، أي إلى حضور حبيبها في مخيلتها، وتدمن المنولوج الداخلي للحوار الحميم، والقراءة النفسية التي تعد أحد وظائف عشيقها الذي تصفه «كجزيرة» خارج محيط عائلتها الصغيرة. المكوث في الرواية يترك القارئ يتحسس النهاية منذ بداية الرواية، يستشف قدرة الروائي على خلق الوهم في ثلاثة أبعاد، بين الشخصيتين والقارئ، لتنتهي الرواية بعدم اللقاء، ويحدث الرحيل المفاجئ برسالة إلكترونية من الشركة المستضيفة لبريد السيد لايكه ويتلاشى الوهم، يتلاشى الخيال.

مشاركة :