«كان هناك الكثير من المنازل لحمايتها، وليس ما يكفي من سيارات الإطفاء»، هكذا قال أحد قادة الإطفاء في لوس أنجلوس الأميركي، حول جهودهم في مواجهة حرائق الغابات العملاقة التي أصبحت أكثر شيوعًا في كاليفورنيا خلال العقد الماضي. وبينما يؤكد مسؤولو الإطفاء أنهم كانوا مستعدين جيدًا لكنهم واجهوا تحديًا قاسيًا من الطبيعة، تُثار تساؤلات حول ما إذا كانت العشرات من إدارات الإطفاء الفيدرالية والمحلية قد نشرت موارد كافية، ومدى فاعلية أدوات مكافحة الحرائق الحديثة في مواجهة حرائق الغابات العملاقة التي أصبحت أكثر شيوعًا في كاليفورنيا خلال العقد الماضي، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة « نيويورك تايمز » الأميركية. وقد أودت الحرائق المشتعلة في لوس أنجلوس بحياة ما لا يقل عن 11 شخصًا ودمرت آلاف المنازل. مواجهة 4 حرائق بعد ساعات فقط من اندلاع الحريق الأول الأسبوع الماضي، بدأ الوضع يتطور إلى شيء لا يشبه المعتاد عند هبوب رياح «سانتا آنا» التي تهب من صحراء موهافي. واشتعل حريق ثانٍ كبير في منطقة ألتادينا ودمر أكثر من 5000 منشأة، كما اندلع حريق ثالث في سيلمار، إلى شمال المدينة، وآخر في اليوم التالي في تلال هوليوود. واعترف أنطوني ماروني، رئيس إدارة إطفاء مقاطعة لوس أنجلوس، سريعًا بأن الآلاف من رجال الإطفاء في المنطقة لم يكونوا كافيين لمواجهة الحرائق. وقال في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء: «نحن نبذل قصارى جهدنا، ولكن لا، ليس لدينا ما يكفي من رجال الإطفاء»، مضيفًا: «كانت إدارة إطفاء مقاطعة لوس أنجلوس مستعدة لمواجهة حريق أو اثنين كبيرين، وليس أربعة». ظروف خطيرة للغاية خلقت الرياح العاتية ذات القوة الشبيهة بالإعصار، مع انخفاض الرطوبة والأراضي الجافة، ظروفًا خطيرة للغاية. وصرح ماروني أن تضاريس المنطقة الجافة وتركيز المنازل المحاطة بتلال مشجرة جعلت المنظر الطبيعي غير قابل للدفاع عنه، مضيفًا: «في المرة القادمة لن أفعل شيئًا مختلفًا لأنني لا أشعر بأنني ارتكبت أي خطأ هذه المرة». كان لدى مسؤولي إطفاء مدينة لوس أنجلوس وجهة نظر مشابهة. وقال باتريك ليونارد، قائد كتيبة في إدارة إطفاء لوس أنجلوس، مشيرًا إلى رئيسة الإطفاء في المدينة، كريستين كراولي: «قامت رئيسة الإطفاء بكل ما تستطيع مع الموارد المتاحة». ومن المقرر أن يثار موضوع الموارد في الأسابيع القادمة عند تحليل استجابة الحرائق، إذ طالما صرحت إدارة إطفاء لوس أنجلوس لسنوات بأنها تعاني من نقص خطير في التمويل. وذكرت مذكرة أرسلت إلى قادة المدينة في ديسمبر/كانون الأول من قبل كريستين كراولي أن التخفيضات الأخيرة في الميزانية «حدّت بشدة من قدرة الإدارة على الاستعداد والتدريب والاستجابة للطوارئ واسعة النطاق، بما في ذلك حرائق الغابات». عوامل أخرى هناك عوامل أخرى تلعب دورًا، إذ حذر خبراء الحرائق منذ زمن طويل من أن تغير المناخ وزيادة بناء المنازل خارج المناطق الحضرية يضغطان على قدرة رجال الإطفاء على منع الحرائق واحتوائها. ومع تزايد الحرائق من حيث الحجم والتعقيد، استكشفت كاليفورنيا سبل التخفيف عبر تقليل الشجيرات في الغابات، وتعزيز شبكات الكهرباء، وتحسين حماية المنازل. ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذا غير كافٍ. وطرحت حرائق لوس أنجلوس أيضًا تساؤلات حيوية حول كيفية تمكن الإدارات من مكافحة هذا العدد الكبير من الحرائق القوية دفعة واحدة. إذ كلفت مقاطعة لوس أنجلوس بإجراء تقييم أظهر أن اندلاع الحرائق المتزامن أبطأ قدرة وكالات الإطفاء الأخرى على مكافحة النيران لأنها كانت بالفعل مشغولة. وقالت لوري مور ميريل، رئيسة إدارة الحرائق الأميركية، وهي قسم من الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، إنها تعتقد أن سبب الدمار الواسع النطاق لم يكن بسبب استجابة رجال الإطفاء. وأضافت: «لقد نشروا ما يكفي»، موضحة: «كان هذا الحريق شديدًا للغاية. ليس هناك إدارة إطفاء في العالم كانت ستتمكن من احتوائه». تحديات تتجاوز القدرات بدأت فرق المساعدة المتبادلة من جميع أنحاء الغرب وما بعده بالتدفق نحو لوس أنجلوس، وحاول رجال الإطفاء دون جدوى البقاء متقدمين على النيران العنيفة. وقال الكابتن جيسون رولستون من إدارة إطفاء مقاطعة أورانج، الذي كان من بين الذين سافروا للانضمام إلى جهود مكافحة الحرائق في لوس أنجلوس: «كانت الموارد نادرة» خلال الساعات الأولى من الحرائق. وأضاف: «كان هناك الكثير من المنازل التي تحتاج للحماية، وعدد غير كافٍ من شاحنات الإطفاء». وكانت الرياح تهب بقوة لدرجة أن الدخان كان يغطي التضاريس. وأوضح رجال الإطفاء أن الأمطار الغزيرة من الرماد والسخام كانت غامرة لدرجة أنهم كانوا يكافحون حتى للتحرك عبر منطقة الحريق. نفاد المياه في مواجهة النيران كما ألقى انقطاع المياه أثناء الحرائق في لوس أنجلوس الضوء على ضعف البنية التحتية، مع تحذير الخبراء من أن الحرائق المتزايدة تطلب مراجعات جذرية لطرق الاستجابة. إذ ذكر بعض رجال الإطفاء أن الطلب الكبير على أنظمة المياه أدى إلى نفاد المياه. وأوضح الكابتن رايان برومباك من إدارة إطفاء مقاطعة لوس أنجلوس أنه بعد 5 ساعات من الجهود المكثفة لإنقاذ المباني، في وقت مبكر من صباح الأربعاء، بدأت صنابير المياه في الجفاف. وقال فجأة: «لاحظنا أن خراطيم المياه أصبحت رخوة وناعمة للغاية»، مشيرًا إلى أن المشكلة كانت نتيجة انقطاع التيار الكهربائي الذي كان يهدف إلى منع اشتعال حرائق إضافية، لكنه تسبب أيضًا في توقف المضخات التي تساعد في توفير ضغط المياه». بحلول يوم الجمعة، كانت الحرائق الكبرى الأولى لا تزال مشتعلة مع احتواء محدود للغاية، في حين أن الحرائق الأخرى التي اندلعت لاحقًا خلال الأسبوع استدعت استجابات أقوى أيضًا، لا سيما في هوليوود هيلز وويست هيلز، شمال غرب لوس أنجلوس. ولا يزال مسؤولو الإطفاء يركزون على إنقاذ الأرواح والمنازل، وأشاروا إلى أنهم سيخصصون وقتًا لاحقًا لتحليل ما إذا كانت استعداداتهم كافية. وقال العديد من الخبراء إن هذا التحليل سيتعين أن يأخذ في الاعتبار أن المبادئ التوجيهية القياسية التي طالما حددت استجابات الحرائق في حالات الإنذار الأحمر قد لا تكون قابلة للتطبيق بعد الآن، مع تغير الأحوال الجوية وزيادة عنف الحرائق.
مشاركة :