معادن السعودية: ثروات بقيمة 5 تريليونات ريال

  • 1/14/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تستضيف العاصمة الرياض النسخة الرابعة من مؤتمر التعدين الدولي في الفترة من 14 إلى 16 يناير 2025، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – يحفظه الله - يمثل هذا المؤتمر حدثًا محوريًا في سياق التحولات الاقتصادية والاستراتيجية التي تشهدها المملكة في إطار رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وتحقيق النمو المستدام، من خلال الاستثمارات العالمية والمحلية، والتعاون الدولي في هذا المجال، حيث تعزز المملكة مكانتها كمركز عالمي للتعدين وصناعة المعادن، مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة. ويجمع مؤتمر التعدين الدولي 2025 كبار المسؤولين الحكوميين من 85 دولة، بالإضافة إلى 50 من قادة المنظمات الدولية متعددة الأطراف وغير الحكومية، واتحادات الأعمال، وهو ما يعكس الأهمية العالمية لهذا الحدث الذي يشكل منصة رئيسية لتعزيز أطر التعاون في القطاع، حيث يبحث سبل تلبية الطلب المتزايد على المعادن الاستراتيجية مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس، التي تعد أساسية في التكنولوجيا المتقدمة و الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي رائد في قطاع التعدين، حيث تمثل الثروات المعدنية في السعودية فرصًا كبيرة للنمو الاقتصادي المستدام، وتستهدف المملكة من خلال المؤتمر التوصل إلى اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الشركات العالمية والمؤسسات المالية في خطوة تهدف إلى تحفيز الاستثمارات في القطاع المعدني. إمكانات السعودية في مجال التعدين والمعادن تتمتع المملكة بثروات طبيعية هائلة في قطاع التعدين، حيث تمتلك احتياطيات ضخمة من المعادن الاستراتيجية التي تؤهلها لتكون لاعبًا رئيسيًا في السوق العالمي، ومن أبرز المعادن التي تمتلك المملكة احتياطيات كبيرة منها: الذهب: حيث تعد المملكة من أكبر منتجي الذهب في المنطقة، وتملك مناجم مثل منجم مهد الذهب، الذي يقع على بعد 167 كيلو متر جنوب المدينة المنورة، وهو أحد مناجم معادن التي تتبع التعدين تحت سطح الأرض، تم استغلال الخام في عهد الملك عبد العزيز، ثم أعيد افتتاحه في عهد الملك فهد عام 1983م حتى الآن، ويحتوي المنجم على أكثر من 60 كم من الأنفاق، ويتم إجراء عمليات التنقيب على عمق عمودي يتجاوز 400 متر، ويحتوي على مصنع لمعالجة الخام بتقنية الترشيح بالكربون، وينتج منجم مهد الذهب الخام على شكل سبائك ذهب ومركزات النحاس والفضة، وقد بلغ إنتاج المنجم 29,566.34 أوقية ذهب في عام 2022. وفي نفس الإطار يأتي منجم الأمار، الذي عالج نحو مليوني طن من المواد الخام حتى نهاية عام 2016م، وأنتج ما يزيد على 365 ألف أوقية من الذهب، و450 ألف أوقية فضة، و11 ألف طن من مركزات النحاس، إضافةً إلى 40 ألف طن من مركزات الزنك. وبلغ إنتاج المنجم في عام 2022م نحو 27,443.42 أوقية ذهب. وتصدر النحاس المبادرة التي أطلقتها وزارة الصناعة والثروة المعدنية بتاريخ 1443هـ/2022م، مبادرة (الاستكشاف المسرع)، التي طرحت من خلالها رخصة للتنقيب عن المعادن، في مواقع جديدة بمنطقة الرياض وتحديدًا "القويعية"، وتكمن أهمية هذه المبادرة في تطوير صناعة النحاس تحديدًا بالمملكة، إذ بعد تنفيذ عمليات استكشاف مكثفة خلال العقود الماضية، شاركت فيها هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، التي أظهرت غنى موقع "الخنيقية" في محافظة القويعية بمنطقة الرياض بمعدني النحاس والزنك، وهذه المعادن المكتشفة قُدر عمرها الإنتاجي المتوقع بنحو 15 عامًا مقبلة، وتوقعت هيئة المساحة الجيولوجية أن يصل الطلب على النحاس إلى 3.5 ملايين طن سنويًّا بحلول عام 2030م، كونه من المعادن المهمة لقطاع الطاقة العالمي مستقبلًا، وأخذ ذلك بعين الاعتبار التركيز على إنتاجه وتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، كما احتوت منطقة عسير جنوب غربي المملكة على 52 موقعًا يكمن بها معدن النحاس، بكميات قُدرت بما يزيد على 1.6 مليون طن من النحاس الذي تبلغ درجة تركيزه 3.49%. صادرات السعودية من النحاس: يُعد النحاس ومصنوعاته ضمن السلع التي يتم تصدّيرها، ضمن تبادلها التجاري مع عدة دول، فبحسب الهيئة العامة للإحصاء بلغت صادراته في 2019م إلى هونج كونج نحو 28 مليون ريال، في حين بلغت قيمة صادراته إلى ألمانيا 33 مليون ريال، ووصلت قيمة صادراته إلى كوريا الجنوبية 370 مليون ريال، كما كان لشركة التعدين السعودية (معادن) في عام 2014م، صفقة استحواذ على مشروع النحاس في جبل صايد بمنطقة المدينة المنورة بالقرب من مركز العمق، الذي استثمرت الشركة فيه نحو 810 مليون ريال من خلال شركة "معادن بريك"، التي أسستها في مجمل خطواتها للاستحواذ على هذا المشروع. ووفقًا لدراسات سعودية وأخرى عالمية، تمتلك المملكة احتياطات عملاقة تقدر بـ 5 تريليونات ريال من المعادن غير المكتشفة، مما يجعلها واحدة من أكبر الاحتياطيات المعدنية في العالم، وهو ما يوفر فرصًا هائلة للمستثمرين الدوليين. إن المملكة تتجه بقوة نحو تحقيق طفرة غير مسبوقة في مجال الطاقة، حيث أعلنت أن الاكتشافات الأخيرة أظهرت محفظة متنوعة من اليورانيوم، ومن ثم تستهدف إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب، بل تعتزم استخدام مواردها من اليورانيوم، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية ومعايير دورة إنتاج الوقود النووي، التي تشمل إنتاج الكعكة الصفراء واليورانيوم منخفض التخصيب وتصنيع الوقود النووي، حيث تمتلك المملكة احتياطات كبيرة من هذا المعدن المهم، التي يمكن استخدامها واستغلالها تجارياً، إلى جانب تعاملها مع الاحتياطات بشفافية تؤكد ثقة العالم فيها. وتؤكد المملكة ريادتها العالمية في إنتاج الطاقة النظيفة، وصناعة المواد الهيدروكربونية، وإنتاج الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف، وهو ما يُعدّ جزءاً مهماً متمماً لإمكاناتها المعروفة في مجالي النفط والغاز، من خلال إطار عمل الاقتصاد الدائري للكربون، لما يشهده العالم من تحول نحو الاستدامة، لا سيما في قطاعي الطاقة والتعدين، إضافة لريادتها في الصناعات البتروكيماوية، حيث إن إنتاج النفط الخام فيها يُعد من بين أقل أنواع الكربون كثافة في العالم، وقد تم الاستثمار في مشاريع استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، إضافة إلى الإنتاج المستدام للمعادن، الذي يتطلب استخداماً نظيفاً وفاعلاً لمصادر الطاقة في مختلف العمليات الصناعية، والعمل على تطوير مصادر طاقة جديدة وبديلة، مثل الطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف، وبرامج الطاقة النووية المدنية، في إطار مبادرات طموحة ستجعلها وجهة للصناعة والطاقة النظيفة، بأثر كربوني محدود. إن خطط المملكة لا تقتصر على استغلال المعادن محلياً، بل تتجاوز ذلك إلى التحوط على الصعيد العالمي، لضمان توافر العناصر الاستراتيجية، حيث تتعاون وزارة الطاقة مع وزارة الصناعة والثروة المعدنية وصندوق الاستثمارات العامة وشركة (معادن) لتأمين سلسلة الإمداد الاستراتيجية للمعادن والعناصر النادرة والمهمة في العالم، ويتطلب ذلك توظيفاً لمشاريع تخزين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد، في حين ستؤدي صناعة هذه المكونات إلى ارتفاع في الطلب على المعادن، مثل النحاس، والألمنيوم، والزنك، والليثيوم، والسيليكون. *الاستثمارات المحلية والعالمية في قطاع التعدين: في إطار سعي المملكة لتنمية قطاع التعدين، خصصت الحكومة السعودية استثمارات ضخمة في البنية التحتية للقطاع. تم تخصيص 35 مليار دولار، من أجل تحفيز النمو في هذا القطاع، بما في ذلك مشروعات لتطوير البنية التحتية، تعزيز التكنولوجيا، وتحسين اللوجستيات. وعلى الصعيد الدولي، تسعى المملكة إلى جذب استثمارات ضخمة من الشركات العالمية في مجال التعدين، خاصة في الذهب و الفوسفات و النحاس، وقد بدأت شركات التعدين العالمية بالفعل في توقيع اتفاقيات استراتيجية مع السعودية، مما يعزز من موقع المملكة كمركز رئيسي في سلسلة إمدادات المعادن العالمية. التحديات والفرص المستقبلية: رغم ما تحقق من نجاحات وإنجازات، تبقى هناك تحديات، منها الاستدامة البيئية، ففي ظل التوجه العالمي نحو الاستدامة، تواجه المملكة تحديات في تطبيق معايير بيئية صارمة أثناء عمليات التعدين، لذا سيكون من الضروري تبني تقنيات صديقة للبيئة لضمان عدم التأثير السلبي على البيئة، وهذا النهج تتبناه المملكة بقوة، كما تحتاج المملكة إلى استثمارات في التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات لزيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف في عمليات التعدين. الفرص والمستقبل: إن زيادة الطلب على المعادن الاستراتيجية - مع النمو العالمي في الطلب على المعادن المستخدمة في الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية- تمتلك المملكة فرصاً ذهبية لتصبح موردًا رئيسيًا لهذه المعادن. ويمثل التعاون الدولي- من خلال المؤتمر - فرصة لتوسيع العلاقات الدولية مع الدول الكبرى المنتجة والمصنعة للمعادن، مما يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري. من المتوقع أن يسهم مؤتمر التعدين الدولي في تعزيز الاقتصاد السعودي عبر زيادة الاستثمارات في قطاع التعدين، مما يساهم في تحقيق التنوع الاقتصادي بعيدًا عن النفط، كما يعد المؤتمر جزءًا أساسيًا من رؤية السعودية 2030 ، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة عبر استغلال الثروات المعدنية، كما أن الاستثمارات في قطاع التعدين ستخلق فرص عمل جديدة، وتساهم في تطوير الصناعات المحلية، إضافة إلى تحقيق الاستقلالية في إنتاج المعادن التي تستخدم في الصناعات التقنية والطاقة.

مشاركة :