يدخل اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الأربعاء بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل حيز التنفيذ صباح الأحد بعد أكثر من 15 شهرا من حرب دموية في قطاع غزة. فمنذ السابع من أكتوبر من العام 2023، تنخرط حركة حماس وإسرائيل في حرب دامية أسفرت عن مقتل أكثر من 46 ألف فلسطيني في غزة، إضافة إلى أزمة إنسانية ودمار غير مسبوق. واندلعت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما مفاجئا على بلدات ومواقع عسكرية في جنوب إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز رهائن. ورغم الإعلان عن الاتفاق، لم تتوقف آلة الحرب عن حصد الأرواح في غزة، إذ قتل 123 فلسطينيا في غارات إسرائيلية مكثفة منذ الأربعاء الماضي، وفق ما أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة السبت. لكن العمليات العسكرية ستتوقف بين الجانبين لساعات يوميا مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار. -- هدنة وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري اليوم (السبت) أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة سيدخل حيز التنفيذ في الساعة الثامنة والنصف صباح غد (الأحد) بالتوقيت المحلي في غزة (06:30 بتوقيت جرينتش). وقال الأنصاري على حسابه الرسمي في منصة ((إكس)) "سيبدأ وقف إطلاق النار في قطاع غزة في تمام الساعة 8.30 من صباح يوم الأحد 19 يناير الجاري بالتوقيت المحلي في غزة"، مضيفا أن ذلك يأتي بناء على التوافق بين أطراف الاتفاق والوسطاء. فيما قال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب اليوم إنه "يستعد لتطبيق اتفاق إعادة المختطفات والمختطفين وفق ما صادق عليه الليلة الماضية المستوى السياسي، سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ غدًّا (الأحد) في تمام الساعة 8:30". وبعد ساعات من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، سيتم إطلاق سراح ثلاثة محتجزين إسرائيليين لم يعرف إن كانوا أحياء أو أموات من أصل 33 ضمن المرحلة الأولى مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، وفق مصادر فلسطينية وإسرائيلية. -- تفاصيل صفقة التبادل وذكرت القناة (12) الإسرائيلية أن تسليم أول دفعة سيكون يوم الأحد الساعة الرابعة عصرا بتوقيت إسرائيل. فيما سيشهد اليوم السابع الإفراج عن 4 آخرين، يليه الإفراج عن 3 محتجزين إسرائيليين في كل يوم من الأيام الـ14 و21 و28 و35 من بدء الاتفاق، أما الأسبوع الأخير من المرحلة الأولى سيتم الإفراج فيه عن 14 محتجزا، وفق القناة. وقال مصدر في حماس في تصريحات إن العمليات العسكرية ستتوقف بين الجانبين، بالإضافة لوقف النشاط الجوي الإسرائيلي لضمان حرية الحركة لجمع المحتجزين الأحياء والجثث، وذلك لمدة 12 ساعة يوميا خلال أيام إطلاق سراحهم. وتابع المصدر أنه "بالنسبة للأيام التي لا تشهد إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين من قطاع غزة، ستوقف إسرائيل نشاطها الجوي كليا لمدة 10 ساعات". وأشار إلى أن هدوءا ميدانيا محدودا ومؤقتا من الطرفين بدأ عصر اليوم لتمكين حماس والفصائل الفلسطينية من إتمام حصر الدفعة الأولى من المحتجزين الإسرائيليين. ولم يعرف طريقة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين أو الأسرى الفلسطينيين، علما بأن المهمة تولتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اتفاق الهدنة الأول في نوفمبر 2023. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان مساء اليوم أنها تستعد لتنفيذ "عملية دقيقة" تتضمن إطلاق سراح رهائن ومعتقلين وتسهيل نقلهم، وتكثيف الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة. وتشمل الأعمال التحضيرية كل الجوانب بدءا بالتفاصيل اللوجستية الخاصة بالنقل وزيادة عدد الطواقم وتوزيع الإمدادات اللازمة ورفع جهوزية الفرق ممن سيستقبلون الأشخاص الذين سيُطلق سراحهم بمن فيهم الأطباء وفقًا لتخطيط أمني دقيق، بحسب البيان. ونشرت وزارة العدل الإسرائيلية قائمة بأسماء 735 أسيرا فلسطينيا غالبيتهم من الضفة الغربية والقدس، فيما أعلنت وزارة الخارجية المصرية السبت أن إسرائيل ستفرج خلال المرحلة الأولى عن أكثر من 1890 أسيرا فلسطينيا. وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية إن القائمة فيها "خللا واضحا"، حيث تضمنت أسماء أسرى أفرج عنهم سابقا. وتعليقا على ذلك، قال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس في بيان إن "آلية الإفراج عن الأسرى ترتبط بعدد أسرى إسرائيل المنوي الإفراج عنهم وضمن أي فئة منهم"، وهي عملية "ستمتد طيلة فترة المرحلة الأولى من الاتفاق" الممتدة لستة أسابيع. وذكر البيان أن نشر قوائم بأسماء المحتجزين الإسرائيليين سيتم "قبل كل يوم تبادل وضمن آلية متفق عليها في بنود وقف إطلاق النار"، دون ذكر المزيد من التفاصيل. ومساء اليوم قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده لن تمضي قدما في تنفيذ اتفاق غزة قبل تسلم قائمة بأسماء الرهائن المقرر إطلاق سراحهم. وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري لـ((شينخوا)) إن الأسرى المنوي إطلاق سراحهم هم من الضفة الغربية وغزة ممن اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر 2023. وتابع الزغاري أن الأسرى من سكان الضفة الغربية سيتم تجميعهم من كافة السجون في سجن عوفر العسكري غرب مدينة رام الله، لافتا إلى إعلان حالة من الاستنفار في كافة المستشفيات بالضفة لاستقبال الأسرى وتقديم العلاج لمن هم بحاجة له. وبشأن أسرى غزة، قال الزغاري "سيتم تجميع المقرر الإفراج عنهم في سجن عسقلان جنوب إسرائيل، ليتم ترحيلهم إلى غزة بشكل مباشر". ولم يصدر أي تعقيب من قبل الجهات المختصة في غزة حول أي ترتيبات بشأن استقبال الأسرى. بموازاة ذلك، أفادت الإذاعة العبرية العامة بأن إسرائيل ستقوم بترحيل عدد من الأسرى الفلسطينيين إلى خارج الأراضي الفلسطينية. ولن يسمح بعودة النازحين إلى أماكن سكناهم في شمال قطاع غزة منذ اليوم الأول حسب الاتفاق، وإنما بعد مرور أسبوع من تاريخه عبر شارع الرشيد على شاطىء بحر غزة. ووفق مؤسسات حقوقية فلسطينية تحتجز إسرائيل حاليا 10 آلاف و400 فلسطيني، بينهم 600 محكومين بالسجن المؤبد. -- استعدادات على الأرض وأعلنت الحكومة في غزة الانتهاء من وضع خطة شاملة للتعامل مع قرار وقف إطلاق النار تتضمن إجراءات ميدانية عاجلة لضمان عودة الحياة الطبيعية تدريجيًا، بما يشمل تأمين المناطق المتضررة وتقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين. وأفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بإعداد فرق حكومية متخصصة من الوزارات والمؤسسات الحكومية لتنفيذ هذه الخطة ميدانيا، بما يضمن سلامة المواطنين ومحاولة توفير الاحتياجات الأساسية لهم. وأكد البيان جاهزية الوزارات والمؤسسات الحكومية للعمل في هذه الخطة التي سيكون على رأسها الشرطة الفلسطينية والبلديات وفرق المتابعة الميدانية للقيام بدورها في تنفيذ هذه الخطة. وأشار إلى أن الشرطة ستقوم على حفظ الأمن والنظام في مختلف المحافظات، بينما ستتولى البلديات مهام إعادة فتح الشَّوارع وتنظيف المناطق المتضررة وتمديدات المياه وتأهيل البنية التحتية. فيما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم أن الحكومة الفلسطينية وأجهزتها المدنية والأمنية جاهزة لتولي مسؤوليتها في قطاع غزة للتخفيف من معاناة سكان القطاع وعودة النازحين إلى منازلهم وأماكن سكناهم، وإعادة الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وإعادة الإعمار. من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته ستبقى منتشرة في مناطق محددة في قطاع غزة بناء على اتفاق وقف إطلاق النار. وذكر بيان صادر عن الجيش أنه "لا يزال التحرك من جنوب إلى شمال قطاع غزة أو نحو طريق نتساريم خطيرًا في ضوء أنشطة الجيش في المنطقة، لحظة السماح بهذا التحرك سيتم إصدار بيان وتعليمات عن طرق الانتقال الآمنة". وحذر البيان سكان القطاع من مغبة الاقتراب من قوات الجيش عامة وفي منطقة محور نتساريم على وجه الخصوص، وفي مناطق جنوب القطاع ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا وكافة مناطق تمركز القوات. وتابع "هناك خطر كبير لممارسة الصيد والسباحة والغوص أيضا، ونحذر من الدخول إلى البحر في الأيام المقبلة في المنطقة البحرية على طول القطاع"، محذرا من الاقتراب من الأراضي الإسرائيلية والمنطقة العازلة كونه "خطيرا للغاية".
مشاركة :