نحن نعيش في عالم غريب، متسارع، وخارج عن السيطرة.. الأولوية فيه للمبتكرين، والأفضلية للأشخاص الأكثر مرونة وقدرة على مواكبة حجم هذه التغيرات. عالمنا قد يبدو غير منطقي، لكن جماله في قدرته على الابتكار والجنون. هل تصدقون أن أكبر شركة نقل فيه (أوبر) لا تملك سيارة واحدة؟ وأكبر شركة حجز مساكن وفنادق (إير بي إن بي) لا تملك غرفة واحدة، وأضخم موقع إعلامي لعرض الفيديوهات وتداولها (يوتيوب) لم ينتج فيديو واحدًا؟! هذا التسارع غيَّر الكثير من قواعد اللعبة.. دول ومؤسسات قامت، وأخرى سقطت واندثرت.. والأمر نفسه صار ينطبق على مهن موجودة لقرون عديدة، باتت اليوم مهددة بالانقراض.. نكتشف عبر هذا المقال؟ من تلك المهن التي يواجه ممارسوها خطرًا متصاعدًا باختفائها. ساعي البريد متى آخر مرة وصلتك رسالة مكتوبة بخط اليد بدلاً من أن تصلك بالإيميل؟ الأغلب أنك لن تتذكر؛ لذلك مهنة ساعي البريد مهددة بالانقراض والاندثار بسبب شبح التكنولوجيا وهيمنة شركات النقل السريعة على العالم؛ إذ يقدر الانخفاض بعدد الممارسين لها من 2010 إلى 2020 بنسبة تتجاوز الربع. الحطابون هذه المهنة التي لطالما قرأنا عن أبطالها في قصص الأطفال والأفلام الروائية لن تنقرض فقط لأن الآلات أصبحت تقوم بالمهمة، بل لأن العالم بدأ يصبح أكثر وعيًا تجاه خطر الاحتطاب وقطع الأشجار على البيئة ونقص الأكسجين. مضيفو الطائرة اليوم شركات الطيران تعيش حربًا تنافسية شعواء لجذب أكبر عدد من الركاب، ومعظم هذه الناقلات الجوية باتت تعاني أزمة مالية حقيقية من جراء تلك الضغوط؛ وبالتالي كثير منهم يسعون لتعويض خسائرهم عبر تخفيض نسبة توظيف المضيفين، والاستعانة بالكمبيوترات لتقوم ببعض المهام، مثل قراءة تعليمات السلامة والأمن. أمناء المكتبات على الرغم من أن إحدى الدراسات تؤكد أن أمناء المكتبات هم أطول المهنيين عمرًا.. بسبب قدرة العلم على تجديد فكرهم، وإحياء شغفهم للحياة والمعرفة، إلا أن هذه المهنة - مع الأسف - ستختفي كون العالم يتجه نحو الكتب الإلكترونية والمكتبات الافتراضية، ورواد المكتبات صاروا يستخدمون تقنيات متقدمة للبحث عن الكتب والعناوين. وكلاء السفر هل تعتقد أنك ما زلت بحاجة إلى وكيل سفر، يحجز لك تذاكر السفر وأماكن الإقامة في ظل وجود مواقع حجز مذهلة لتذاكر السفر والفنادق مثل «بوكينغ» و»إير بي إن بي»؟ أشك بذلك؛ كون عملية الحجز أصبحت سهلة، ولا تتجاوز دقائق أحيانًا. التكنولوجيا سوف تبتلع وكلاء السفر. محصلو الضرائب التقنية وفَّرت على الحكومات الملايين حين سهَّلت عملية تسريحها آلاف محصلي الضرائب، وصارت عملية إلكترونية بغاية البساطة، تبدأ بتعبئة البيانات الشخصية في الموقع إلكتروني أو «الأبليكيشن»، ومن ثم ربطه بمجموعة متصلة ومعقدة من البيانات الحكومية الضخمة التي تستطيع حساب دخلك السنوي، واقتطاع ضريبتك منه إلكترونيًّا. محررو الصحف مستقبل وسائل الإعلام التقليدية ما زال غامضًا، وبعض الدراسات تؤكد أن الصحف الورقية ستختفي تمامًا في عام 2034 في السعودية؛ ما يعني أن آلاف الصحفيين والعاملين في الطباعة والإشراف عليها مهددون بفقدان وظائفهم الآمنة في بلاط صاحبة الجلالة. مختمو الدوائر الحكومية اليوم الكثير من الحكومات الطموحة حوَّلت أنظمتها البيروقراطية إلى خدمات ذكية، لا تتطلب ختم موظف كسول، يستلذ بشاي الظهيرة، ويعشق لعبة الكلمات المتقاطعة، بل بطلب إلكتروني سريع، يعقبه وصول إيميل، يفيد بانتهاء معاملتك. الشيخ محمد بن راشد يقول: «نريد حكومة ذكية نشيطة، تعمل مثل شركة الطيران 7 أيام بالأسبوع و24 ساعة». فما هو مصير الموظفين الحكوميين العاجزين عن مواكبة التغيير؟ حتمًا البطالة والتعاسة إذا لم يملكوا مرونة التغيير وشغف التعلم. يقول تشارلز داروين: «ليس أقوى الكائنات من يبقى، ولا أكثرهم ذكاءً، بل أكثرهم قدرة على التأقلم مع المتغيرات». مقالات أخرى للكاتب وصية من قائد في الجيش الأمريكي: رتب سريرك! مات تاجر الموت! يتحدثون فينصت العالم لهم.. من خلف خطاباتهم؟ اقضِ 33% من وقتك مع مَنْ هم أفضل منك! فن بناء العلامة الذاتية!
مشاركة :