أعلن مبعوث الأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أبلغه بمعاودة الوفد الحكومي للمشاركة في مشاورات السلام التي ترعاها المنظمة الدولية في الكويت. ومن المتوقع أن تستأنف الأطراف اليمنية المشاركة في محادثات السلام مباحثاتها المباشرة، اليوم الاثنين، بعد تعليقها منذ الثلاثاء الماضي، وذلك بعد نجاح وساطة قام بها أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في إقناع هادي بإعادة وفد الحكومة إلى المحادثات. وأكد ولد الشيخ في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن مفاوضات السلام اليمنية في الكويت تمضي بوتيرة جيدة، وتحرز تقدما ملموسا، وأشاد بالدعم الخليجي لإنجاح المفاوضات. وقال ولد الشيخ من الدوحة، قبيل توجهه إلى الكويت لاستئناف المفاوضات بين الفرقاء اليمنيين، إن محادثات السلام دخلت فعليا في القضايا الجوهرية، وبات متوقعا أن نشهد في هذه المرحلة كثيرًا من الصعوبات. وأكد أن القرار الأممي «2216» ينص على الانسحاب من المدن التي احتلتها الميليشيات المسلحة وتسليم السلاح، ولا يشير إلى أن هذه المرحلة تعقب تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنه أضاف أن أي حل سياسي لا يمكنه أن يستوي الأطراف من المشاركة السياسية. وبشأن التدخل الإيراني، قال ولد الشيخ إن الإيرانيين ليس لهم وجود في محادثات الكويت، لكنهم تعهدوا بدعمها. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن تعثر المفاوضات اليمنية، قال ولد الشيخ: «عندما نصل إلى القضايا الجوهرية، فإن الأمور تصبح أكثر تعقيدا»، مضيفا: «أود أن أؤكد أننا ما زلنا في عمق تنفيذ القرار «2216»، لكن لا يمكن أن يكون هناك تنفيذ ميكانيكي، فهذا القرار يلزمه آليات تنفيذ، وعندما ندخل في هذه الآليات، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل». وقال المبعوث الأممي: «ما وصلنا إليه من محادثات شفافة بين جميع الأطراف وطرح كل القضايا على الطاولة، يبعث الأمل بأن هناك وسيلة للتواصل». وبشأن ما يثار عن أن أزمة المشاورات تكمن في طلب الحوثيين البدء بمناقشة الشق السياسي قبل الشق الفني الذي يقضي بتسليم أسلحتهم وإفراغ المدن من الميليشيات، قال ولد الشيخ: «أولا إن القرار (2216) واضح، وهو لا يشير إلى تشكيل حكومة قبل تنفيذ القرار الأممي بما يشمل الانسحابات (من المدن) وتسليم السلاح والاتفاق على القضايا الأساسية». وأضاف أن المرحلة التالية لتنفيذ القرار من قبيل أشكال التوافق السياسي وآليات المشاركة لجميع الأطراف هي مسألة مفروغ منها؛ لأنه لا يوجد حل ينزع حق اليمنيين بمختلف فئاتهم من المشاركة في إدارة بلادهم، ومن دون ذلك فإن أي حل لا يمكن أن يستديم». وقال ولد الشيخ إننا نلمس أن هناك دعما سياسيا للمحادثات اليمنية في الكويت من قبل دول مجلس التعاون الخليجي، وقال: «دول الخليج تقوم بدور أساسي في دعمنا». وحول الدور الإيراني، قال ولد الشيخ: «حتى الآن قمت بزيارتين إلى طهران وألمس دعما لما نقوم به، الإيرانيون ليسوا شركاء في المحادثات التي نجريها الآن (في الكويت)، ولكن ما سمعته منهم أن هناك دعما لهذه المحادثات». وكان المبعوث الأممي تحدث في جلسة خصصت عن الأمن في منتدى الدوحة، اعتبر فيها أن مفاوضات اليمن «تعقدت وتشعبت وتعرقلت عدة مرات، لكنها مستمرة بعزم حتى التوصل لحلول مستدامة». وقال: «لا شك أن التحديات كثيرة ولكنها ليست مستعصية، ونحن واثقون بإمكانية البناء على الأرضية المشتركة الصلبة في حال قرر الأطراف تقديم الضمانات والتنازلات فمشاورات السلام فرصة تاريخية قد لا تتكرر». ومضى يقول: «إن النزاع في اليمن قد طال والوضع الإنساني لا يحتمل الانتظار. فالأرقام تؤكد أنه خلال عام واحد، سقط ما يقارب 7000 قتيل و35000 جريح فيما اضطر ثلاثة ملايين شخص لمغادرة منازلهم بحثا عن ملجأ آمن». وقال: «إن اليمن يخوض حروبا على جبهات مختلفة يدفع ثمنها باهظا من أمنه واستقراره. فالعمليات الإرهابية التي تستغل غياب الدولة طبعت يوميات اليمنيين في معظم أنحاء البلاد. بيد أنه لا يسعنا في هذا الصدد إلا أن نشيد بالنجاحات التي بدأت تحققها السلطات الأمنية مؤخرا في مكافحة الإرهاب». وأضاف ولد الشيخ: «لقد بدأ العمل بوقف الأعمال القتالية في منتصف ليل 10 أبريل (نيسان) الماضي. وعلى الرغم من الخروقات المقلقة في بعض المناطق، فإن التقارير تفيد أن ثم تحسنا ملحوظا على الصعيد الأمني؛ مما فسح المجال للمنظمات الإنسانية بتوسيع مجالات عملها، إذ استفاد ما يزيد على 13 مليون شخص من المساعدات المقدمة، وهذه مساعدات متواضعة؛ نظرا إلى الوضع الإنساني الصعب». موضحا أن بيان رئيس مجلس الأمن الصادر في 25 أبريل (نيسان) دعا الأطراف اليمنية إلى وضع خريطة طريق لاستعادة مؤسسات الدولة واستئناف الحوار السياسي وإجراء تغييرات لضمان أن تكون المؤسسات السياسية شاملة للجميع. وكان المجلس طالب الأطراف اليمنية بوضع خريطة طريق لعمليات الانسحاب وتسليم الأسلحة الثقيلة وتيسير التفاوض على انسحاب الميليشيات والجماعات المسلحة والإشراف على الانسحاب وإتاحة تسليم السلاح بطريقة منظمة. وبشأن جهوده لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اليمنيين، قال ولد الشيخ: «لقد عرضت على الأطراف إطارا استراتيجيا عاما يشمل مقترحات تقدم بها الفريقان ويجمع محاور عدة تشمل الأبعاد الأمنية والاقتصادية والسياسية للمرحلة المقبلة». وأضاف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن: «تم تصميم هذا الإطار انسجاما مع قرار مجلس الأمن الدولي «2216» والقرارات ذات الصلة، مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني التي تضمن مسألة الشرعية وتقدم حوافز لإشراك كل المكونات السياسية في البلاد». وأضاف: «يشكل هذا الإطار أرضية صلبة لحل تفاهمي سياسي شامل، وقد لقي دعما كبيرا من المجتمع الدولي. كما وضعت الأمم المتحدة خطة عمل لتحسين الوضع الاقتصادي الناتج عن النزاع السياسي». وقال ولد الشيخ: «أما السجناء والمعتقلون والموضوعون تحت الإقامة الجبرية والمحتجزين تعسفيا فقد أنشئت لهم مجموعة عمل منبثقة من المفاوضات تعمل على وضع تدابير عاجلة للإفراج عنهم بأسرع وقت ممكن. وقد أحرزت هذه المجموعة تقدما كبيرا في التوصل إلى تفاهمات مبدئية».
مشاركة :