خبراء: بطء الاستجابة لحوادث سابقة قد يقضي على آمال العثور على الصندوق الأسود للطائرة المصرية

  • 5/24/2016
  • 00:00
  • 35
  • 0
  • 0
news-picture

تقف فرق البحث التي أوكلت إليها مهمة العثور على الصندوقين الأسودين لطائرة مصر للطيران المفقودة التي تحطمت وعلى متنها 66 شخصا أمام صعوبات تقنية يحدد خبراء الطيران سببها ببطء الاستجابة للمتطلبات الإجرائية في كوارث سابقة. ومع اقتراب ثلاث سنوات قضتها فرق البحث في التنقيب عن طائرة الخطوط الماليزية (إم.إتش 370) في المحيط الهندي دون العثور عليها تبدأ مهمة شاقة أخرى في البحر المتوسط ولم تطبق حتى الآن دروس العمليات السابقة. وأمام فرق الإنقاذ 30 يوما لا أكثر قبل نفاد طاقة بطاريات أجهزة الرصد تحت الماء المصممة لإرشادهم إلى صندوقي تسجيل بيانات الرحلة وهم ينقبون في مساحة 17 ألف كيلومتر مربع شمالي مدينة الإسكندرية. وبعد حوادث سابقة لتحطم طائرات فوق البحر اتفق القائمون على وضع ضوابط الطيران على زيادة زمن الإرسال ومداه لمثل هذه الأجهزة لتعزيز فرص العثور على دليل ومنع وقوع حوادث أخرى في المستقبل. كان المحققون الفرنسيون أول من أوصى بهذه التغييرات وعمادها زيادة زمن بطاريات أجهزة الرصد إلى 90 يوما في أواخر 2009 أي بعد ستة أشهر من حادث طائرة إير فرانس في المحيط الأطلسي. لكنها لم تقر استجابة لحادث اختفاء طائرة إلا بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ حين فقدت طائرة الخطوط الماليزية (إم.إتش 370) ولن يبدأ تطبيقها إلا في 2018 وهو تاريخ متأخر جدا لن يساعد في البحث عن طائرة مصر للطيران في رحلتها رقم 804. ويقول محققون فرنسيون إن الطائرة المصرية أرسلت تحذيرات برصد دخان على متنها. ولا تشير التحذيرات إلى سبب الدخان ولا يستبعد خبراء الطيران عملا متعمدا أو خطأ فنيا بينما أرسلت مصر غواصة آلية للمشاركة في عملية البحث. وهذه هي ثاني مرة خلال ما يزيد بقليل على عام واحد يكون فيها الاعتماد في عمليات البحث على تقنية الصندوق الأسود التي ابتدعت قبل عشرات السنوات بعد تحطم طائرة إير آسيا في بحر جاوة. ووجه عدد من الخبراء انتقادات للتأخر في تطبيق التغييرات الخاصة على أجهزة الرصد لزيادة عمر بطارياتها وتحسين فرص البحث عن الصناديق السوداء. وكان بين المنتقدين رئيس سابق لهيئة الطيران الفرنسية التي تساعد في البحث عن الطائرة المصرية. * "فضيحة حقيقية" يقول جان بول تروديك الذي أشرف على تحقيق هذه الهيئة الحكومية الفرنسية خلال حادث طائرة إير فرانس متحدثا لرويترز "قضية البطاريات تمثل فضيحة حقيقية. "تركيب البطاريات الجديدة سيتم بتكلفة لا تذكر. لم يكن هناك من سبب يدعو للانتظار حتى 2018." وخلال الأيام الأولى بعد أي حادث في البحر تكون الأولوية لاستخدام أجهزة سالبة أي لا يحتاج تشغيلها لأي طاقة تكون لها القدرة على رصد نبضات أجهزة الرصد. لكن ما أن تنفد طاقة هذه البطاريات يتحتم على الباحثين استخدام أجهزة تعمل بالسونار وأجهزة آلية وهي معدات عالية التكلفة وتحتاج لوقت طويل. فعلى سبيل المثال تطلب الأمر عامين- باستخدام هذه الطريقة- للعثور على طائرة إير فرانس 447 في المحيط الأطلسي. وقال تروديك "لكم أن تتخيلوا حجم الضغط الذي يسببه قصر الأمر على 30 يوما." ويقول مصنعون إن تطبيق التوصيات المراد بها زيادة عمر أجهزة الرصد ليس بالتحول الهين. وقال متحدث باسم هيئة سلامة الطيران الأوروبية "الصناعة لا تطور تقنية جديدة بين عشية وضحاها.. ولكي يستعد صناع الطائرات فإن فترة العامين تبدو معقولة." ويزيد التحدي بشكل خاص في حالة الطائرة المصرية وهي من نوع إيرباص إيه-320 إذ يرقد حطامها في أعمق بقاع البحر المتوسط على عمق يتراوح بين كيلومترين وثلاثة كيلومترات وهو ما يكاد يزيد على المدى المحدد للاستماع لإشارات أجهزة الرصد. وقد يعني هذا ضرورة وضع معدات الرصد السمعي على عمق يزيد على كيلومتر ونصف تحت سطح الماء باستخدام أجهزة متخصصة لا تتوفر بكثرة. كل هذا كان يمكن أن يصبح عملا أكثر سهولة لو طبقت مقترحات سلامة أخرى معلقة. ففي 2009 اقترحت هيئة الطيران الفرنسية على صناع الصناديق السوداء ذبذبة جديدة أقصر لديها القدرة على الوصول لمدى أبعد ويسهل على السفن العسكرية- التي عادة ما تكون أول من يصل لمسرح الحادث- رصدها. وأمرت هيئة سلامة الطيران الأوروبية شركات الطيران بتركيب أجهزة أبعد مدى اعتبارا من بداية 2019 أي بعد عشر سنوات تقريبا من الحادث الذي ألهم الصناعة للتغيير في بادئ الأمر. بالنسبة لكثيرين فإن مثل هذا التقدم البطئ يسلط الضوء على مشاكل تنظيمية تواجه صناعة الطيران التي تعاني للتغلب على سلسلة حوادث بينها فقد طائرة الخطوط الماليزية وعلى متنها 239 شخصا وإسقاط طائرة ماليزية أخرى فوق أوكرانيا بفعل إطلاق نيران عليها في 2014 وحادث طائرة شركة جيرمان وينجز التي اصطدمت بجبال الألب الفرنسية العام الماضي. ورغم عدد من الحوادث ذائعة الصيت فإن المنظمين يقولون إن الطيران لا يزال آمنا بدرجة كبيرة لأسباب بينها نظام فريد لوضع قواعد موحدة تشرف عليه الأمم المتحدة. * موافقات تحتاج لوقت طويل لكن مهمة الحفاظ على المعايير الدولية بتحقيق الإجماع تحتاج لموافقات تتطلب وقتا طويلا. ويقول منتقدون إن الإصلاحات توقفت في الماضي بسبب البيروقراطية وقلة الموارد في هيئة الطيران المدني التابعة للأمم المتحدة التي لم تجتمع لجنة خاصة بها تعني بقضية الصناديق السوداء خلال الفترة بين 1998 و2006 لعدم وجود أمين عام لها. ورفض متحدث باسم المنظمة الدولية للطيران المدني التابعة للأمم المتحدة التعليق بخلاف ما ورد في بيان صدر في مارس آذار للإعلان عن تحسينات في سجلات الطيران ووضع طرق أفضل لتعقب الطائرات في المناطق البعيدة. ويقول خبراء إن التأخير يعكس أيضا الخلاف بين المنظمين وشركات الطيران والمصنعين على كيفية إنفاق المبالغ المخصصة للسلامة. وهناك تمثيل لشركات صناعة الطائرات وشركات الطيران وروابط الطيارين في الهيئة الدولية للطيران المدني بسبب التعقيدات التي تكتنف هذه الصناعة. وقال تروديك حين طلب منه تفسير الوقت المطلوب لتطبيق توصيات هيئة الطيران الفرنسية "الحكومات هي التي تتولى دفع تكاليف عمليات البحث والشركات هي التي تتولى دفع تكاليف المعدات." وقال مشاركون في المباحثات إن التوصيات الفرنسية بخصوص الصناديق السوداء والمقترحات الخاصة بالتعقب قد نوقشت في الوكالة الدولية للطيران المدني بعد حادث طائرة إير فرانس 447 لكنها لم تقبل بشكل تام إلا بعد فقد الطائرة الماليزية (إم.إتش 370) وهو الحادث الذي جعل منها قضية عالمية. وقال فيليب بلانتين دي أوجو رئيس اللجنة الخاصة التابعة للوكالة الدولية للطيران المدني في مقابلة قبل فترة "توفرت قوة دفع بعد حادث الطائرة إم.إتش 370." وسارعت بعض شركات الطيران وبينها إير فرانس بتركيب بطاريات تدوم لفترة أطول دون انتظار تاريخ التغيير المفترض في 2018. وقال متحدث باسم الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) الذي يمثل أكثرية شركات الطيران "لا توجد مقاومة من شركات الطيران.. فهي حريصة كأي طرف آخر على سرعة الوصول لبيانات الصندوق الأسود بعد أي حادث." وأضاف "لكننا نحتاج لضمان دراسة أي تغيير بطريقة مستفيضة.. وضمان توفر التقنية اللازمة لدعم عملنا."

مشاركة :