قبل أربعين عام دخل الملحن الموسيقي طلال في الساحة الفنية بعد أن تبنى شركة فنون الجزيرة وساهم بفعالية في رُقي الأغنية وقدم عدة ألوان منها، كانت بمثابة إنذار للملحنين السابقين الذين بقوا في الساحة على نمط الأغنية التقليدية، تجارب كثيرة قدمها الملحن طلال ضمن إنتاجات شركة فنون الجزيرة مع عدة فنانين، لكن تجاربه العديدة مع محمد عبده والتي تجلت مساء أول الأمس في دار الأوبرا المصرية أمس. البداية في مجموعة أنا حبيبي- 1986، بينما ظهر مستوى قيمته اللحنية في الأوبريت الغنائي الأول مولد أمه في مهرجان التراث والثقافة عام 1990 قبل أن يستمر في تلحين الأوبريت الخاص بالافتتاح عدة مرات ومجموعة من الألحان للفنان الكبير محمد عبده. منها ليالي نجد كلمات خالد الفيصل، أنا حبيبي للأمير بدر بن عبدالمحسن، وهلا بالطيب عبداللطيف البناي، قبل أن يثري طلال الساحة الغنائية بمجموعة من الأعمال الغنائية التي زادت من قيمة الأغنية السعودية وتجليها عربياً. التاريخ الذي يجمع الموسيقار طلال مع فنان العرب ليس وليد الصدفة بل ممتد من 35عاماً وهو الذي قال عنه محمد عبده ردًا على أحد الجماهير التي طالب بأغنية من ألحان عبدالرب إدريس، في ليلة دار الأوبرا إلا أنه قال هذه الليلة طلالية. التواصل بين فنان العرب والموسيقار الذي يحاول جاهداً في إعادة المكانة التي تحملها الأغنية السعودية، باتت واضحة، في ليلة دار الأوبرا، قدم محمد عبده عددا من الألحان الممتدة منّذ أكثر من ثلاثين عقداً وحتى اليوم، منها الله معاك كلمات فائق عبدالجليل، وروحي فداه كلمات أحمد شوقي، وما أجملك كلمات أحمد المري، وواحشني زمانك كلمات ثريا قابل، وخواف ونجمي ونجمك كلمات إبراهيم خفاجي وعالي السكوت وخريف وكلاهما من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن، وعلمتها وهي من كلمات العابر، وما شاء الله كلمات عبدالله بو دلة، ومسيرة يرد كلمات عبدالأمير عيسى وبعلن عليها الحب كلمات فائق عبدالجليل، كونت مجموعة فسيفسائية غنائية كاملة وأسهمت في بناء الأغنية السعودية من جديد عبر القاهرة. الملحن طلال استطاع في أكثر من ثلاثة عقود، أن يتجاوز المعتاد في الكم والنوع عن الملحنين السعوديين وحتى العرب، مع محمد عبده والذي تجلى معه في أكثر من 37 لحنا، زاد في صوته عنصر الثقافة النجدية، وبتوظيف ما شاء من التيم والقيم اللحنية قدر المستطاع لتتكون جماليات الأغنية المحلية في صوت فنان العرب. ما حدث بين طلال ومحمد عبده في ليلة دار الأوبرا، هو الانتقاء في النص واللحن المتميز، الذي واكب مستوى الأوبرا وإرثه الثقافي ما انعكس على الأغنية العربية في هذا التعدد من الألوان الغنائية التي قدمها فنان العرب وشكل مع الموسيقار طلال إعادة ثرية للأغنية السعودية لتي صنعوها سوياً أمام الجمهور والإعلام العربي. الموسيقار طلال يعتبر حالياً المسؤول الأول عن تجديد الأغنية السعودية وإعادة عرشها ووهجها وعلو شأنها.
مشاركة :