وصل الرجل إلى الحكم في 8 كانون الأول/ديسمبر على رأس تحالف من فصائل مسلحة قادته هيئة تحرير الشام، وصارت بيده كل السلطات خلال فترة انتقالية لم تحدّد مدتها. وكُلّف الشرع "تشكيل مجلس تشريعي مؤقت" خلال المرحلة الانتقالية، بعدما أعلنت السلطات الجديدة الأربعاء حلّ مجلس الشعب وإلغاء الدستور. ومنذ وصوله إلى السلطة، التقى الرجل طويل القامة ذو البنية القوية واللحية السوداء والعينين الثاقبتين، بالعديد من المسؤولين العرب والأجانب وأجرى الكثير من اللقاءات الصحافية، أكّد فيها أن هدفه هو إعادة بناء سوريا. وخطا الشرع الأربعاء خطوة جديدة مع إعلان السلطات حلّ الفصائل المسلحة، ومن بينها هيئة تحرير الشام التي فك ارتباطها بتنظيم القاعدة في العام 2016. -"متطرف براغماتي"- يقول المتخصص في المجموعات الإسلامية في سوريا توما بييريه لوكالة فرانس برس عن أحمد الشرع "إنه متطرف براغماتي". ويوضح الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا أنه "في العام 2014، كان في ذروة تطرفه من أجل أن يفرض نفسه في مواجهة تطرف تنظيم الدولة الإسلامية (الذي كان في ذروة سيطرته وقوته في سوريا آنذاك)، قبل أن يعمد لاحقا إلى التخفيف من حدّة تصريحاته". وفي مؤشر جديد على رغبته في تغيير صورته، بدأ بعد بدء هجوم الهيئة والفصائل ضد القوات الحكومية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، بتقديم نفسه باسمه الحقيقي أحمد الشرع، بدل كنيته أبو محمد الجولاني. ولد الشرع في العام 1982 في السعودية حيث كان يعمل والده، وبقي فيها خلال السنوات السبع الأولى من حياته، كما كشف في مقابلة مع قناة العربية السعودية. عادت العائلة الميسورة إلى سوريا بعد ذلك حيث نشأ في حي المزة بدمشق، وبدأ دراسة الطب. في العام 2021، قال في مقابلة مع محطة "بي بي اس" الأميركية العامة أن اسمه الحركي مستوحى من أصول عائلته المتحدّرة من مرتفعات الجولان. وقال إن جدّه نزح من الجولان بعد احتلال إسرائيل لجزء كبير من هذه الهضبة السورية عام 1967. وبحسب موقع ميدل إيست آي الإلكتروني "بدأت أولى علامات الجهاد تظهر في حياة الجولاني" بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، و"بدأ بحضور خطب دينية واجتماعات سرية في ضواحي دمشق". بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، توجه للقتال في البلد المجاور لسوريا حيث انضم إلى تنظيم القاعدة بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، قبل أن يُسجن لمدة خمس سنوات. بعد بدء الحراك الاحتجاجي ضد الأسد في العام 2011، عاد إلى وطنه ليؤسس جبهة النصرة التي أصبحت في ما بعد هيئة تحرير الشام. في 2013، رفض التقرّب من أبي بكر البغدادي، الزعيم المستقبلي لتنظيم الدولة الإسلامية وفضّل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. "رجل دولة في طور التكوين؟" يرى أنصار الشرع أنه "واقعي"، ويقول خصومه إنه "انتهازي". وقد صرّح في العام 2015 أنه لا ينوي شنّ هجمات ضد الغرب، كما يفعل تنظيم الدولة الإسلامية، أو كما فعلت القاعدة. وأوضح عندما انفصل عن تنظيم القاعدة، أنه أقدم على الخطوة "لإزالة ذرائع المجتمع الدولي" لمهاجمة تنظيمه. ويقول بييريه إنه منذ ذلك الحين، واصل "خطّ مساره كرجل دولة في طور التكوين". فرض في كانون الثاني/يناير 2017 على الفصائل الإسلامية في شمال سوريا الانخراط في صفوف هيئة تحرير الشام، بعد مواجهات بين المجموعات المسلحة وتوترات. ثم شكّل إدارة مدنية لإدارة المناطق التي تسيطر عليها الهيئة في شمال غرب سوريا. لكن سكانا وأقارب معتقلين ومدافعين عن حقوق الإنسان اتهموا هيئة تحرير الشام في إدلب (شمال غرب) بارتكاب انتهاكات ترقى، وفقا للأمم المتحدة، إلى جرائم حرب، ونظمت تظاهرات احتجاجية على هذه الممارسات في المنطقة. وحاول أحمد الشرع خلال السنوات الماضية تشكيل نموذج حكم ناجع في إدلب، ويسعى حاليا إلى نقله لدمشق.
مشاركة :