رفض وزراء خارجية 5 دول عربية، هي مصر والسعودية وقطر والإمارات والأردن، إلى جانب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، «نقل» الفلسطينيين من أراضيهم «تحت أي ظروف»، في موقف موحد ضد دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مصر والأردن لاستقبال فلسطينيين. وفي أعقاب اجتماعهم بالقاهرة، حذرت الدول الخمس، في بيان، من أن محاولة إخراج الفلسطينيين من أراضيهم «تهدد الاستقرار وتنذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، وتقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها». وشددت على «رفض الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت أي ظروف ومبررات». وذكرت أن المشاركين عبروا عن «التطلع للعمل مع إدارة ترامب لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وفقاً لحل الدولتين». وفيما يتعلق باتفاق غزة، أكدت الدول الخمس «أهمية استدامة وقف إطلاق النار، وبما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة وإزالة جميع العقبات أمام دخول كل المساعدات الإنسانية». وبينما شددت على ضرورة «انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل، والرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة بوصفه جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية»، أكدت أهمية «الدور المحوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه وغير القابل للاستبدال لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)»، رافضة أي محاولات لتجاوزه أو تحجيمه. في هذه الأثناء، تلقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، اتصالاً هاتفياً من نظيره الأميركي، بحثا فيه «القضايا والأزمات المعقدة» في الشرق الأوسط، ودعاه إلى زيارة القاهرة في أقرب فرصة ممكنة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية. وتناول الاتصال القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، والتعاون في مجال الأمن المائي، وشهد حواراً إيجابياً لاستمرار تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتكثيف إيصال المساعدات. وفي تفاصيل الخبر: للمرة الأولى منذ مايو الماضي، فتحت مصر معبر رفح الحدودي لاستقبال أول دفعة من الجرحى والمرضى الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة لتلقي العلاج في مستشفياتها، واستضافت اجتماعاً سداسياً تناول مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنقل سكان غزة وسبل تثبيت وقف إطلاق النار فيها، إضافة إلى تطورات الأوضاع بالمنطقة والأراضي المحتلة ودعم وكالة أونروا بعد حظر إسرائيل لها. وشدد وزراء خارجية مصر، بدر عبدالعاطي، والسعودية الأمير فيصل بن فرحان، والإمارات الشيخ عبدالله بن زايد، وقطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن، والأردن أيمن الصفدي، إضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، على «استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوق المشروعة وفقا للقانون الدولي». وفي بيان سداسي مشترك تضمّن رداً ضمنياً على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل أهالي غزة إلى الأردن ومصر، قال المجتمعون في القاهرة، «نرفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضمّ الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت أي ظروف ومبررات». وأضافوا في بيانهم الختامي: «نؤكد دعم الجهود المبذولة لضمان تنفيذ اتفاق غزة بكامل مراحله وبنوده، ونتطلع للعمل مع إدارة ترامب لتحقيق السلام العادل وفق حل الدولتين، داعين إلى تنفيذ عملية شاملة لإعادة إعمار غزة بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم. وشدّد البيان السداسي على الدور المحوري لوكالة أونروا، الذي لا يمكن الاستغناء عنه وغير القابل للاستبدال، مع الرفض القاطع لأي محاولات لتجاوزها أو تحجيمها. ورحبوا باعتزام مصر، بالتعاون مع الأمم المتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعمار غزة، كما ناشدوا المجتمع الدولي التنفيذ الفعلي لحل الدولتين لمعالجة جذور التوتر والتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. تهجير قسري ورغم إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني عبد الله الثاني رفضهما الصريح لأي مخطط لتهجير سكان القطاع قسراً من أرضهم، أعاد ترامب يوم الخميس تأكيد عزمه نقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، قائلاً للصحافيين بالبيت الأبيض «نحن نفعل الكثير من أجلهم، وسيفعلون ذلك». وفي اليوم التالي، انطلقت وفود شعبية وسياسية من القاهرة إلى معبر رفح، وأعربت عن رفضها وتنديدها بدعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ودعم السيسي لصدّ المخططات الصهيونية والوقوف أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية. في موازاة ذلك، فتحت مصر معبر رفح الحدودي للمرة الأولى منذ مايو الماضي، لاستقبال أول دفعة من الجرحى والمرضى الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة لتلقّي العلاج في مستشفياتها. وأوضح المدير العام لوزارة الصحة في غزة، محمد زقوت، ومصدر مصري مطلع أن 50 من الأطفال والمرضى غادروا غزة عبر معبر رفح الحدودي للعلاج يرافقهم 61 شخصاً، وسوف يقوم الفريق الطبي بتوزيع الجرحى الفلسطينيين وفقاً لحالاتهم على المستشفيات المصرية، بعدما أعيد فتح المعبر استثنائياً للحالات الإنسانية الطارئة، بناء على اتفاق وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل. وفي عملية جديدة تعمدت من خلال إظهار استمرار سيطرتها على غزة، سلّمت حركة حماس الدفعة الرابعة من المحتجزين لديها منذ 483 يوماً في منطقتين مختلفتين بحضور القيادي الكبير هيثم الحواجري الذي سبق أن أعلن جيش الاحتلال اغتياله، وحشد عسكري غير مسبوق. وفي العملية الأولى، سلّمت «حماس» من أمام منزل زعيمها الراحل يحيى السنوار في خان يونس إلى لجنة الصليب الأحمر الدولي الرهينتين الإسرائيليين ياردن بيباس وعوفر كالديرون، الذي يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية، والثانية تمت بمنطقة مخيم الشاطئ، وشهدت تسليم المحتجز الثالث الإسرائيلي - الأميركي، كيث سيغال، بحضور الحواجري، قائد كتيبة الشاطئ في كتائب القسام (جناح حماس العسكري) ومجموعة كبيرة من الفصائل الفلسطينية وحشود من المواطنين. في الأثناء، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن 183 أسيراً ضمن الدفعة الرابعة من اتفاق وقف إطلاق النار الجاري تنفيذ مرحلته الأولى منذ 19 يناير الماضي بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، وفي مقدمتهم بشار شواهنة، الذي قضى 26 عاماً بسجون الاحتلال. وبحسب رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبدالله زغاري، فإن 150 أطلق سراحهم من سجن كتسيعوت في النقب إلى غزة عبر معبر كرم أبوسالم، بينهم من حُكم عليه بالمؤبدات والأحكام العالية أو اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى 32 خرجوا من سجن عوفر قرب رام الله، إلى الضفة الغربية، وهم أيضا من ذوي المؤبدات والأحكام العالية وواحد يحمل الجنسية المصرية تمت إعادته عبر معبر رفح. واستثمرت الحركة أدق تفاصيل عمليات تبادل الرابع مع إسرائيل، وتعمدت إخراج مشاهد إطلاق سراح المحتجزين كرسالة واضحة تهدف إلى كسر جانب من هيبة الجيش الإسرائيلي، وتأكيد أن «اليوم التالي» من دونها أمر بعيد التحقق. وفي الحشود الضخمة، التي أمّنت العملية، شاركت تشكيلات مختلفة من «القسام»، بينها كتائب الزيتون والشجاعية والشاطئ والتفاح، وإضافة إلى دور وحدة الظل المكلفة بتأمين الأسرى الإسرائيليين، ظهرت وحدات المشاة والقنص والدروع، مما يُظهر احتفاظ الحركة بوحداتها العسكرية المتنوعة. وأكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أنه لا تزال هناك 79 رهينة أخرى لدى «حماس» من المقرر إطلاق سراح 20 منهم في الأيام القليلة المقبلة كجزء من المرحلة الأولى من الصفقة، مضيفة أن بين هؤلاء 12 على قيد الحياة. وأوضحت «القناة الـ 12» العبرية أنه بنهاية المرحلة الأولى، سيبقى في قبضة «حماس» 59 أسيراً، 36 منهم ليسوا على قيد الحياة. واعتبرت القناة 12 أن كل نقطة يتم فيها تسليم الرهائن يتم نقل رسالة محددة من «حماس»، مؤكدة أن اختيار جباليا في العملية الثالثة ومنزل السنوار ومخيم الشاطئ والميناء في الرابعة لم يكن عشوائياً، لكنّه تأكيد من الحركة على السيطرة على هذه المناطق، رغم الضربات التي تلقتها خلال أكثر من 15 شهراً. ولدى وصول حافلات الأسرى المحررين من سجنَي عوفر وكتسيعوت إلى رام الله وغزة، تم تنظيم استقبال شعبي حافل لهم بالزغاريد والهتافات، وسط أجواء من التفاؤل تحدت تحذيرات الجيش الإسرائيلي، خصوصاً لسكان الضفة. وفي إسرائيل، اعتبرت عائلات المحتجزين أن الصفقة تظهر انتصار الروح الإنسانية، مشددين على أنهم لن يرتاحوا حتى تكتمل كل مراحلها ويعود كل الرهائن الأحياء والأموات بمن فيهم 79 مازالوا بانتظار إنقاذهم.
مشاركة :