تونس: السلطات تصعّد حملتها ضد أفراد مجتمع الميم بموجة من الاعتقالات

  • 2/6/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قالت منظّمة العفو الدوليّة اليوم إن السلطات في تونس كثّفت حملتها ضد أفراد مجتمع الميم، حيث نفّذت عشرات الاعتقالات خلال الأشهر الأخيرة. وبحسب “دمج”، الجمعية التونسية للعدالة والمساواة، ما بين سبتمبر/أيلول وجانفي/كانون الثاني 2024، اعتُقل ما لا يقل عن 84 شخصًا في مدن تونس، والحمامات، وسوسة، والكاف، وكان معظمهم من الرجال المثليين والنساء العابرات جنسيًا، حيث تم احتجازهم تعسفيًا وملاحقتهم قضائيًا ظلمًا بسبب ميولهم الجنسية أو هوية النوع الاجتماعي الفعلية أو المفترضة. وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يشكل الارتفاع الأخير في الاعتقالات التي طالت مجتمع الميم انتكاسةً خطيرةً لحقوق الإنسان في تونس. لا ينبغي لأحد أن يتعرّض للاعتقال، أو الملاحقة القضائية، أو السجن بناءً على ميولهم الجنسية أو هوية نوعهم الاجتماعي. وبدلًا من مضايقة الأفراد استنادًا إلى الصور النمطية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، ومواقف راسخة معادية للمثلية، يتعين على السلطات التونسية أن تطلق فورًا ومن دون شروط سراح جميع من احتُجزوا بسبب ميولهم الجنسية أو هوية نوعهم الاجتماعي، الفعلية أو المفترضة، وينبغي للسلطات أيضًا اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوق مجتمع الميم”. “لا ينبغي لأحد أن يتعرّض للاعتقال، أو الملاحقة القضائية، أو السجن بناءً على ميولهم الجنسية أو هوية نوعهم الاجتماعي.” – ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية أجرت منظّمة العفو الدوليّة مقابلات مع 4 نشطاء في مجال حقوق مجتمع الميم، و3 محامين يمثلون أفرادًا اعتقلوا بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول 2024 بسبب ميولهم الجنسية، أو هويتهم القائمة على النوع الاجتماعي، الفعلية أو المفترضة. كما اطلّعت المنظمة على ملفات قانونية وتصريحات رسمية. موجة من الاعتقالات جاءت حملة الاعتقالات عقب حملة واسعة على الإنترنت بدأت في 13 سبتمبر/أيلول 2024، حيث انتشرت خطابات كراهية ضد أصحاب الميول الجنسية المثلية والعابرين جنسيًا، بالإضافة إلى خطابات تمييزية طالت نشطاء ومنظمات مجتمع الميم، وذلك على مئات الصفحات في وسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها صفحات داعمة للرئيس التونسي قيس سعيّد. كما بثّت وسائل الإعلام رسائل تحريضية عبر مقدمي برامج تلفزيونية وإذاعية مشهورين، هاجموا فيها منظمات مجتمع الميم، داعين لحلّها واعتقال النشطاء فيها. يخشى سيف عيادي، ناشط كويري ورئيس البرامج في جمعية “دمج”، أن العدد الفعلي للأشخاص من مجتمع الميم الذين تعرّضوا للاعتقال والملاحقة القضائية يتجاوز العدد الذي تمكنت الجمعية من توثيقه. وأوضح قائلًا: “تستند أرقامنا إلى المساعدة المباشرة التي نقدمها لأفراد المجتمع، بما في ذلك الدعم القانوني، ولكنه لا يغطي جميع الأفراد بشكلٍ شامل. نقدّر أن العدد الحقيقي لا يقل عن ثلاثة أضعاف هذا الرقم، فحين كنا نحصل على الأرقام الرسمية للملاحقات القضائية في السنوات السابقة، كنا نجد أن توثيقنا يغطي ثُلث الحالات فقط”. ففي تونس، عادةً ما يُعتَقل الرجال المثليين والأشخاص العابرين جنسيًا بسبب مظهرهم أو سلوكهم، أو الصور النمطية المتعلقة بالنوع الاجتماعي. ووفقًا لمحامين يمثلون أفرادًا من مجتمع الميم، غالبًا ما تُستخدم أدلة رقمية صودرت من أجهزتهم الشخصية بعد اعتقالهم كوسيلة لملاحقتهم قضائيًا. وأفاد معظم المعتقلين لمحاميهم بأن أعوان الأمن صادروا هواتفهم وقاموا بتفتيشها بشكلٍ غير قانوني. ويؤدي تجريم العلاقات الجنسية بالتراضي بين أشخاص من النوع نفسه إلى تعريض أفراد مجتمع الميم لعنف الشرطة وانتهاكاتها، حيث تستغل خوفهم من الاعتقال والملاحقة القضائية فتبتزهم وتستغلهم، وأحيانًا تعتدي عليهم جنسيًا. ففي بعض الحالات، وقع المعتقلون في فخاخ نصبتها قوات الأمن لهم، حيث كانوا ضحايا للتصيّد الالكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة. أبلغ بعض الأفراد جمعية “دمج” عن حالات انتحل فيها أعوان أمن صفة أفراد من مجتمع الميم للإيقاع بهم وابتزازهم، وتهديدهم بالكشف عن ميولهم الجنسية، أو جمع معلومات شخصية عنهم ونشرها على الإنترنت، أو ملاحقتهم بتهم مثل “الترويج للفجور عبر الإنترنت”. كما أبلغ محامون أن عام 2024 شهد تزايدًا في المداهمات المنزلية لأفراد مجتمع الميم دون أمر قضائي. ملاحقات تعسفية بتهم “النيل من الأخلاق الحميدة” و”التجاهر عمدًا بالفحش” يُحاكم المعتقلون بموجب الفصل 230 من المجلة الجزائية، الذي يجرّم العلاقات المثلية (بمصطلحات “اللواط والمساحقة”)، والفصلين 226 و226 مكرر اللذين يجرّمان “التجاهر عمدًا بالفحش” والأفعال والأقوال التي تُعتبر منافية “للآداب العامة”. ينص الفصل 230 على عقوبة بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات مع دفع خطية مالية، بينما تصل العقوبات بموجب الفصلين 226 و226 مكرر إلى ستة أشهر سجن. وقالت ديانا الطحاوي: “تشكل فصول المجلة الجزائية التي تجرّم “التجاهر عمدًا بالفحش” أو الأفعال والأقوال التي تُعتبر “منافية للأخلاق الحميدة أو الآداب العامة” خطرًا كبيرًا لأنها فضفاضة وغامضة ولا تتماشى مع مبدأ المشروعية، مما يفتح الباب أمام تفسيرات واسعة وتطبيق غير متسق للأحكام. فهذه الأحكام الفضفاضة وتطبيقها التقديري يسمحان للسلطات بتنفيذ اعتقالات واسعة ضد الأفراد لمجرد أنهم لا يتوافقون مع الأعراف المرتبطة بالنوع الاجتماعي السائدة أو يعبّرون عن أنفسهم بهويات غير نمطية”. في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أصدرت وزارة العدل بيانًا تدين فيه تزايد استخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وإنستغرام لنشر محتويات “منافية للأخلاق العامة”، وحثّت وكلاء الجمهورية على “اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة وفتح تحقيقات ضد كل من ينشر، أو يعرض، أو يبث محتويات تضر بالقيم الأخلاقية”. ووفقًا لجمعية دمج، تسبب بيان الوزارة في إشعال حملة قمعية ضد أفراد مجتمع الميم. فبعد أيام قليلة من هذا البيان، تعرّض 5 أشخاص للاعتقال، من ضمنهم خبيب، وهو شخص غير مطابق للتصنيف العرفي للنوع الاجتماعي، ووُجّهت إليهم تهم “التجاهر عمدًا بالفحش”، و”نشر محتوىً مخالف للأخلاق الحميدة”، من بين تهم أخرى. وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أدينوا وصدر بحقهم حكمًا بالسجن يصل إلى أربع سنوات ونصف. وبعد النظر في دعوى استئنافهم في 5 فيفري/شباط 2025، تم تأييد الإدانات وإطلاق سراح أربعة منهم بعد تخفيف عقوباتهم. ولا يزال المتهم الخامس غير المطابق للتصنيف العرفي للنوع الاجتماعي مسجونًا، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة عامين وخطية قدرها 1,000 دينار بموجب الفصل 234 من المجلة الجزائية بتهمة الاعتداء “على الأخلاق بتحريض الشبان القاصرين ذكورًا أو إناثًا على الفجور أو بإعانتهم عليه أو تسهيله لهم” على خلفية مقاطع فيديو أنشأها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. “فحوصات” شرجية قسرية ترقى للتعذيب ومن المعتاد أن يُخضع الرجال المتهمون بإقامة علاقات مثلية لـ”فحوصات” شرجية قسرية يجريها أطباء. وهي ممارسة تعتبرها منظمة العفو الدولية شكلًا من أشكال التعذيب. وينبغي على السلطات التونسية إيقاف هذه الفحوصات فورًا. في 3 ديسمبر/كانون الأول 2024، أصدرت المحكمة الابتدائية بالكاف حكمًا بالسجن لمدة عام واحد بحق رجلين بموجب الفصل 230. وأُخضع كلاهما لفحوصات شرجية قسرية بهدف الحصول على “إثبات” لعلاقاتهما المثلية. استهداف الناشطين الحقوقيين في مجتمع الميم تعرّض ناشطو مجتمع الميم وجمعياتهم لمضايقات متزايدة من السلطات. حيث استُدعي الناشطون الكويريون سيف العيادي، وأصالة مدوخي، وميرا بن صالح للتحقيق عدة مرات، آخرها في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024. وحقق أعوان الأمن معهم حول نشاطهم الحقوقي، وعملهم مع منظمات المجتمع المدني، ومشاركتهم في الاحتجاجات. وتعرّضت ميرا بن صالح، وهي ناشطة عابرة جنسيًا ومنسقة مكتب دمج في صفاقس، لاستجوابات متكررة بسبب عملها مع المنظمة، بما في ذلك عملها مع المهاجرين واللاجئين. وتواجه ميرا عدة تهم بسبب عملها مع “دمج” الجمعية التونسية للعدالة والمساواة، وتنتظر نتائج التحقيق. في جويلية/تموز 2023 وفيفري/شباط 2024، قدمت ميرا بن صالح شكاوى لوكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائية بصفاقس، بسبب المضايقات المتكررة التي تعرضت لها من الشرطة. وقالت لمنظمة العفو الدولية: “استُدعيت واستُجوبت مرات عديدة بسبب عملي ونشاطي، لكن عندما أبلغت عن التهديدات والانتهاكات التي تعرّضت لها، لم يقم أحد باستدعائي حتى للإدلاء بشهادتي، ولم يأخذوا شكايتي على محمل الجد”. وأضافت أنه في حين أن تحقيق السلطات ضدها كان يتقدم بسرعة، لم يُحرِز التحقيق في شكايتها أي تقدم.

مشاركة :