يظل الابتكار هو العمود الفقري لقيام واستمرار المجتمعات، فبدون الابتكارات وما تحققه من تغيير في جميع جوانب الحياة لظل الإنسان كما هو منذ عصر آدم عليه السلام وحتى عصرنا الحالي. فالإنسان بطبعه مستكشف، يبحث عن كل جديد، حتى ولو كان هذا الجديد محفوفا بالمخاطر، فهو يخاطر من أجل نفسه وأهله ومجتمعه، فكثير من الابتكارات كان الوصول إليها شاقاً ومكلفاً، ليس ماديا فقط، ولكن بدنياً وبشرياً أيضاً، فهناك الملايين من البشر الذين فقدوا حياتهم أو أجزاء من أجسادهم من أجل تحقيق حلم أو فكرة أو نتيجة، إنهم وجدوا في مكان التطبيق وقنبلتي هيروشيما وناكازاكي ليستا ببعيدتين. على الصعيد الشخصي يمثل الابتكار ملجأ وملاذا آمنا لكثير من البشر، فحين نقول: إن فلانا مبتكر، فليس المقصود أنه يأتي بأفكار جديدة أو تطوير لقديم فقط، لكن في كثير من الحيان يكون المقصود هو ابتكار الذات، هذا الابتكار يمثل نقطة تحول لأي فرد يريد أن يغير من ذاته، ويعدل طريق حياته، يوجد لنفسه هالة تشبه هالة العلماء مع كثير من الفروقات. حينما تبدأ مسيرة الحياة يظل الإنسان خاضعا لطريقين لتحسين تفكيره: التطوير الذاتي، والتدريب. في كلتا الحالتين يظل هذا الكيان محصوراً في مهمة عمل واحدة أو نظام واحد لا يتغير، بل إن هذا الشخص نفسه يمكن تغييره ويظل النظام قائما، أما ابتكار الذات فهو الباب الضيق للوصول إلى العالم الواسع. فحين تدرك مهارتك وقدرتك وما لديك من ملكات في مجال معين، وتبدأ في إعادة توجيه دفة حياتك نحو هذا الاتجاه البعيد عن مجال عملك أو حتى دراستك؛ فأنت تبتكر ذاتك، أنت توجد إنسانا جديدا يقدم إضافة للعالم وللمجتمع ولنفسه أولاً. تظل عجلة الحياة تدور، تلفظ من تلفظ وتبقي من تبقي، وتظل النفس البشرية خائفة على ما اكتسبته ما بين يديها، تحارب وتقاتل من أجله حتى لا يضيع منها، ولكن قليل منها من يفكر في زيادة هذه المكتسبات بطريقة ابتكارية، بطريقة ابتكار لنفسه حتى تضيف جديداً لما بين يديه، وإن كنا اليوم نتكلم عن الابتكار كصرعة جديدة كما جاءت من قبله صرعات مثل مهارات القرن 21، ولغة الجسد، والقيادة وغيرها، إلا أن ابتكار الذات هو الملجأ والملاذ الآمن لمن أراد ألا يُلقى به خارج السفينة.
مشاركة :