مختار بوروينة (الجزائر) تحت عنوان «سيناك شاعر المدينة»، استضاف فضاء «موعد مع الشعر» بالمكتبة الوطنية، نهاية الأسبوع المنصرم، لقاء خاصاً بالشاعر الراحل «جان سيناك» ، استعرض أهم محطات حياة هذه القامة الأدبية وأعماله الشعرية التي اختارت التموقع في صف الشعب خلال المحن، حيث تنبأ بالثورة التحريرية من خلال أشعاره ومقالاته المنشورة منذ سنة 1950 ، والتحق بها، حيث حاز على جزائريته عبر مشاركته إلى جانب الجزائريين في حرب التحرير. وقالت منشطة اللقاء، لميس سعيدي، إن سيناك من مواليد سنة 1926 بمنطقة بني صاف في الغرب الجزائري، من أم فرنسية وأب إسباني، ثم عاش حياته بالعاصمة الجزائرية بين أحياء « باب الواد و بولوغين»، وأصبح كأي جزائري يمقت الاستعمار ويحلم بالحرية، فلُقب إبان الثورة التحريرية بيحيى الوهراني (اسمه الثوري)، وهو دليل على هويته النضالية الجزائرية التي أثارت غيرة بعض الجزائريين نتيجة نقائها من الشبهات، كالجهوية والعنصرية والانغلاق. كان للراحل ،الذي قتل في قبوه ببولوغين في ظروف غامضة صائفة 1973، تجربة إنسانية داخلية عميقة، وكان يقول دوماً: «إن الشاعر الحقيقي هو الشعب رغم كل حماقاته»، لذلك يُعتبر شعره بمثابة التراث الإنساني، ولم يتخل قط عن جمله الشعرية ونضارتها وبوصلتها ذات الاتجاه الصائب، واشتهر بعبارته الشعرية «أحبك أنت القوية كلجنة تسيير» ، مثلما اشتهر بأنه شاعر المدينة التي كتب عن عوالمها بأسلوب الرغبة والألم. يقول الشاعر والصحفي، صلاح باديس، الذي ترجم أشعار سيناك من الفرنسية إلى العربية، واطلع على مراسلات أكبر الناشرين والمترجمين لأعماله بالولايات المتحدة، إن هذا المثقف ابن المدينة بامتياز، علماً أن الأدب غالباً ما كان ابن الريف، ثم واصل إنتاجه وبغزارة بعد استقلال الجزائر عكس زملائه من أمثال مالك حداد وكاتب ياسين، وحرص في المقام الأول على مخاطبة الشباب، وكان يقول لهم: «أيها الشباب أحييكم على شواطئ المستقبل»، فتجاوز بذلك اللحظة، الأمر الذي جعله أحياناً مطروداً ومنبوداً من القبيلة. وتحدثت المذيعة الإذاعية، نصيرة سعيدي ، عن الشاعر سيناك وكيف تختار بتمكن أجمل المقاطع ، وتوقفت عند عبارته «أحبك أنت القوية كلجنة تسيير»، وهي القصيدة التي قال عنها، سيناك، أن الجميع يتحدث عنها ولم يقرأها أحد لأن الناس لا يذكرون ولا يتذكرون من هذه القصيدة الجميلة سوى هذه الجملة فقط، وقالت إن الشباب كانوا يغازلون بها البنات في فترة السبعينيات، وبسبب ذلك اكتشفت سيناك، لكنها أكدت أن جيلها الجامعي خلال السبعينيات لم يقدم شيئاً لسيناك، ثم ازداد الاكتشاف في العشرية السوداء حينما قرأت له، واكتشفت شخصية عظيمة مليئة بالحياة، يحمل في رأسه جزائر جميلة وعادلة، نادى بتحقيقها منذ سنة 1963، مخلداً في أشعاره (ابن مهيدي وبومنجل ومصطفى لشرف) وغيرهم من أبطال الثورة ووقائعها، وربما أكثر من بعض الشعراء الجزائريين خاصة في قصائده «حمالة الأخبار» و«الأرجل والأيدي المربوطة». الشاعر سيناك ، الذي تغنى بالجزائر وشعبها ودفن بالمقبرة المسيحية بعين بنيان الساحلية، ظل يصف نفسه بالجزائري ذي النقش الفرنسي، ويمقت عبارة «الفرانكفونية»، لأنه رأى فيها مصطلح ما بعد «الكولونيالية» ( الاحتلال) و يسمي من يكتب بغير العربية بأنه يكتب برسم فرنسي.
مشاركة :