رهان الاقتصاد الأمريكي على إنفاق المستهلكين خاسر

  • 5/24/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

نحن الآن في خضم التباطؤ الاقتصادي، فقد بدأ تساقط سلسلة أحجار الدومينو التي تقود إلى الركود. فأولها كان ضعف الاقتصاد العالمي، ثم أصيبت الشركات متعددة الجنسيات و علاقات الشركات البينية بالتدهور نتيجة تراجع حركة التجارة وأسعار السلع العالمية. والآن بدأ المستهلكون يشعرون بالتداعيات وخفض وتيرة الإنفاق على السلع والخدمات المتفرقة وهو ما انعكس جلياً في تقرير الناتج الإجمالي المحلي للربع الأول من عام 2016. فهل هذا هو أهم نذر الركود؟ لقد رأينا مؤشرات مماثلة قبل الركود في عام 2001 وعام 2008. وعلى الرغم من إمكانية تذبذب المؤشرات الاقتصادية بين الحين والآخر إلا أن الزخم الحالي للأسواق والمؤشرات يشير إلى أن أداء الاقتصاد الأمريكي سوف يزداد سوءا قبل أن يتحسن. ولكننا الآن لدينا شعور بأن حصان السبق في الاقتصاد الأمريكي وهو المستهلك، بات أكثر عرجاً. وينبغي القول إن تقرير مبيعات التجزئة الصادر مؤخراً مهم جداً في كشف مدى ضعف إنفاق المستهلكين في الربع الثاني. وهذه أول عقبة كبيرة تقف في طريق الانتعاش الاقتصادي وتعزز بيئة الإحباط خاصة حيال الناتج الإجمالي المحلي للربع الثاني. وشكل إنفاق المستهلكين أحد أهم محركات الاقتصاد خلال الفصلين الأخيرين، وبما أن إبريل هو الشهر الأول من الربع الثاني، فإن ما كشف عنه تقرير مبيعات التجزئة يمثل المؤشر الأول حول مسار ثقة المستهلك، وما إذا كان التباطؤ مستمراً. وفي حين جاءت أرقام الشهر الثاني اقل من التوقعات، فسوف يتطلب الأمر انتعاشاً كبيراً خلال الشهرين المقبلين من أجل التحرك في اتجاه التسارع الاقتصادي في الربع الثالث. وفي حال كانت الأرقام جيدة فسوف توفر أول إشارة موجبة على أن المستهلك والاقتصاد بخير. وفي أعقاب تقرير الوظائف الأخير الذي كشف أن نمو الأجور في حالة ركود، لا يوجد سبب للاعتقاد بأن مبيعات التجزئة ستكشف عن نتيجة تبعث على التفاؤل. وبعد الضربة التي وجهها التقرير للاقتصاد سوف يكون هناك ثلاثة مؤشرات رئيسية من شأنها أن تؤثر على المستهلكين والاقتصاد وهي الأجور والتضخم وثقة المستهلك. فمتوسط الدخل الأسبوعي للموظفين غير الدائمين ارتفع بنسبة 1.3% فقط عن مستويات العام الماضي وهو في تباطؤ مستمر. أما الأجور فقد سجل مؤشر تضخمها نقطة مئوية واحدة منذ بداية العام ليصل إلى أدنى معدل نمو منذ عام 2009، عندما كنا في قاع الركود. أما المستهلكون فهم في حصانة إلى حد ما لأن التضخم في أسعار السلع منخفض عموما بحيث لا يواجهون ارتفاعا في الأسعار في محال البقالة أو محطات البنزين، إلا أن الشعور العام لدى معظم الناس حول القدرات المالية هو في حده الأدنى. وهذا النقص في نمو الأجور يمكن أن يكون له آثار على سلوك المستهلك وتفكيره، و نحن نشهد منذ بداية عام 2016 تباطؤا في ثقة المستهلك، وهو محرك مهم لمستقبل قطاع التجزئة. وإذا لم يشعر المستهلكون أنهم في وضع أفضل من العام الماضي فلماذا ينفقون أكثر؟ ولا شك أن العامل الحاسم الذي يمكن أن يدفع الأمور من مرحلة التحوط و الحذر إلى حافة الأزمة هو ما إذا بدأ التضخم في التحليق. وهذا لم يحدث حتى الآن، لذلك يبقى عامل افتراضي. ولكن نظراً لمدى انخفاض الأسعار ولكون أسعار معظم السلع الاستراتيجية قد التقطت أنفاسها على مدى الأشهر الستة الماضية، فلن يكون من غير المعقول أن تستعيد الأسعار بعض زخمها في عام 2016. وهذا منطقي جداً خصوصاً مع السياسة النقدية الفضفاضة التي تطبق في جميع أنحاء العالم ومع انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية. وفي حين يحتفظ العديد من الاقتصاديين بتفاؤلهم حيال الاقتصاد نظراً لسجل الربع الأول على مدى السنوات الخمس الماضية الضعيف، فإن هناك مؤشرات واضحة بأن السيناريو الاقتصادي الحالي لا يختلف كثيرا عن المراحل الأولى في عام 2001 وعام 2008. وستكون ثقة المستهلك المفتاح الأهم في تحديد ما إذا كنا في خضم ضعف الأداء الاقتصادي على الطريق إلى الركود.

مشاركة :