ووري جثمان الزميل محمد المداح مراسل «عكاظ» فى واشنطن أمس «الاثنين» الثرى فى مقبرة الحديقة التذكارية بولاية فرجينيا الأمريكية. وأدى ذوو الفقيد وأصدقاؤه وزملاؤه الصلاة عليه في وقت واحد فى فرجينيا وجدة والقاهرة تلبية لرغبة أسرة الفقيد التي نقلتها لـ «عكاظ» ابنته مي. المداح الذي وافته المنية عن عمر ناهز 77 عاما إثر جلطة دماغية، دبلوماسي سابق عمل في السفارة المصرية بواشنطن إلى أن اختطفته الصحافة ليعمل مع محمد حقي رئيس هيئة الاستعلامات المصرية -رحمه الله- حين كان مديرا لمكتب «عكاظ» في واشنطن ثم خلفه في إدارة المكتب فيما بعد. المداح حاصل على الماجستير في السياسة الدولية، وهو أحد مؤسسي غرفة التجارة العربية في هيوشين بولاية تكساس وله أربعة أبناء وسبعة أحفاد. وتقول مي المداح عن والدها: لم نتخل عن الأمل في الله طوال أسبوع منذ تعرضه لجلطة دماغية، وتضيف «لم يلفظ أنفاسه الأخيرة إلا بعد أن شكر الجميع من وصل للولايات المتحدة للوقوف بجانبه أو اتصل للسؤال عنه.. لقد كان والدي الحبيب يخفف عنا أصعب أيام حياتنا حين يفيق من غيبوبته ولو لثوان معدودة..» وتتذكر مي: كان أبي يعشق الدفء العائلي ويعشق الأطفال ويشاركهم مناسباتهم ويحب أن ينقلهم بنفسه لمدارسهم.. وتضيف وهي تبكي: كان أبا مثاليا ولن أنسى أنه أمضى يوما كاملا في كتابة خطاب حفل زفافي الذي لم أعثر على ما هو أفضل منه. وفيما خيم الحزن على رفاق المداح في المركز الرئيس والمكاتب الخارجية استعاد الزميل محمد طلبة مدير مكتب «عكاظ» في القاهرة بعضا من ذكريات جمعت المداح برفاقه في جدة عبر الهاتف قائلا: باختصار أجهدنا المداح خصوصا في البدايات حيث كنا لا نعرف قيمة وقامة الرجل وكذلك فارق السن والتوقيت إذ كنا مدفوعين بحماس الشباب نطلب منه «لبن العصفور» المهني مادام في واشنطن.. وأحيانا كنا نغالي في طلباتنا لدرجة أن أحدنا طلب منه الحصول على تصريح من الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بعد خمس دقائق من إعلان فوزه بالرئاسة الأمريكية. ويضيف طلبة متأثرا: لم يكن ينفعل المداح -رحمه الله- إزاء هذه الطلبات المبالغ فيها، بل لم أتذكر أنه انفعل يوما وكان يقابل كل طلباتنا حتى المبالغ فيها بضحكة رضى نكاد نتخيلها على البعد ثم وعد بالمحاولة، مختتما المكالمة «سنحاول حتى لا نحرم أنفسنا شرف المحاولة..» ويتابع الزميل طلبة مغالبا حزنه: الغريب أن الكثير من محاولات المداح كانت تؤتي أكلها فيتصل ناسبا الفضل لمن ضغط عليه.. هكذا كان يرحمه الله جميلا متصالحا مع نفسه وفي حالة سلام معها. هذا على المستوى المهني، أما على المستوى الإنساني فيقول طلبة: لم يكن المداح يترك مناسبة فرح أو حزن لزميل إلا ويتصل به مباركا أو معزيا.. أما في حالات المرض فيبدي اهتماما كبيرا ويطلب التقارير ويقوم بعرضها على أفضل الأطباء والمستشفيات ويبدي استعداده لعمل أي شيء يمكن أن يسهم في تخفيف الوجع.
مشاركة :