ابن بطوطة، هو “محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي”، وُلد في مدينة طنجة بالمغرب عام 1304م. عُرف بكثرة أسفاره، وبسبب شهرته العالمية، لقبته “جمعية كامبريدج” بـ “أمير الرحالة المسلمين”. قرر وهو في سن الواحد والعشرين أن يحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، لكن رحلته تحولت إلى مغامرة استمرت تسعة وعشرين عامًا، قطع خلالها أكثر من 120 ألف كيلومتر، وزار حوالي 44 دولة. بدأ رحلته من مسقط رأسه طنجة، مرورًا بشمال إفريقيا، ثم مصر، والشام، والحجاز، حيث أدى فريضة الحج، لكن شغفه بالسفر دفعه لمواصلة الترحال، فزار العراق، وإيران، ثم الهند، حيث عمل قاضيًا لدى السلطان محمد بن تغلق شاه، الذي كان أحد سلاطين الهند وثاني حكام الدولة التغلقية. ومن هناك، انتقل إلى جزر المالديف والصين، قبل أن يعود إلى بلده المغرب. بعد عودته، أملى ابن بطوطة قصص رحلاته ونوادرها على الكاتب الإمام محمد بن جزي الكلبي، الذي قام بتدوينها في كتابه الشهير: 📖 “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، والذي يعرف اليوم باسم “رحلة ابن بطوطة”. لم يكتفِ ابن بطوطة بوصف الأماكن التي زارها، بل استفاض في الحديث عن مداخل المدن ومخارجها، وطبائع الشعوب المختلفة التي عاشرها، وسرد العديد من الحكايات المشوقة، مما جعله أحد رواد أدب الرحلات في الأدب العربي. حتى إننا لا نستطيع الإشارة إلى شخص كثير الترحال دون أن نلقبه بـ “ابن بطوطة”. من طرائف قصصه المشوقة في الكتاب تلك التي تُعرف باسم “ابن بطوطة وجزيرة الأشباح”، حيث ذكر أنه في أحد أيام رحلته الطويلة، وصل إلى جزيرة غريبة في وسط المحيط الهندي، كانت تبدو مهجورة تمامًا، لكن السكان المحليين حذروه من شيء مرعب، قائلين: “هنا تسكن الأشباح ليلاً!”. قرر عندها ابن بطوطة البقاء ليلة واحدة لاكتشاف الحقيقة بنفسه. ومع غروب الشمس، سمع أصواتًا غريبة تتردد في أنحاء الغابة، ورأى أضواء خافتة تتحرك بين الأشجار. تحرك الرعب في داخله، لكنه بدلًا من الهروب، تمالك نفسه وتقدم بثقة نحو الأصوات والأضواء. وعندما اقترب منها، اكتشف أن ما رآه لم يكن أشباحًا، بل مجموعة من الصيادين كانوا يستخدمون فوانيس مضيئة لجذب الأسماك ليلاً، وكانت الأصوات الغريبة مجرد أهازيجهم التقليدية أثناء العمل. ضحك ابن بطوطة من سوء الفهم، وكتب في مذكراته: “أحيانًا، الحقيقة أبسط مما نتصور، لكن الفضول هو الذي يقودنا لاكتشافها”. توفي الرحالة ابن بطوطة سنة 1377م في مسقط رأسه طنجة المغربية، حيث يوجد ضريحه في المدينة القديمة، تاركًا إرثًا أدبيًا وسياحيًا خالداً لا يزال مرجعًا لمحبي السفر والاستكشاف حتى اليوم.
مشاركة :