لبنان يحيي الذكرى العشرين لاغتيال رفيق الحريري على وقع تغيرات سياسية

  • 2/14/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وقتل رفيق الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء لفترات طويلة اعتبارا من العام 1992 وحتى استقالته في تشرين الأول/أكتوبر 2004، في 14 شباط/فبراير 2005 بتفجير استهدف موكبه في بيروت، ما خلّف 22 قتيلا و226 جريحا. وحكمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عام 2022 على اثنين من أعضاء حزب الله غيابيا بالسجن مدى الحياة بجرم "التآمر لارتكاب عمل إرهابي والتواطؤ في القتل المتعمد". تحت شعار "بالعشرين ع ساحتنا راجعين"، دعا سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، مناصريه الى المشاركة في إحياء الذكرى في وسط بيروت، حيث ضريح والده ورفاقه، بدءا من العاشرة صباحا (8,00 ت غ) حتى الثانية بعد الظهر، على أن يلقي كلمة. ووصل الحريري، المقيم في الإمارات العربية المتحدة، مساء الثلاثاء الى بيروت، بعد أسابيع من انتخاب جوزاف عون رئيسا ومن ثم تشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، بضغط دولي خصوصا من الولايات المتحدة والسعودية، على وقع تغيّر موازين القوى في الداخل بعد نكسات مني بها حزب الله في مواجهته الأخيرة مع اسرائيل وسقوط حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة. وقال مصدر مقرب من الحريري لوكالة فرانس برس إن الحريري "سيقارب في كلمته المتغيرات التي حصلت في لبنان والمنطقة" موضحا أن مناصريه "يطالبونه بالعودة الى العمل السياسي". وأوضح أن الحريري، الذي نادرا ما عبّر عن مواقف سياسية منذ مغادرته لبنان، "سيرسم في كلمته خارطة طريق للمستقبل" من دون أن يعني ذلك استئنافه نشاطه السياسي فورا. وحتى مطلع 2022، كان الحريري الزعيم السني الأبرز في لبنان، في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية والسياسية. وكان حزبه ممثلا في البرلمان بـ18 نائبا. لكنّ توتّر علاقته مع السعودية، داعمته الرئيسية، شكّل منعطفا في مسيرته السياسية. فأعلن في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 استقالته من رئاسة الحكومة من الرياض، منددا بتدخل حزب الله في النزاعات الإقليمية. واعتبر خصومه حينها قرار استقالته "سعوديا"، قبل أن يعود الى لبنان بعد أيام بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويتراجع عن الاستقالة. "فرصة جديدة" في تشرين الاول/أكتوبر 2019، قدّم الحريري استقالته من رئاسة الحكومة مع بدء الانهيار الاقتصادي واندلاع احتجاجات شعبية مطالبة برحيل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد، والتي شكل أحد أركانها. كما عزا البعض تراجع شعبيته الى تنازلات سياسية قدمها لحزب الله، لكنه قال لاحقا إن هدفه كان الحفاظ على السلم الأهلي. ومطلع 2022، أعلن "تعليق" نشاطه السياسي مع تيار المستقبل الذي يتزعمه، لاقتناعه بأن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني". وغادر بعد ذلك الى الإمارات. وأعقبت ابتعاده من العمل السياسي سلسلة انتكاسات مُني بها ماليا وسياسيا. وأوضح المصدر المقرب من الحريري أن الأسباب التي دفعت الحريري الى تعليق نشاطه السياسي "قد انتفت الآن". وقال "ثمة فرصة جديدة في لبنان، بعدما تراجع النفوذ الإيراني، وعاد المجتمع الدولي يهتم بلبنان مع حركة موفدين لا تتوقف، ودخل البلد في مرحلة جديدة مع انتخاب رئيس وتشكيل حكومة". وخرج حزب الله من مواجهته الأخيرة مع إسرائيل، أضعف في الداخل بعدما كان القوة السياسية والعسكرية الأبرز التي تحكمت بمفاصل الحياة السياسية. وعادت السعودية في الآونة الأخيرة إلى المشهد السياسي في لبنان، بعد انكفاء طويل اعتراضا على تحكّم الحزب بالقرار اللبناني. ويعرب أستاذ العلوم السياسية عماد سلامة عن اعتقاده بأن السعودية "تسعى إلى قيادة سنية قوية ومنظمة، وإذا تمكن الحريري من تقديم نفسه بهذه الصورة، فمن شأن عودته أن تخدم مصالحه ومصالحها". وتشكل ذكرى الاغتيال، وفق سلامة، "فرصة لتقييم قدرة الحريري على حشد مناصريه وإعادة تأكيد زعامته"، مضيفا "نظرا لقدرته غير المسبوقة على توحيد الناخبين السنة، فإنه يبقى الزعيم الوحيد القادر على تأمين كتلة برلمانية قوية" في الانتخابات المقررة العام المقبل. برز الحريري على الساحة السياسية في البلاد بعد اغتيال والده الذي أغرق لبنان في أزمة كبرى، مع اتهام حزب الله بالوقوف خلفه. وقاد الحريري آنذاك فريق "قوى 14 آذار" المناهض لسوريا إلى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك التعاطف الكبير معه بعد اغتيال والده، والضغط الشعبي الذي تلاه وساهم في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد نحو ثلاثين سنة من وجوده فيه. وكان رفيق الحريري، الملياردير الذي ربطته علاقات وثيقة بدول الخليج والغرب، بمثابة مهندس إعادة الاعمار في فترة ما بعد الحرب الاهلية (1975- 1990). وتسلم رئاسة الوزراء خلال فترة الوصاية السورية من عام 1992 حتى 1998. ثم ترأس حكومة ثانية بين عامي 2000 و2004 قبل ان ينتقل الى صفوف المعارضة إثر اعتراضه على تمديد ولاية الرئيس الأسبق اميل لحود بضغط سوري. ويرى سلامة أن إعادة تشكيل الحريري كتلة برلمانية وازنة قد "تعيد التوازن إلى المشهد السياسي وتعزز قدرة لبنان على جذب الدعم العربي والدولي" الذي يحتاج اليه للتعافي من أزمات متلاحقة عصفت به.

مشاركة :