20 مليار دولار قيمة استثمارات الذكاء الاصطناعي

  • 2/19/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على رغم المنافسة الشرسة في مجال الذكاء الصناعي بين دول العالم الكبرى، إلا أن المملكة وضمن استراتيجيتها المتوافقة مع رؤية 2030 عززت موقعها العالمي في هذا القطاع باستثمارات عالمية تبلغ نحو 14.9 مليار دولار، فيما يتوقع أن ترفع المملكة من استثماراتها لتصل بها لنحو 20 مليار دولار وفقا لما كشفه م. ماجد الشهري مدير عام الدراسات المتحدث الرسمي للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، إذ أوضح في تصريح سابق أن المملكة لديها استثمارات ذكاء اصطناعي داخل المملكة تتجاوز الـ6 مليارات ريال سعودي، متوقعا أن تقفز هذه الأرقام قبل 2030 لتبلغ أكثر من 75 مليار ريال سعودي، مشيراً إلى أن المملكة لديها الكثير من التطبيقات والمنصات والحلول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي. وتعمل المملكة على إطلاق مشروع للذكاء الصناعي بقيمة تبلغ نحو 100 مليار دولار، يهدف على استقطاب المواهب إلى المملكة وتطوير بيئة التكنولوجيا الداخلية، ما يجعل المملكة قوة عالمية في الذكاء الصناعي، ويعزز من أهمية المؤتمرات الخاصة بالذكاء الصناعي فيها، كمؤتمر «ليب LEAP» التقني الذي شارك فيه نحو 1000 متحدث وخبير تقني من دول عالمية كبرى، وعرضت فيه 1800 جهة دولية مهمة، وشاركت فيه 680 شركة ناشئة في هذا المجال. وشهد سوق الذكاء الصناعي جدلا واسعا على الصعيد العالمي، خاصة بعد أن أوضح مشرع قانون أميركي بتهديد مستخدمي تطبيق «ديب سيك» الصيني بالسجن والغرامة التي تصل لـ20 عاما والغرامة لـ100 مليون دولار، وذلك في سياق حرب اقتصادية ضروس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، بيد أن الاقتصاد العالي يسير في طريقه لتعزيز قوة اقتصاده بعيداً عن التجاذبات الاقتصادية السياسية بين الدول الكبرى. تنافس شرس ورأى خبراء اقتصاديون في مجال الذكاء الصناعي أن المملكة تسعى لتعزيز اقتصادها عبر تنويعه، إذ يعد الذكاء الصناعي أحد أهم عناصر التنوع الاقتصادي في عالم اليوم، وقال عضو مجلس المنقطة الشرقية الخبير الاقتصادي عبدالله آل نوح لـ»الرياض»: «إن العالم يشهد تنافسًا شرسًا في مجال الذكاء الصناعي»، مشيراً إلى حضوره مؤتمرات عدة في هذا المجال، مضيفاً «اقتصادياً نحن في طفرة جديده والمملكة تدرك ذلك بل وتستثمر بقوة في هذا المجال ما يؤمن مستقبلها في هذا القطاع البالغ الأهمية»، مشيراً إلى أن العالم في السنوات الأخيرة شهد طفرة هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ أصبح جزءًا أساسيًا في مختلف القطاعات، من الرعاية الصحية والتعليم إلى الأمن والاقتصاد. ومع تزايد استخدامه وانتشاره، بدأت التساؤلات تثار حول المخاطر المحتملة لهذه التقنية، وما إذا كان ينبغي وضع إطار تنظيمي واضح قبل السماح لها بالتوسع، بدلاً من التعامل مع تبعاتها لاحقًا. وشدد آل نوح على أنه لا يمكن تجاهل التشابه الكبير بين الذكاء الاصطناعي واكتشاف الديناميت على يد العالم ألفريد نوبل. «فالهدف من الديناميت في البداية هو تسهيل أعمال البناء والتعدين، إلا أنه تحول لاحقًا إلى أداة دمار مدمرة عندما استُخدم في الحروب. هذا التحول دفع نوبل إلى تأسيس جائزة نوبل تكفيرًا عن الضرر غير المقصود لاختراعه. اليوم، يمكننا أن نتساءل: هل سيصبح الذكاء الاصطناعي «ديناميت العصر الرقمي؟». وتابع «هل سنفاجأ لاحقًا بأننا كنا نشهد بداية تقنية ستتجاوز في مخاطرها كل التوقعات عالميا». وعن دور المملكة قال: «إن دور المملكة في قيادة الذكاء الاصطناعي في ظل رؤية السعودية 2030، واضح جدًا ووضعها في مصاف الدول الكبرى»، مضيفا «يقود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، جهودًا كبيرة لتحويل المملكة إلى مركز عالمي للتقنية والابتكار، إذ أصبح الذكاء الاصطناعي إحدى الركائز الأساسية في تحقيق هذه الرؤية. ولتعزيز هذه الجهود، أطلقت المملكة العديد من المبادرات الطموحة، مثل مشروع «نيوم» و»ذا لاين»، اللذين يعتمدان على تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء مدن ذكية ومستدامة. كما تم توفير بيئة جاذبة للشباب من خلال دعمهم بفرص تعليمية وتدريبية في هذا المجال، إلى جانب تعزيز البحث والتطوير عبر مراكز متخصصة مثل مركز الذكاء الاصطناعي والبيانات»، مشيرا إلى أن هذه الجهود تسهم في تمكين الشباب السعودي، وجذب الاستثمارات العالمية، وتعزيز الابتكار، ما يعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي للذكاء الاصطناعي. وتساءل آل نوح لماذا لم يتم تنظيم الذكاء الاصطناعي قبل انتشاره عالمياً، وقال: «قد يتساءل البعض عن سبب عدم وضع ضوابط قانونية وأخلاقية قبل السماح للذكاء الاصطناعي بالانتشار، والحقيقة أن هناك عوامل عدة أدت إلى هذه الفجوة التنظيمية. أحد العوامل الرئيسية هو التطور السريع للتكنولوجيا، إذ لم يكن حتى الخبراء يتوقعون أن يصل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT وDeepMind إلى هذا المستوى بهذه السرعة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنافس الشديد بين الشركات التقنية الكبرى دفعها إلى إطلاق المنتجات بشكل متسارع دون وضع اعتبارات كافية للضوابط الأخلاقية والقانونية. كما أن قلة الوعي بالمخاطر الأولية جعلت التركيز في البداية على الفوائد المحتملة دون النظر بجدية إلى المشكلات مثل التزييف العميق». وأضاف «في السياق العالمي فقد الكثير من الشبان وظائفهم بسبب الذكاء الصناعي الذي حل محل الموظفين في كثير من الوظائف، بيد أن تطويع الذكاء الصناعي لخدمة السوق وعدم تأثيره على توظيف الشبان أمر مهم ومطلوب، فرغم انتشار الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، لا يزال بالإمكان اتخاذ تدابير تقلل من مخاطره وتعزز استخدامه الإيجابي وهو ما نشهده بحمد الله في المملكة». وتابع «يمكن تحقيق ذلك عبر إصدار قوانين وتشريعات دولية تنظم استخدامه، على غرار قوانين حماية البيانات المعتمدة في بعض الدول. كما يجب فرض ضوابط أخلاقية وتقنية تمنع إساءة استخدامه، لا سيما في مجالات حساسة مثل الأخبار المزيفة والهجمات الإلكترونية، ويعد التعاون بين الحكومات والشركات التقنية أمرًا ضروريًا لضمان تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي وحماية المجتمعات». وعن مدى تأثير الذكاء الصناعي سلباً أو ايجاباً على الاقتصاد العالمي قال: «هناك سيناريوهات محتملة فالمستقبل يحمل احتمالات متعددة، بعضها متفائل والبعض الآخر ينذر بالخطر، السيناريو المتفائل يتوقع أن يتم تنظيم الذكاء الاصطناعي بفعالية، ما يجعله أداة تخدم البشرية واقتصادها دون تهديدات كبرى. أما السيناريو المتشائم، فيتمثل في استمرار التكنولوجيا في التطور دون رقابة كافية، ما قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة. وبين هذين الاحتمالين، قد يكون السيناريو الأكثر واقعية هو وضع قوانين تدريجية بعد وقوع مشكلات كبيرة، كما حدث مع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. فهل ستتقبل الشركات الكبرى القيود التنظيمية، يبقى التساؤل قائمًا حول مدى استعداد الشركات الكبرى للالتزام بالقوانين التي تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن تدعم بعض الشركات هذه القوانين حفاظًا على سمعتها وتحقيقًا للمسؤولية الأخلاقية، في حين قد تسعى شركات أخرى إلى التحايل على اللوائح لحماية نفوذها ومصالحها التجارية. فالتكنولوجيا ليست العدو، بل سوء استخدامها الذكاء الاصطناعي ليس خطرًا بحد ذاته، لكنه قد يتحول إلى أداة مدمرة إذا أسيء استخدامه»، مضيفا «إن التحدي الحقيقي لا يكمن في إيقاف التقدم التكنولوجي، بل في ضمان استغلاله بطرق تخدم البشرية وتحمي المجتمعات من مخاطره. إذا لم يتم اتخاذ خطوات جادة لتنظيم هذه التكنولوجيا، فقد نجد أنفسنا أمام أزمة يصعب احتواؤها، فالمطلوب اليوم هو وعي مجتمعي وضغط عالمي لضمان أن الذكاء الاصطناعي سيظل في خدمة الإنسان وليس العكس.

مشاركة :