كتب تلوين الكبار.. فضاء رحب لتفريغ الطاقات السلبية

  • 5/27/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لوحات تشي ألوانها الربيعية بروح الطفولة وعبيرها، فحبر طيفها النابض بالحياة يخيم على رسومات كتب تلوين الكبار المستوحاة من تصاميم هندسية تزيدها حيوية وتشبعاً بالحياة. وتأتي فعالية كتب تلوين الكبار ترجمة لدعوات أعضاء نادي الكتاب المصري للاحتفاء بالتلوين لما له من أثر في إشباع الحواس وتجاوز الشعور بالإجهاد والضغط النفسي. وانتشر مؤخراً اقتناء كتب تلوين الكبار في أوروبا كنوع من العلاج بالفن، وسجل مقتنوها قدرتها على تفريغ طاقاتهم السلبية وتصفيتها للذهن، باستدعائها روح الطفولة ومرادفتها من مشاعر البراءة والانطلاقة كصحوة متمردة لكسر قيود المسؤولية والالتزامات المتلاحقة. مشاعر، كانت كفيلة برفع عناء يوم طويل منهك عن كاهل أعضاء نادي الكتاب المصري في الإمارات الناشطة على شبكة التواصل الاجتماعي من خلال المشاركة في فعالية ورش تلوين الكبار ودروس تعليم الرسم بالقلم الرصاص والفحم، التي تم الدعوة لها عبر موقع النادي الإلكتروني، إلى جانب تعليم فن صناعة العرائس بالورق للأطفال قدمتها الفنانة والكاتبة نيروز الطنبولي، وتخللها سرد للحكايا مع تمثيل مسرحية غنائية بما صنعوه من العرائس ما أثرى الفعالية. وعن تفاعل الحضور مع ورشة التلوين، تقول المهندسة مروة وجيه، المتخصصة في مجال التعليم الإلكتروني، إن مشاركتها جاءت تلبية لرغبة ملحة في تغيير نمط حياتها المزدحم بالمسؤوليات التي لا تنتهي، بحسب قولها، ما يزيد من الضغوط النفسية. وتضيف وجيه: المسؤوليات التي تتراكم عليّ بشكل يومي جعلتني مشحونة بالمهام التي تثير أعصابي، ما دفعني للتمرد عليها والبحث عن نشاط حر غير ملزم بوقت أو يتطلب مجهودا ذهنيا كبيرا لممارسته خصوصاً أن لي تجارب في أنشطة كانت تتطلب الالتزام بمواعيد دروسها كالتطريز والكروشيه والبيانو، وتعرفت إلى كتب تلوين الكبار عبر صفحة إلكترونية كانت بوابة مروري لعالم التلوين، لتأتي لاحقاً دعوة أعضاء نادي الكتاب المصري للورشة لتثلج صدري ولأتعلم المزيد من فنونها في أجواء اجتماعية تكسر حواجز الروتين اليومي. وفي عالم رسوم الماندالا بنقوشها الدقيقة وتصميماتها التراثية الشرقية والهندية، أبحرت وجيه، بألوانها الزاهية التي تستطيع لمس طفولتها فيها، بحسب وصفها. تقول: قضيت مع كل لوحة نحو الساعتين أعيد ألوانها المسلوبة، فتفصح هي الأخرى عما يجول بداخلي من أحاسيس تشي بها درجات وأطياف ألوانها الخشبية، فساعات التلوين تلك هي عالمي الموازي الذي انزوي فيه عن عالم الواقع بضغوطه وتوابعه من لحظات التوتر والتفكير في متطلباته اليومية، لأتماهى مع علبة أقلامي الملونة لتلهب حواسي بتنسيق مجموعاتها وبما أختاره من أشكال هندسية أو أخرى من وحي عالم الطبيعة، لأغرق في تخيل تدريجات الألوان وملاءمتها لبعضها بعضا وأيها سيغطي المساحة الأكبر والأقل، وهل هي تدريجات من طيفٍ واحد أم خليط من ألوان متباينة ومختلفة تماماً، فأقصى متطلباتها هو الدراية فقط بنظرية الألوان. والألوان بالنسبة لوجيه حوار داخلي يتصارع في وجدانها لتحسمها نهاياتها المبهجة. تقول: الحرية في اختيار الألوان يمنحك جزءاً من الراحة، فلا ضير أن نخطئ في اختيار الألوان، فلكل واحد رؤيته الفنية، ودائماً ما تكون النهايات جميلة ومبهجة. وتضيف: ساهم التلوين في تحسين حالتي المزاجية بتخفيف إحساسي بالقلق والتوتر وصرت أكثر اتزاناً، إذ فرّغت تلك الهواية جزءاً كبيراً من طاقاتي السلبية وحسّنت من قدراتي السمعية، وبدأت أستغل ساعات التلوين في الاستماع للكتب الصوتية، ويمكن أن تمر ساعات وأنا أستمع بتركيز تام لنصف كتاب تتراوح صفحاته بين 200 و300 صفحة، وأنا التي كنت في السابق أعاني صعوبة بالغة في استخدام حاستي السمعية بتركيز، كوني شخصية حسية بصرية. لذا أنصح الجميع بتخصيص جزء من وقتهم للترويح عن النفس بخوض التجربة. الإحساس نفسه جذب أميرة مسعد، مسؤولة نادي الكتاب، لما وجدته من استحسان من جانب الأعضاء بمدى تأثير التلوين في كسر جمود وضغط أوقات العمل المرهقة. تقول: وقع اختياري على التلوين كمتنفس للروح مختلف عن فنون ورياضات أخرى، فالتلوين لا يحتاج إلى مكان مخصص لممارسته وغير مكلف ولا يحتاج إلى حجز مواعيد للاشتراك في نشاطاته أو الالتزام بجدول معين، فالأمر لا يحتاج إلا دقائق قليلة أو ساعة خلال اليوم نهرب فيه من ضغوط يوم عمل شاق بعيداً عن مسؤولياتنا الحياتية، فخلال جلسات التلوين أغدو طائراً يحلق في السماء الحرة، لا مسؤوليات ولا متطلبات ولا قواعد ولا حدود، وأضع بصمتي كيفما أحب فلا وجود لمشاعر الخوف من النتائج ولا لمواجهات الفشل، فأنت الحكم الوحيد وأنت صاحب الرأي والقرار غير مدفوع للاستعانة بمدرب خاص أو مشرف لإرشادك لطريقة الاستخدام الأمثل، وهي تعزز من قدرات التخلص من بواعث التوتر. أحمد مرعي أحد المشاركين في الورشة، يقول: مثلما يقول الشاعر والناقد الفني جون رسكن، فالأرواح الشريرة لا تستطيع تفهم الجمال والكمال، وإنما الأرواح الحية الطاهرة هي وحدها تستطيع ذلك. والتلوين وما يختاره الشخص من رسومات مرآة عاكسة للذات بما يصول ويجول بها، تعبر عنها وتتوافق مع حالته النفسية. ويضيف: الرسم في حد ذاته ليس تصوراً للواقع ولكنه انعكاس لرهافة الحس والجمال، فالتلوين يُعلي من قيم الصبر ويثري الروح ويجلي القلوب من طاقاتها السلبية لتغمرها السعادة. واستمتع محمد عفان بما وصفه صدى أيام الطفولة عبر مشاركته، قائلاً: الفن موهبة وعلم، هذا ما وفرته الورشة لي متمثلة في معلومات لم أكن على دراية بها كوني حديث العهد بهواية التلوين، إذ تمحورت الورشة حول نظرية الألوان والخطوط، ونثرت طاقة إيجابية كفيلة بأن ألتقط أقرب قلم ملون لأضع أولى خطوطي على لوحة اخترتها من وحي الطبيعة لأسترجع ذكرياتي بالزي المدرسي وحصص التربية الفنية. إنها تجربة أسعدتني كثيراً ومحت أزيز عقلي المشحون بضغوطه. الماندالا فن البهجة تحدثنا الفنانة التطبيقية شيماء كيلاني، منظمة الفعالية، قائلة: من خلال متابعاتي لكل ما هو جديد في عالم فن الرسم عثرت على خبر عن إصدارات كتب تلوين الكبار، كوسيلة للتخلص من التوتر العصبي والضغوط النفسية، إذ يعد نوعاً من العلاج بالفن، وانبهرت بمضمون ما يحتويه من رسومات ودوائر وخطوط متوازنة تسمى (الماندالا) أو كما يطلق عليها فن البهجة، وأخرى تحاكي الحياة البرية، فطرحت الفكرة على أميرة مسعد، مسؤولة نادي الكتاب، التي دعمتها بطرحها على الأعضاء ونالت استحسان الجميع، فجاء الإعداد للورشة كمبادرة لحث المشاركين على تغيير نمط حياتهم بالتخلص من الطاقة السلبية المحيطة بهم، وإطلاق العنان لقدراتهم الفنية والإبداعية لإشباع شغفهم بالرسم في أجواء من المرح والبهجة. وتوضح كيلاني، أن البداية كانت بشرح كيفية التعامل مع الوسائل الفنية المختلفة وأسس فن الرسم واستخدام القلم الرصاص والتعرف إلى درجاته، وأصول فن التظليل، وتقنية استخدام الفحم بتطبيقاته المتنوعة وطرق دمجه مع القلم الرصاص وكيفية التلوين على الخامات المختلفة كالسيراميك، وكيف أن المشاركين استمتعوا بتطبيق كل هذه التقنيات في رسم لوحات فنية مبدعة أعادوا من خلالها اكتشاف أنفسهم، وتُعرض إبداعاتهم الفنية نهاية العام الحالي من خلال معرض فني خاص بالنادي، بحسب كيلاني. تعزيز للثقة أماني اليماني، لها قصة أخرى مع كتب التلوين ولوحاتها، إذ تؤكد أن تمازج ألوانها عزز من ثقتها في ذاتها، وطرد الطاقة السلبية التي تطاردها، واستعادت روحها كمن ولد من جديد. تقول: ساهمت مشاركتي في ورش تلوين الكبار في اكتشاف نفسي من جديد، وشعرت كمن استعاد ظلاله المسلوبة، وكان الفضل في ذلك للفنانة شيماء كيلاني التي أشرفت علينا، وساعدتني في استنهاض حسي الفني الذي لم أكن يوماً أستشعره بداخلي، فتعلمت منها أشياءً لم أكن أعرفها قط، ومن خلال شرحها المبسط، أصبحت أدرك بعض المعلومات الأساسية والمبادئ الفنية، وبالفعل صممت أولى لوحاتي بنفسي دون الاستعانة بكتب التلوين، وكانت بمثابة اكتشاف لروح الفنانة بداخلي.

مشاركة :