في عالم الرياضة عادة، يتم منح الفائز بالمركز الأول لقبًا على شكل "كأس"، نكون أحيانًا مجوفة ومختومة بكلمات ورموز مختلفة، بخلاف منح الرياضيين في الألعاب الأوليمبية الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، لكن تظل الكؤوس ذات قيمة استثنائية للاعبين الفرديين والاتحادات الجماعية وشتى أنواع الرياضات على حد سواء. وفي معظم الحالات، لا يحصل الفائز بالبطولة على الكؤوس بشكل مستديم، وفي بعض الرياضات يتم نقل الكأس من فائز إلى فائز، ولكن في بعض الأحيان يحصل الفائز على كأس طبق الأصل، ويظل الفائز محتفظًا بالكأس التي حصل عليها، إذ يتم حفر اسم الفائز وتاريخ الفوز والتاريخ على نسخة الكأس، هذا ما يحدث مثلًا في كأس العالم لكرة القدم، أشهر البطولات في الرياضة الأولى على مستوى العالم. لكن من أين أتى تقليد منح الفائزين بالمسابقات الرياضية كؤوسًا كتقدير على تفوقهم؟ وإلامَ ترمز هذه الكؤوس فيما يتعلق بالرياضة؟ هذا ما سنتناوله في السطور التالية. يمكننا القول إن تقليد منح الجوائز في سياق الرياضة يعود إلى اليونان القديمة، التي مثلت بالطبع مصدر إلهام للشكل الحالي من الألعاب الأولمبية، حيث كان يتم تكريم الفائزين بمنحهم غصنًا من أغصان الزيتون كمكافأة على انتصارهم، وفيما بعد بات الفائزون يمنحون "كؤوسًا" فضية. لكن لم تكن تلك الكؤوس الأولى فارغة كما هي اليوم، فغالبًا ما كان الفائزون يُكافأون ليس فقط بالكأس نفسها، ولكن أيضًا بشيء ثمين بداخلها، في بعض الأحيان كان يوضع فيها زيت الزيتون، وهو الأمر الذي تم إثباته في بعض المسابقات الأولى من الرياضات الأولمبية، وفقًا لموقع "Academyoffencingmasters". وفي القرن الثامن عشر، بدأ رجل الدين "جون ويسلي" في تمرير كأس كوسيلة لزيادة الترابط المجتمعي، وتم إطلاق اسم "كأس المحبة" على هذا التقليد، ثم بدأت الممارسة تضاف إلى البطولات الرياضية المقامة في بريطانيا، مع مقبضين جانبيين لكل كأس، يشبهان إلى حد كبير المقابض التي تزين بها الكؤوس الرياضية في الوقت الراهن، مثل كأس بطولة دوري أبطال أوروبا على سبيل المثال، والتي باتت تعرف نظرًا لهذين المقبضين باسم "الكأس ذات الأذنين". يمكن التأكيد أن بطولات "الألعاب الباناثينية"، التي أقيمت في أثينا عام 566 قبل الميلاد، تمثل أول فكرة عامة لمنح الرياضيين كؤوسًا، وهذه الألعاب تمثل نواة الألعاب الأوليمبية بالشكل الكلاسيكي الذي وصل إليه في الوقت الراهن. كانت دورات الألعاب الباناثينية تقام كل 4 سنوات، كما لا يزال التقليد متبعًا في الأولمبياد، وهنا يؤكد موقع "sportimonium"، الذي يطلق عليه "المتحف الرياضي الأوليمبي"، أن الجوائز كانت تمنح للرياضيين على هيئة جرار مزخرفة بشكل جميل، مع صور تعبر عن التقاليد الإغريقية على أحد جوانب كل جرة، ومشهد رياضي على الجانب الآخر. كانت الجرار تملأ بزيوت قيمة، وكان تزييت الجسم أمرًا ضروريًا في وقت كان فيه الرياضيون يمارسون الرياضة بأقل قدر من الملابس، ويستخدمون تلك الزيوت لتسهيل حركة أجسادهم. تحولت تلك الجرار مع تقدم البطولات وتطورها، إلى أوانٍ ثم إلى كؤوس مصنوعة من الفضة، وباتت تلك الكؤوس اللامعة مصحوبة بجوائز نقدية ضخمة وشرفًا اجتماعيًّا لا يمكن تعويضه، ولا ترمز فقط إلى الإنجاز، بل ترمز إلى قوة الطموح والتفاني وبريق النصر. كل شيء بدأ في اليونان الألعاب الباناثينية
مشاركة :