يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى عابرة، بل هو استحضار لمسيرة وطنية بدأت قبل ثلاثة قرون، حين وضع الإمام محمد بن سعود اللبنة الأولى لدولة قائمة على الوحدة والاستقرار والتنمية. واليوم، ونحن نحتفل بيوم التأسيس 2025، لا نحتفي فقط بالماضي، بل ننظر كيف استمرت هذه المسيرة، وكيف تجلت رؤية القيادة في صناعة الحاضر وبناء المستقبل. لم يكن اختياري للحديث عن الجانب الاقتصادي في يوم التأسيس عشوائيًا، فالتاريخ يخبرنا أن الاقتصاد هو العمود الفقري لقيام الدول واستقرارها. فحين تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1727م، لم يكن التحدي مجرد توحيد القبائل، بل كان التحدي الأهم هو بناء اقتصاد مستدام يحقق الاكتفاء، ويدعم استقرار الدولة الناشئة. واليوم، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، -حفظهما الله-، نشهد تحولًا اقتصاديًا عميقًا، يعزز رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط، وبناء اقتصاد متين يواكب التطورات العالمية. تقرير الميزانية الصادر عن وزارة المالية للربع الرابع من عام 2024 يكشف عن أرقام تحمل دلالات مهمة، حيث بلغت الإيرادات غير النفطية 502 مليار ريال، بزيادة 10% عن العام الماضي، مما يعكس نجاح المملكة في تنويع اقتصادها، وخلق مصادر دخل جديدة، كما ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي إلى 51.4%، مما يثبت أن الاقتصاد السعودي لم يعد مرهونًا بتقلبات أسواق الطاقة، بل أصبح أكثر قدرة على المنافسة والاستدامة. هذه الأرقام ليست مجرد نجاحات مالية، بل هي ترجمة لرؤية القيادة التي أدركت أن قوة الدول لا تُقاس فقط بثرواتها الطبيعية، بل بقدرتها على استثمار مواردها، وتنمية عقول أبنائها، وتحويل التحديات إلى فرص. في ظل قيادة الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين، لم يعد النمو الاقتصادي مجرد هدف، بل أصبح أداة لرفع جودة الحياة، وخلق الفرص، وتعزيز مكانة المملكة عالميًا، فمشاريع مثل نيوم، والقدية، والرياض الخضراء، وذا لاين لم تعد مجرد خطط على الورق، بل تحولت إلى محركات اقتصادية حقيقية، توفر آلاف الوظائف، وتجذب الاستثمارات، وتعيد تشكيل المشهد الاقتصادي السعودي. إن تخصيص المقال للحديث عن الاقتصاد في يوم التأسيس يحمل رسالة واضحة: ما بدأه الإمام محمد بن سعود في الدرعية عام 1727م، من استقرار اقتصادي وإدارة للموارد، يستمر اليوم بقيادة الملك سلمان وسموولي العهد «يحفظهما الله»، لكن بأدوات المستقبل وتقنيات العصر الحديث. فالتاريخ يعلمنا أن الاقتصاد المستدام هو الضامن الحقيقي لاستمرار الدول، والمملكة اليوم لا تبني اقتصادًا لسنوات قليلة، بل ترسم ملامح مستقبل يمتد لعقود، مستندة إلى خطط استراتيجية واستثمارات نوعية تضمن الأمان والازدهار للأجيال القادمة. يوم التأسيس هو أكثر من مناسبة وطنية، هو تذكير بأن الرؤية الواضحة والإدارة الحكيمة قادرة على تحويل الطموحات إلى واقع. وكما نجح الأجداد في تأسيس الدولة رغم التحديات، تنجح اليوم القيادة في تأسيس اقتصاد أكثر قوة، وأكثر تنوعًا، وأكثر قدرة على تحقيق الاستدامة والنمو. @DrLalibrahim
مشاركة :