منصور بن زايد: نهج زايد ورؤية خليفة عماد سياستنا الخارجية

  • 5/29/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أكد سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، أن الحضور القوي والفاعل لدبلوماسيتنا على الساحتين الإقليمية والدولية، واستضافة الدولة للعديد من المؤسّسات والمؤتمرات الدولية، ومشاركتها الفاعلة في الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب والتطرّف، وسعيها الدؤوب لبناء بيئة إقليمية ودولية قائمة على السلام والاستقرار والثقة المتبادلة، وما تقدّمه من مساعدات تنموية وإنسانية، فضلا عن إسهاماتها الفاعلة في عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة التعمير للمناطق المنكوبة وغيرها، مكّنت الإمارات من بناء سمعة وصورة دولية متميّزتين. وأشار سموّه في حوار خاص لمجلة درع الوطن ومجلة كلية القيادة والأركان المشتركة، إلى أن التغييرات الوزارية الأخيرة دليل على أن حكومة المستقبل منطلقة بشكل كبير لتحقيق الأهداف الطموحة المنتظرة منها؛ فالحكومة بهيكلها الجديد - الذي يلعب فيه الشباب دوراً محورياً مهما - تستشرف المستقبل، وتهدف إلى إحداث تطوّر نوعي في طرائق العمل الحكومي وأدواته، والارتقاء بخدمات القطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم والصحة، إلى جانب الاستثمار في بناء الإنسان من أجل ضمان ازدهار الوطن ورخائه وتحقيق السعادة للمواطن، كما أنها تعكس رؤية القيادة الرشيدة وتطلّعاتها المستقبلية إلى تحقيق مزيد من التطوّر والازدهار في مختلف المجالات، وترسيخ مكانة دولة الإمارات الريادية على المستوييْن الإقليمي والعالمي. وتاليا نص الحوار: تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على بناء علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية متوازنة مع كثير من دول العالم، ويُعدّ الانفتاح على العالم ومدّ جسور الصداقة والتعاون والتفاهم من الركائز الأساسية في السياسة الخارجية للدولة، ما رأي سموّكم في هذه السياسة، وتقييمكم لتطلّعاتها مستقبلا؟ ــ لقد أثبتت التجربة سلامة النهج الذي اتّخذته سياستنا الخارجية منذ تأسيس الدولة على يدّ الوالد المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان وحتى اليوم، وهذه السياسة - التي تميّزت بالنشاط والحضور القوي على الساحتيْن الإقليمية والدولية - تستهدي في جميع تحرّكاتها بالرؤى السديدة لسيدي صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الهادفة إلى تبنّي سياسة خارجية موجّهة إلى خدمة المصلحة الوطنية، وصيانة سيادة الدولة؛ وتفعيل منظومة التعاون الخليجي؛ وتوثيق عُرى التكامل العربي؛ وحماية البيئة، واحترام حقوق الإنسان، والإسهام في تطوير نظام دولي أكثر عدلا وإنصافا، والمشاركة الإيجابية في كلّ ما من شأنه دعم التعاون الدولي في مواجهة التحدّيات الكونية المشتركة. إن الحضور القوي والفاعل لدبلوماسيتنا على الساحتيْن الإقليمية والدولية، واستضافة الدولة للعديد من المؤسّسات والمؤتمرات الدولية، ومشاركتها الفاعلة في الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب والتطرّف، وسعيها الدؤوب إلى بناء بيئة إقليمية ودولية قائمة على السلام والاستقرار والثقة المتبادلة، وما تقدّمه من مساعدات تنموية وإنسانية، فضلا عن مساهماتها الفاعلة في عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة التعمير للمناطق المنكوبة وغيرها، مكّنت الإمارات من بناء سمعة وصورة دولية متميّزة، ونحن نتطلّع إلى المزيد من الانفتاح على العالم مستقبلا، وتعزيز مكانة الدولة كقائد إقليمي في المجالات المتخصّصة، مثل: حقوق الإنسان والطاقة والتغيّر المناخي والتعاون الأمني الدولي، وضمان رعاية المواطنين في الخارج. أثارت القرارات الوزارية الأخيرة التي أعلنتها الحكومة، التي من بينها استحداث منصب وزير للسعادة، ووزير للتسامح، ووزير لشؤون الشباب، اهتماما واسع النطاق محليا وعالميا، بصفتكم رئيسا للمجلس الوزاري للتنمية، ما تفسير سموّكم لهذه التغييرات الجذرية؟ وما مدى توافقها مع التطلّعات المستقبلية للدولة؟ ــ التغييرات الأخيرة دليل على أن حكومة المستقبل منطلقة بشكل كبير لتحقيق الأهداف الطموحة المنتظرة منها؛ فالحكومة بهيكلها الجديد - الذي يلعب فيه الشباب دوراً محوريا مهما - تستشرف المستقبل، وتهدف إلى إحداث تطوّر نوعي في طرائق العمل الحكومي وأدواته، والارتقاء بخدمات القطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم والصحة، إلى جانب الاستثمار في بناء الإنسان من أجل ضمان ازدهار الوطن ورخائه وتحقيق السعادة للمواطن، كما أنها تعكس رؤية القيادة الرشيدة وتطلّعاتها المستقبلية إلى تحقيق مزيد من التطوّر والازدهار في مختلف المجالات، وترسيخ مكانة دولة الإمارات الريادية على المستوييْن الإقليمي والعالمي. يسعى مشروع الخدمة الوطنية إلى خدمة الوطن، وحماية مكتسباته، وترسيخ قيم الولاء والانتماء لدى الشباب الإماراتي، وتعزيز تنمية مقومات الشخصية القيادية فيهم، ما رأي سموّكم في الخدمة الوطنية وأهميتها؟ ــ حقّقت دولتنا إنجازات كبيرة ومهمة في مسيرة البناء والتنمية، على الصعيديْن البشري والمادي، واستدامة هذه الإنجازات تتطلّب حماية، وهذه الحماية لن تتوافر إلاّ على أيدي الشباب الإماراتي المتسلّح بروح عالية من الانتماء والولاء؛ فالروح المعنوية العالية المستعدّة للتضحية هي صمام الأمان لمجتمعنا وإنجازاتنا، وهي القادرة على الحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلييْن، ومواجهة التحدّيات الخارجية، ودولة الإمارات تفخر بأبنائها وبناتها الذين لبّوا نداء الواجب بشكل فاق التوقّعات كلّها، ونحن على ثقة في أن الإمارات ستبقى بخير، طالما استمرّت هذه الروح العالية بين الشباب، وهنا نثمّن دور القوّات المسلّحة التي أسهمت في استقطاب منتسبي الخدمة الوطنية، وتدريبهم، وتخريج دفعات كبيرة منهم، ودورها الرئيس في بناء قيم الولاء والانضباط والالتزام والجدية، وترسيخها في نفوسهم، وتعزيز قدراتهم العسكرية. تخليداً ووفاء لتضحية الشهداء، قرّر سيدي صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أن يكون يوم 30 نوفمبـــــر مــــن كــل عـــام يوما للشهيد، ماذا يقــول ســموّكم في هــذا اليـــوم المجيـــــــد مـــن تــاريــخ دولـــة الإمــــــارات؟ ــ لقد لبّى جنود الإمارات نداء الواجب للدفاع عن الأمن الوطني والقومي، ومساندة الشرعية في اليمن، ونصرة الحقّ، والوقوف إلى جانب المستضعفين من أشقائنا؛ ومنهم من قدّم روحه في عزّة وكرامة، والقيادة الرشيدة - تثمّينا منها لهذه التضحيات، وتخليدا لسيرة الشهداء وعطاءاتهم، الذين قدّموا نماذج مشرّفة لوطنهم - قرّرت تخصيص الثلاثين من شهر نوفمبر من كل عام، للاحتفاء بمعاني العطاء والتضحية، وليكون الشهداء رمزا للأجيال القادمة، يفتخرون بهم وبأفعالهم، ويسكنونهم في الذاكرة الإنسانية والوطنية، ونحن نحيّي أرواح الشهداء، ونشدّ على أيادي أسرهم وأقاربهم وأصدقائهم، ونقول: الشهداء فخر وعزّ لدولتهم وشعبهم وقيادتهم، ستبقى بطولاتهم منارات تهتدي بها الأجيال عبر التاريخ. للمرأة دور مهم في بناء المجتمع، وتعزيز قيم الولاء والانتماء، كيف يرى سموّكم ما حقّقته المرأة الإماراتية من إنجازات، لاسيّما ما يتعلق بانضمامها إلى الخدمة الوطنية والمجالات العسكرية المختلفة؟ ــ أولت دولتنا أهمية خاصة لتمكين المرأة في جميع المجالات، وعلى المستويات كافة؛ لتسهم بدورها الطبيعي كمشارك فاعل في عملية التنمية المستدامة؛ فالمرأة الإماراتية - منذ ما قبل تأسيس الدولة - شريكة الرجل في البناء والعطاء، وقفت إلى جانبه بقوة في أوقات الأزمات، ورافقته في أيام الخير والنعيم، ولم نستغرب اندفاع المرأة المواطنة لتلبية نداء الخدمة الوطنية، الذي كان بدافع الإسهام في الحفاظ على إنجازات الدولة؛ فهذه طبيعتها وفطرتها وتربيتها، أن تجسّد قيم العطاء والولاء والانتماء في المواقع كلها، ونحن فخورون بما نرى من نتائج ثمار التمكين، فقد أصبحت المرأة شريكا أساسيا في قيادة مسيرة التنمية في الدولة، وتتبوأ أرفع المناصب في السلطات السيادية والتنفيذية والتشريعية، فضلاً عن حضورها القوي في ساحات العمل النسائي العربي والإقليمي والدولي، وتصدّرها بمنجزاتها تقارير المنظمات الإقليمية والدولية. خطت دولة الإمارات خطوات مهمة نحو معالجة قضية التركيبة السكانية، كيف ترون سموّكم الحلول العاجلة والآجلة لهذه القضية؟ ــ نظراً إلى البيئة المستقرة الآمنة الموجودة في دولة الإمارات، وتوافر فرص العمل في القطاعات كافة، ونظرا لسهولة انتقال رأس المال وحرية التجارة، وبسبب النمو العمراني الذي يشهد ازدهاراً كبيراً منذ سنوات، فقد تحوّلت الإمارات إلى بيئة جاذبة للمؤهلات والخبرات والطموحين وأصحاب رؤوس الأموال، ويعمل الجميع تحت سقف من الاحترام والعدالة، بعيدا عن التمييز؛ إذ توفّر الدولة الأجواء أمام الجاليات لممارسة ثقافاتهم، وقد أشادت المنظمات الدولية بهذا التعايش الفريد بين نحو 200 جنسية، وتبذل الدولة جهودا جادة لإعادة التوازن إلى التركيبة السكانية عن طريق إصلاح سوق العمل، وإزالة العقبات التي تعترض مسار التوطين، وإعادة هيكلة قطاعات الصناعة والأعمال، بنقلها من مرحلة الاعتماد على العمالة الكثيفة إلى عمليات إنتاجية، تقوم على اقتصاد المعرفة، واستخدام التقنية المتقدمة، واستقطاب العمالة المؤهلة، وتطوير المهارات، وتكثيف البعثات للدراسات العليا، فضلاً عن تشجيع المواطنين على الالتحاق بالقطاع الخاص، وقد بدأت كثير من الشركات الخاصة وشبه الخاصة فعلا باستيعاب المواطنين في وظائف واعدة. احتفلت كلية القيادة والأركان المشتركة بتخريج دورة القيادة والأركان الخامسة والعشرين المشتركة، كما ستحتفل في سبتمبر المقبل، بمرور 25 عاماً على تأسيسها (اليوبيل الفضي)، ما الكلمة التي تودّون - سموّكم - توجيهها إلى الكلية ومنتسبيها في المناسبتيْن؟ ــ المناسبتان تؤكّدان المستوى الرفيع من التفاعل والانسجام القائم بين قطاعات قواتنا المسلحة كافة، والاحتفال بهما هو احتفاء بالثبات على قيم الانتماء والولاء، وتعبير عن الإيمان العميق بقيمة العمل الجماعي؛ حماية للوطن ومنجزاته، بدعم من القيادة الرشيدة - المتمثلّة في سيدي صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة- وقادة قواتنا البرية والجوية والبحرية، وضباط وجنود هذه القوات، فهذا التناغم دليل قوة، والاحتفال باليوبيل الفضي دليل إصرار على مواصلة التكاتف والنجاح، فإلى جميع قيادات وأفراد القطاعات العسكرية المختلفة، نقدّم التهاني والتبريكات، متمنين لهم التوفيق والسداد في خدمة الوطن. أطلق سيدي صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الاستراتيجية الوطنية للابتكار، في رأي سموّكم، كيف يمكن تحفيز ثقافة الابتكار وإثراؤها في مؤسّساتنا الوطنية، لاسيّما في مجال التعليم والبحث والتطوير؟ ــ تهدف الاستراتيجية الوطنية للابتكار إلى تحفيز الابتكار في مجالات الطاقة المتجدّدة والنقل والصحة والتعليم والتقنية والمياه والفضاء، ومعظم هذه المجالات ذات صلة بالخدمات العامة والبنية التحتية؛ ما يعني تطوير هذه القطاعات للارتقاء بالحياة، بشكل يحافظ على الموارد الطبيعية للدولة، ويؤسّس لحياة مستقبلية، يكون فيها الاعتماد على الطاقة المتجدّدة، ويكون فيها التعليم متطوّرا، ويلبّي متطلبات التنمية؛ لننتقل بالاقتصاد إلى اقتصاد المعرفة، ولا يتمّ النهوض بهذه القطاعات، والانتقال بها إلى مراحل مستقبلية، إلاّ بالابتكار والتطوير والإبداع وفق أسس علمية، أي القيام بدراسات وبحوث تغذي فلسفة الابتكار، وهذا ما يتم حاليا في مجالات الطاقة المتجدّدة وبحوث الفضاء والتعليم، ونحن في حاجة إلى مزيد من الأفكار الإبداعية والمشروعات الابتكارية كي نحقّق التطوير، وعلى رأسها البحوث العلمية في مجال التعليم، بصفته الركيزة الأساسية لأي تقدم مجتمعي؛ فالتعليم النوعي ينعكس على قوة الاقتصاد ومستوى الحياة ونوعيتها؛ لذا فنحن نركّز في المرحلة الراهنة على تحفيز الابتكار في التعليم، وقد طرحنا مجموعة من المبادرات، التي ستأخذ طريقها إلى التنفيذ بالتعاون مع المؤسّسات والجهات المعنيّة. في امتداد طبيعي لفكر قيادتنا الحكيمة، أطلق سيدي صاحب السموّ رئيس الدولة، مبادرة عام 2016 عاما للقراءة، ما رأي سموّكم في هذه المبادرة الرائدة في خلق جيل قارئ وترسيخ الدولة لتكون وجهة للثقافة والمعرفة والعلوم؟ ــ هذه المبادرة الرئاسية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستراتيجية الوطنية للابتكار؛ إذ لا ابتكار دون قراءة، ولا نعني هنا القراءة بهدف التسلية أو الترفيه، وإنما القراءة الجادة التي تنمّي القدرات الذهنية، والقراءة المعرفية التي تشحن العقل، وتحفّزه للابتكار؛ إذ من المفترض أن أي فكرة مهمة نطّلع عليها في كتاب، تقودنا إلى فكرة ثانية وثالثة وهكذا؛ فعملية القراءة هي توليد للأفكار والنظريات على الصعيديْن الفردي والمؤسّسي، وإطلاق مبادرة القراءة يعني تشجيع الشعب على المشاركة في تحمّل المسؤولية وصناعة القرار، والإسهام في التطوير الذي تنشده دولتنا؛ لتكون دائما في المقدمة، وأقولها صراحة، إذا لم نجعل الكتاب رفيقنا الدائم، فإننا لن نحقّق ما نصبو إليه من تقدّم وتطوّر، فالقراءة هي الأداة والوسيلة والهدف لبناء الذات البشرية، وتأهيلها لتكون جديرة بالعيش في القرن الواحد والعشرين؛ فعلينا أن نجعل الكتاب صديقنا ورفيقنا؛ لأنه الأكثر إخلاصا، والأكبر فائدة. أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة برنامجا علميا طموحا لاستكشاف كوكب المريخ، في رأي سموّكم، ما الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها من وراء هذا البرنامج؟ وهل هذا البرنامج مقدمة لبرامج طموحة أخرى في المجال ذاته؟ ــ الحديث هنا يدور عن مسبار الأمل، الذي سترسله الإمارات إلى الفضاء؛ ليصل إلى كوكب المريخ بحلول سنة 2021، وهذا المشروع له أبعاد كثيرة، منها علمية، تتمثل في استكشاف المريخ، وسيكون أول مسبار من نوعه، يدرس المناخ على الكوكب الأحمر على مدار اليوم، وعبر الفصول كافة، وبشكل مستمر، وبذلك سيكون أول مرصد جوي حقيقي للمريخ، سيسهم في توفير بيانات، تفيد العلماء في تتبّع المتغيّرات في الغلاف الجوي للمريخ، والاستفادة منها في دراسة المتغيّرات المناخية التي يشهدها كوكب الأرض، أما البعد الثاني والجوهري، فيتمثّل في الإسهام الإماراتي في الجهد البشري المبذول لدراسة الفضاء، لاسيّما إذا عرفنا أن أكثر من 70 إماراتيا سيشاركون في المشروع، إضافة إلى ذلك، فإن التقنيات الرئيسة التي سيقوم عليها المشروع، سيتمّ تصميمها وتصنيعها وتجميعها محليا، أي سيكون لدينا نواة لصناعة تقنية الفضاء، وهي صناعة تحقّق نموا عاليا على الصعيد العالمي، ولا شكّ في أن نجاح هذا المشروع سيكون مقدمة لمشروعات كثيرة في مجال تقنية الفضاء، وستدخل الإمارات إلى هذه الصناعة بثقلها، لاسيّما أن محطة المراقبة الأرضية ستمتلك بيانات فضائية على مدار الساعة؛ الأمر الذي سيجعل من الإمارات شريكا مهما في هذا المجال. كيف تنظرون - سموّكم - إلى ما تحقّق في مسيرة التنمية؟ وما تطلعاتكم المستقبلية في ضوء مرحلة التمكين السياسي والاقتصادي التي أطلقها صاحب السموّ رئيس الدولة؟ ــ لقد حقّقت دولتنا تنمية نوعية خلال فترة وجيزة من الزمن، وشملت هذه التنمية مجالات الحياة كافة؛ وتُعدّ الخدمات المتوافرة في الإمارات الأولى على صعيد الوطن العربي، وفي المراتب الأولى على الصعيد العالمي، وسنواصل تطوير المشروعات التنموية عبر المبادرات والمشروعات الطموحة، التي تضع رؤى صاحب السموّ رئيس الدولة موضع التنفيذ في مجالات التمكين السياسي والاقتصادي؛ فالإمارات تسير في هذا الميدان بتبصّر وتدرّج، وتنتقل من مرحلة إلى أخرى بعد قراءة فاحصة للنتائج والمعطيات الميدانية، وما صاحبها من تطوّرات داخلية أو خارجية، كما أن قيم الشورى والمشاركة والانفتاح ليست ممارسات غريبة على شعبنا أو مستوردة من الخارج، إنها إرث إماراتي أصيل، راسخ في عمق تجربتنا السياسية التاريخية؛ فالأبواب ظلّت - وستظلّ على الدوام - مفتوحة بين القيادة والشعب في هذه الدولة الاتحادية الموحّدة، وهذا ما عبّر عنه في بلاغة، أخي صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حين قال: إن البيت متوحّد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وفي المجالات جميعها. يُعدّ تنوّع مصادر الدخل ضمانة التنمية المستدامة والمتوازنة، في رأي سموّكم، ما مدى نجاح سياسة التنوّع الاقتصادي، في الوقت الذي يشهد فيه العالم انخفاض أسعار النفط عالمياً؟ ــ حكومة الإمارات تعمل منذ سنوات على مشروعات، تحقّق التنوّع في مصادر الدخل؛ انطلاقا من فرضية أن الثروة النفطية لن تستمر إلى الأبد، وبالتالي فإننا حين نرفع شعار الاستدامة، فإن ذلك يعني التنوّع، وعندما نطلق مشروعات الطاقة المتجدّدة، ومشروعات تقنية الفضاء، ومشروعات الصناعات العسكرية والإنتاجية، ومشروعات المشتقات النفطية، وحين نطلق الفرص لتأسيس المشروعات الصغيرة، وحين نستثمر في التعليم والموارد البشرية، فإن ذلك كله يعني التنوّع، ويمكننا الإشارة إلى أن إسهام القطاعات غير النفطية تجاوزت نسبة 70% من إجمالي الناتج المحلي، ومنظمة التجارة العالمية أشادت بتوجّه الإمارات نحو تنويع الاقتصاد، أما بالنسبة إلى انخفاض أسعار النفط عالميا، فإنه يجعلنا حريصين أكثر على المضي في سياسة تنويع الاقتصاد وزيادة كفاءته وتنافسيته، وقد بدأنا بتخطيط اقتصادنا للسنوات المقبلة، بعيدا عن التجارة النفطية. سيدي، قرّر مجلس الوزراء مؤخرا تشكيل مجلس للمشروعات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ما المقاصد المرجوة من ذلك؟ ــ إنه جزء من جهود الدولة لتنويع الاقتصاد والدخل؛ فالتوجّه نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو توجّه عالمي، يعزّز من مسيرة التنمية والتنافسية، ويسهم في استدامة الاقتصاد والتنوّع، والمجلس سيسهم في دعم هذه المشروعات، وتوفير الخبرات لها، ومساندتها في تسويق منتجاتها، وإضافة إلى ذلك كله، فإنه سيفتح الباب لمشاركة شرائح اجتماعية مختلفة في عملية التنمية، ويعطي دفعة قوية للمبادرات، وللاستفادة من المعارف والمهارات كافة، فكل كبير يبدأ صغيرا. سيدي، تتنوّع المقومات السياحية في الدولة، التي تمتلك قدرات سياحية هائلة، لكننا نرى إقبالا سياحيا كبيرا لدى المواطن على السياحة الخارجية، ما رأي سموّكم في ذلك؟ وكيف نعمل على تشجيع السياحة الداخلية بديلا للسياحة الخارجية للمواطن؟ ــ القطاع السياحي في الإمارات حقّق قفزات واسعة؛ فقد احتلّت الدولة المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط في قائمة الدول الأكثر تطوّرا في قطاع السفر والسياحة، واحتلت المرتبة 30 بين 139 دولة، شملها تقرير التنافسية للسفر والسياحة لسنة 2011، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ولا شكّ في أن القطاع اليوم أكثر تطوّرا عما كان عليه سنة 2011، والسياحة الداخلية نشطة حتى خلال فصل الصيف، إلاّ أنه من الصعوبة لأي دولة من الدول خلق سياحة داخلية بديلة عن السياحة الخارجية، ويجب ألاّ ننسى أن الظروف المناخية في الإمارات تلعب دورا في هذا المجال، لكن في الوقت الذي ينشد المواطن الطقس المعتدل في الخارج، نرى سياحا وزائرين يحضرون إلينا ينشدون الصحراء وحرارة الشمس، إلاّ أننا نؤكّد هنا أن السياحة الداخلية مزدهرة؛ فقد أصبحت الإمارات الوجهة الأولى خليجيا، في ظلّ توافر جميع عناصر السياحة العصرية ومقوماتها، وهناك جهود جادة تبذل للاستفادة من البنية التحتية المتقدمة للدولة في تطوير مرافق وخدمات سياحية متميّزة، تعزّز تنافسية السياحة الداخلية بجعلها أكثر جاذبية للمواطن والسائح الخليجي والعربي والأجنبي. في ضوء المتغيّرات الجارية في عدد من الدول العربية، كيف ترون - سموّكم - الأحداث الجارية في الدول العربية الشقيقة، ومدى انعكاساتها على الأمن العربي الخليجي؟ ــ لقد مرّ النظام العربي بظروف مماثلة من قبل، واستطاع أن ينجو منها، لكن الوضع الراهن مختلف لأسباب عدّة، منها أن بعض الدول العربية أضحت أضعف بكثير في ظلّ عدم قدرتها على ضمان الأمن، وتوفير الحاجات الأساسية لشعوبها؛ ما جعلها بيئة خصبة لإنماء بذرة الإرهاب المدعومة سلاحاً ومالاً وتحريضاً من أعداء الأمة العربية، ولا شكّ في أن منطقة الخليج - الواقعة في قلب الوطن العربي - تتأثر سلباً أو إيجاباً بمحيطها، إلاّ أن التفاف الشعوب في دول مجلس التعاون الخليجي خلف قياداتها يحصّنها، ويحافظ على أمنها واستقرارها، ورغم ذلك، لا بدّ أن نكون حذرين، قيادة وشعوبا؛ لنفوّت الفرصة على كل مَنْ تسوّل له نفسه العبث بأمن المنطقة، والتدخّل في شؤونها، وهذا يتطلب درجة عالية من التنسيق مع الأشقاء العرب؛ توحيدا للرؤى والجهود، لاسيّما فيما يتعلّق بمكافحة الإرهاب، ومحاصرة مصادر تمويله وتسليحه. من المعروف عن سموّكم حبكم وممارستكم المستمرة لرياضة الفروسية، وتشجيعكم ودعمكم لرياضات الإبل، فلماذا تركزون سيدي على هذا النوع من الرياضات التراثية؟ وكيف ترون مستقبل هذه الرياضات في الدولة؟ ــ الرياضات التراثية جزء لا يتجزأ من عاداتنا الأصيلة، وقيمنا الحضارية الراسخة بجذورها في أعماق التاريخ، ونحن في الإمارات نسعى دائما إلى تقديم رياضات الماضي، ونقل تجربة الآباء والأجداد إلى أبناء الجيل الجديد، وصقل شخصياتهم للإسهام الفاعل في مسيرة التنمية والبناء والتحديث، ونحن - ولله الحمد - فخورون بما تحقّق في مجال الرياضات التراثية، لاسيّما في سباقات الهجن العربية الأصيلة، والسباقات البحرية التراثية، وسباقات الفروسية، والصيد بالصقور، والرماية التقليدية، وغيرها من النشاطات التراثية، التي تجمع فعالياتها بين الشباب والشوّاب، وتتيح الدولة اليوم فرص تنافس حقيقية للشباب عبر البطولات والمهرجانات الرياضية الشعبية، التي تساعدهم على إظهار مواهبهم الفردية، وتكسبهم المعارف والقيم والتقاليد والمهارات المختلفة، وتشغل أوقات فراغهم فيما يفيدهم من الناحية الاجتماعية والتربوية والقوة البدنية، إضافة إلى ما تلعبه هذه الرياضات من دور في ربط الجيل الحالي بتراث الأجداد والآباء، وتشجيعهم على تقدير الموروث الشعبي والافتخار به والمحافظة عليه، وفي هذا كله، نحن نلتزم نهج المغفور له (بإذن الله تعالى) مؤسّس الدولة الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي اهتم بالتراث، ودعا إلى الحفاظ عليه؛ لأنه يمثّل هوية الإنسان، وقد اهتمت بها المناهج الدراسية؛ فجعلتها جزءا من دروس التربية الوطنية. (وام) القوات المسلحة شاركت في حرب أكتوبر رداً على سؤال حول مشاركة القوات المسلحة في تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، وتقييم سموه لدورها ومشاركتها في عمليات حفظ السلام ودعمه في اليمن، قال سموه: لم يكن قد مرّ على تأسيس دولة الإمارات عامان؛ حتى أرسلت جنودها إلى مصر للمشاركة في حرب أكتوبر، ثم بعدها بثلاثة أعوام، أرسلت فرقة إلى لبنان للمشاركة في قوات الردع العربية، ومنذ ذلك الحين وجيش الإمارات يسهم في الوقوف إلى جانب الأشقاء وحفظ السلام والمشاركة في حملات الإغاثة، بدءا من مصر، مرورا بلبنان والكويت والصومال والبوسنة وكوسوفو وأفغانستان والبحرين، ثم محاربة إرهاب داعش، وأخيراً بالمشاركة في عاصفة الحزم في اليمن، وقد أدّى جنود الإمارات أدوارهم بكفاءة عالية، بشهادة الاستراتيجيين العسكريين وخبراء الإغاثة الدوليين، وتستند مشاركة الإمارات في هذه الحملات إلى قناعة راسخة بضرورة الوقوف إلى جانب الأشقاء والأصدقاء، ومساعدتهم على الخروج من أزماتهم، وهو واجب وطني وإنساني، تمليه علينا عقيدتنا وثقافتنا وحضارتنا وانتماؤنا، فنحن جزء لا يتجزأ من هذا الوطن العربي الكبير، كما أننا جزء من المنظومة العالمية الساعية إلى تعزيز الأمن والاستقرار الدولييْن، أما دور قواتنا في اليمن، فقد حاز على إعجاب القيادات العسكرية في العالم؛ مشيدين بكفاءاتهم وخبراتهم القتالية، ومن هذا المنبر، نشيد بكفاءة قواتنا المسلحة، ومهاراتها القتالية، وجهودها الإغاثية والإنسانية، التي رفعت علم الإمارات عاليا، ونقول لجنودنا البواسل: أنتم حصن الإمارات القوي، وحماة إنجازاتها ومستقبلها، وأنتم فخرنا جميعا. التعليم والابتكار المحور الرئيسي للعمل الحكومي تعمل دولة الإمارات على تأمين أفضل المقوّمات التعليمية، على أن الإنسان هو رأس المال الحقيقي، والعنصر الأكثر أهمية في عملية التطوير الحضاري، ما تقييم سموّكم للتعليم في الدولة؟ وما توقّعاتكم لمستقبل التعليم؟ ــ لا يزال التعليم والابتكار المحور الرئيس للعمل الحكومي ضمن أجندتنا الوطنية، وقد حقّقت الإمارات قفزة نوعية في أداء التعليم العام والتعليم العالي، وصولا إلى تكامل وتوافق أمثل في مخرجات التعليم، وبما يتناسب مع حاجات المجتمع الإماراتي وسوق العمل، فقد أسهمت مؤسّساتنا التعليمية برفد سوق العمل الإماراتي بعشرات الآلاف من الخريجين المؤهلين، وتحظى جامعاتنا اليوم بالاعتراف والاعتماد الأكاديمييْن دوليا، ومستوياتها تضاهي أعلى المستويات، ورغم هذه الإنجازات، فإننا نطمح إلى المزيد؛ فعملية التطوير في قطاع التعليم عملية مستمرة، لا تتوقف، وطموحنا أن نكون في المراتب الأولى في العالم ضمن الاختبارات الدولية، وقد بدأنا بالتركيز على البحث العلمي والمشروعات الابتكارية لتعزيز بناء مجتمع قائم على اقتصاد المعرفة، ومَنْ تابَعَ القمة الحكومية الأخيرة، سيدرك أن الإمارات تستعد بجدية للوصول إلى مجتمع المعرفة عن طريق تطوير وجذب المواهب والخبرات في مجال البحث العلمي والابتكار، وتنويع مصادر التمويل للمشروعات البحثية والابتكارية، وإنشاء حاضنات للابتكار، وتشجيع التعاون بين مؤسّسات الأعمال والحكومة ومؤسّسات المجتمع المدني، ونحن على ثقة بأن مستقبل الإمارات سيكون أكثر ازدهارا. نتمنى أن تصبح الرياضة أسلوب حياة في الدولة يلقى المنتخب الوطني لكرة القدم خاصة، ورياضة كرة القدم عامة، دعما وتشجيعا مستمريْن من سموّكم لتحقيق نتائج أفضل إقليميا وعالميا، كيف ترون مستقبل كرة القدم في الدولة؟ وما تقييم سموّكم لتجربة الاحتراف حتى الآن؟ ــ دون شكّ، تتمتّع دولة الإمارات - بفضل دعم قيادتها الرشيدة - بقاعدة جيدة من المراكز التدريبية والأكاديميات الرياضية، التي تسهم في تأهيل الأجيال الصاعدة وصقل مهاراتهم وتعزيزها، وتضعهم على الطريق الصحيح، وأمنيتنا أن نرى الرياضة وقد أصبحت أسلوب حياة لجميع أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين على أرض الدولة، ونحن متفائلون بمستقبل كرة القدم في الإمارات؛ فهي تسير بخطوات ناجحة نحو الأمام، والدليل على ذلك النتائج الإيجابية التي حقّقتها المنتخبات الوطنية لكرة القدم خلال الفترة الماضية تحت إشراف قيادة وطنية، ورغم رضانا عمّا تحقّق من إنجازات، إلاّ أننا نطمح إلى المزيد من الإنجازات خلال الفترة المقبلة، وذلك بتحقيق البطولات القارية على مستوى الأندية والمنتخبات، والوصول إلى كأس العالم 2018 في روسيا، أما فيما يخصّ تجربة الاحتراف في الدولة، فإنها تجربة جيدة بالمقاييس كلها، وبدأت بخطوات جادة نحو تحقيق الأهداف المطلوبة، وما زالت التجربة تواجه العديد من التحديات، أبرزها الاعتماد على الشركات، وتعزيز قيم التسويق التجاري، ونتمنى أن تشهد الفترة المقبلة حراكا لتطوير الأندية على المستويات كافة؛ الأمر الذي سيساعدها على تحقيق البطولات في الرياضات المختلفة.

مشاركة :