الحياة في الإمارات حافلة بالترفيه والفنون والموسيقى، فهي أحد أبرز المراكز الفنية في منطقة الشرق الأوسط، ما ينعكس مباشرة على واقعها المكتظ بالصالات والمراكز الموسيقية، وفي كل هذه المجمعات الفنية قصص متنوعة تسرد تفاصيل تضج بالحيوية والإبداع، ففي مراكز ومحلات بيع الآلات الموسيقية الآخذة في الانتشار بجميع إمارات الدولة، ثمة حياة أخرى تنتزع مساحتها عنوة من زخم الضجيج اليومي، وتحتل براحات واسعة، لتعزف جميعها سيمفونية التعدد والتنوع، الذي تزخر به الدولة. الآلات الموسيقية المعروضة في المحلات المختلفة، تعبر عن ثقافات متباينة، إلا أنها تلتقي جميعها في الجماليات المشتركة التي تضفي بعداً جديداً عنوانه الوحدة في التنوع، هكذا تقول لافتات معظم المحال الموسيقية، التي يمكنك بجولة واحدة فيها أن تتعرف إلى آلات موسيقية متنوعة، تضم تلك الأنواع المشتركة والمعروفة لدى الجميع، إضافة لأدوات أخرى تحمل خصوصية شعب معين، يمكنك أن تتعرف إليها هنا في محال، تعد أن كل ما يمكن أن يصدر صوتاً ويتحكم به، عازف آلة موسيقية. في معظم المحطات التي طفنا بها، يبدأ العرض بالآلات الوترية، التي تُصدر تنغيماتها عن طريق اهتزاز الأوتار الموجودة عليها، فالعود والجيتار مثلاً، هما أول ما يصطدم بنظرك، وتمنحها طريقة العرض بعداً جمالياً، حيث تتراص الآلات الوترية كجوقة تضج بالأهازيج، على مقربة منها مباشرة تجد الدفوف والطبول والأجراس، وغيرها من الأدوات الموسيقية والإيقاعية، التي يتم عرضها في المحلات بطرق معينة تجذب إليها الكثير من عشاق الإيقاعات، وتجد كذلك آلات النفخ الهوائية، وهناك البيانو والأورج، ومثيلاتها. يقول محسن ديواني، وهو من العازفين الهواة، وجدناه يقتني جيتاراً من أحد المحال: هذه الزيارة هي الثامنة له، لهذا المحل وغيره، وفي كل مرة يأتي إلى هنا يعتزم شراء آلته المفضلة الجيتار، التي تعلم العزف عليها منذ عدة أعوام، إلا أنه ما أن يتجول بين الخيارات المتاحة، حتى يعدل عن فكرة الشراء ويعود أدراجه، حتى كللت رحلاته المتعددة أخيراً باقتناء آلة، ويعزو ديواني هذا التردد إلى المتعة، التي تتوافر لمن يهوى الموسيقى، من مثل هذه الزيارات التي يقلب خلالها خيارات متعددة، ويستمع في كل جولة إلى ميزات جديدة عن الأدوات الموسيقية من رواد وزوار آخرين، كما أن التسرع في شراء هذه الأدوات يعد من الأمور غير المستحبة للفنانين، فمثل هذه الأدوات يجب أن يتحلى صاحبها بالتأني، الذي سيقوده إلى خيارات أفضل. رغم تشابه المعروضات في جميع المحلات، إلا أن هنالك منافسة كبيرة بين أصحابها، لذلك يحاول الكل هنا أن يتميز على الآخر بطريقة العرض المختلفة، وتوفير أنواع مختلفة من ذات الآلات حتى يجد الرواد خيارات متعددة تناسب جميع الأذواق، وفقاً لما يؤكده محمد إبراهيم، الذي يدير متجراً متخصصاً في الآلات الوترية بدبي، ويرى أنه رغم إقبال الناس على آلات معينة، إلا أن المنافسة في السوق تقتضي توفير خيارات متعددة من هذه الأدوات، فالتنوع الذي تتميز به الدولة، يجعلك أمام أذواق مختلفة. إلسا قودوين، التي كانت تجوب أرجاء أحد المحلات بالشارقة، تقول: إنها مسؤولة عن أحد مراكز تعليم الموسيقى بالمدينة، وتأتي إلى هذه المتاجر بشكل دوري، لصيانة وتجديد الأدوات التي يتعلم الصغار عليها، وتصف قودوين الجولة بالممتعة، وأنها تنطوي على ترفيه وتثقيف في نفس الوقت. يقول حسام عسلي، الذي يعمل في مركز عالم الفن للآلات الموسيقية بالشارقة: تشهد الآلات الموسيقية إقبالاً جيداً من قبل الأفراد والفرق الموسيقية، وتمتاز الإمارات بموقع فني مميز، لذلك تجد الآلات الموسيقية سوقاً رائجة، حيث يبحث الجميع عن آلات مميزة، ونجد هنا أن هناك إقبالاً كبيراً على آلة العود والطبول من الرواد القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة لمواطني ومقيمي الإمارات بشكل كبير، لدينا أسعار هادئة جداً، آلة العود تبدأ من 200 درهم، وتتفاوت حسب نوعها. صيانة في كل متجر من هذه المتاجر التي تتحول في الفترات المسائية إلى فضاءات للفرجة والمتعة والترفيه، يمكنك أن تجد قسماً متخصصاً لصيانة الأدوات الموسيقية، وإن لم تجده بداخل المتجر، يمكنك أن تعثر عليه في المنطقة المتاخمة له، وهو فضاء مختلف تماماً يرتاده ذات الرواد، أحدهم أمجد عبدالله، الذي كان يقصد ورشة صغيرة للصيانة، اصطحبنا معه إلى فنائها، حيث يتوزع مجموعة من الفنيين، وهم يعكفون على آلات مختلفة، تصدر تنغيمات متباينة، في مرحلة التجريب، قبل الإصلاح، يقول عبدالله: عثرت على هذه الورشة بالصدفة، عندما كنت أبحث عن متخصص لإصلاح آلة الجيتار الخاصة بي، وبعد أن تم إرشادي إلى هذا المكان وجدت أن به أجواء رائعة، فيمكنك بالاحتكاك مع الفنيين التعرف إلى الأوضاع المثالية لحفظ الآلة ووزنها وغيرها من الأمور الفنية المختلفة.
مشاركة :