اختتم منتدى التنافسية الدولي السابع (بناء شراكات تنافسية) الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار بالرياض مساء اليوم, فعالياته التي استمرت خلال الفترة من 18-20 يناير الجاري وعلى مدى يومين بجلسات نقاش , حيث تناولت أولى جلسات اليوم الثاني (مستقبل الصناعات الجديدة الواعدة ). وأوضح الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار خلال كلمته بداية الجلسة, أن ما صدر من الدولة مؤخرًا من قرارات لدعم السياحة والتراث الوطني هو تتويج لعمل تراكمي منظم عبر سنوات، مشيرًا إلى أن هذا العمل يمثل أساسًا لكل إنجاز مستقبلي في هذا القطاع. ونوه بصدور قرار مجلس الوزراء مؤخرًا بالموافقة على "مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري"، وعلى دعم الهيئة العامة للسياحة والآثار مالياً وإدارياً للقيام بالمهام الموكلة إليها نظاماً، مشيرًا إلى أن ذلك يؤكد اهتمام الدولة بالتراث الوطني، الذي يمثل مكوناً أساساً في الهوية الوطنية والسياحة بوصفها قطاعاً اقتصادياً رئيسًا، ما سينعكس على صناعة السياحة قريباً في مجال تهيئة وتطوير الاستثمارات السياحية في مختلف مناطق المملكة. وأشاد سموه بتنافسية قطاع السياحة في المملكة ، بما يحظى به من دعم واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين ـ حفظهما الله ـ ، مؤكدًا أن المواطن السعودي أصبح مقبلاً على السياحة الوطنية وتطويرها، مشيراً إلى أن الهيئة أثبتت جاهزيتها في إدارة السياحة وتطوير قطاعاتها، وأن مرحلة التخطيط انقضت وبدأت مرحلة المشروعات , مبينًا سموه أن عام 2014م سيشهد بمشيئة الله تحولات كبرى في صناعة السياحة الوطنية. وأكد أن الاستثمارات الكبيرة التي تضخها الدولة في جميع القطاعات وفرت بنية تحتية على مستوى عال في كل المجالات، واستفاد منها القطاع السياحي بدرجة كبيرة، مشيراً إلى الأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما المملكة ، حيث أنهما أساس وجود البيئة التنافسية المتميزة التي تعيشها، وأن التنافسية الحقيقية تكتمل إذا اعتمدنا على قناعة المواطن باستهلاك الخدمة، وهذا الجهد ليس سهلاً ولا يأتي بقرار وإنما بجهود تراكمية لإقناع المواطن وتهيئة الفرصة له ليبدع ويقدم . وبيّن سمو الأمير سلطان بن سلمان أن الدولة تقدم مبادرات لتهيئة مواقع سياحية، والقطاع الخاص يبادر لها، والمجتمع المحلي يتطلع إلى تهيئة وتطوير هذه المواقع، وكل طرف يسابق الآخر لتحقيق هدفه ، مشيراً إلى أن المملكة اتخذت خطوات جريئة لإعادة تشكيل الاقتصاد الوطني وتهيئة القطاع السياحي ليكون منافساً لجذب المواطنين للبقاء في بلادهم وأسواق أخرى ذات أهمية أساسية، مبيناً أنه تم البدء قبل سنوات قليلة في العمل المنظم لتحفيز نمو قطاع السياحة الوطني. وأبان أن مشروع السياحة هو مشروع شامل ومركب يتعامل مع التراث الوطني ومواقع التراث وصناعة السياحة ككل في وقت واحد، مشيراً إلى أنه تم إطلاق عدة مبادرات من خلال استراتيجية التنمية السياحية الوطنية التي أعادت تنظيم القطاع بالكامل, حيث دُعمت بعدة قرارات أساسية من الدولة شملت إعادة تنظيم قطاعات الإيواء السياحي، والتراث الثقافي، والمعارض والمؤتمرات، والحرف والتراث والصناعات التقليدية، والتراث العمراني، وعمليات التنقيب عن الآثار، وإنشاء قطاعات الخدمات السياحية، وتطوير مسارات التراخيص للخدمات وتحفيز نموها، وبناء قواعد المعلومات والإحصاءات الموثقة، وإعادة تشكيل الخطاب الإعلامي وبناء الشراكة، إضافة إلى تطوير العلاقة مع القطاع الخاص لتحفيز الاستثمار والتمويل وإنشاء الشركات السياحية، وتطوير منظومة مؤسسات التدريب الأكاديمي والمهني، وتنفيذ برنامج وطني لتهيئة المواطنين للعمل في مجالات السياحة والتراث الوطني. وأفاد سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن القطاع السياحي يمثل القطاع الثاني في نسبة سعودة الوظائف في المملكة، وسيصبح القطاع الأول لتوظيف السعوديين قريباً إذا توافرت فرص التحفيز المناسبة، مشيراً إلى أن عدد العاملين في قطاع السياحة بلغ (751ألف عامل) حتى العام 2012م فيما تبلغ نسبة المواطنين العاملين في القطاع (27%) , مؤكداً أن المواطنين يعدون مثالاً جاداً وعملياً من خلال تجاربنا في العمل معهم ، حيث لمسنا الإقبال من الشباب الجاد في العمل في هذا القطاع الناشئ، وستزيد تلك الفرص بعد صدور قراري مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري ودعم السياحة, مبيناً أن السياحة الوطنية تملك فرصة كبيرة وتبشر بمستقبل مشرق. بعدها قام سمو الأمير سلطان بن سلمان بجولة في المعرض المصاحب للمنتدى (استثمر في السعودية), اطلع خلاله على أبرز إنجازات الشركات السعودية المشاركة . عقب ذلك ناقشت الجلسة التي شارك فيها نائب الرئيس للتسوق والبرامج المكلف بالهيئة العامة للسياحة والآثار حميد بن عبدالعزيز آل الشيخ, والرئيس التنفيذي للفنادق والمنتجعات بالمملكة بدر البدر , وعبدالله ناصر لوتاه من مجلس التنافسية في الأمارات العربية المتحدة، والمؤسس والرئيس في مراكش بيانال فينيسيا برانسون , والرئيس التنفيذي للتسويق في نادي برشلونة الرياضي لاندر أنزيتا, سبل تشجيع السياحة مع الحفاظ على الهوية الحضارية والتنافس في مجال السياحة والاتجاه إلى العمل مع الحكومات لتنفيذ استراتيجية وطنية للسياحة ودور الحكومة في مقابل القطاع الخاص بالإضافة إلى دور السياحة بوصفها محركاً للتوظيف . إثر ذلك بدأت الجلسة الختامية لمنتدى التنافسية السابع التي تحمل عنوان ( شركات متجددة : فرص الأعمال السعودية الصينية) شارك فيها نائب الرئيس الأول في هواوي دينغ شاو هوا , ورئيس مؤسسة كوهن الدكتور روبرت لورانس , والمحلل الاقتصادي المستقل الدكتور أندي شيه ، والمستشار في وزارة البترول والثروة المعدنية الدكتور محمد الماضي، أوضح خلالها الدكتور الماضي أن المستثمر في دولة الصين لاتوجد علية قيود مالية خلال التحويلات المالية , مؤكداً أهمية الشراكة التنافسية مع الجانب الصيني في قطاعات البناء والتشييد والسيارت . بعد ذلك رحب معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان في كلمة بختام جلسات المنتدى بالرئيس السابق لجنوب أفريقيا فريدريك دي كليرك الذي يزور الرياض للمرة الأولى للمشاركة في فعاليات المنتدى, مشيرًا إلى الدور الكبير الذي لعبه دي كليرك منذ تولى رئاسة جنوب أفريقيا خلال الفترة بين عامي 1989 و1994م، ثم شغل منصب نائب الرئيس نيلسون مانديلا بين عامي 1994 و1996م كما ، كان طوال هذه الفترة بين عامي 1989 و1997م يشغل منصب رئيس الحزب الوطني لجنوب أفريقيا، وبعد اعتزاله الحياة السياسية أسس مؤسسة دي كليرك لتطوير السلام والتعايش السلمي، وكان نجح في إقناع الأقلية البيضاء بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع المؤتمر الوطني الجنوب أفريقي، بعد إجرائه مفاوضات ناجحة مع الزعيم الراحل نيلسون مانديلا. ولفت المهندس العثمان النظر إلى حزمة القرارات والإصلاحات التي أجراها دي كليرك، والتي أسهمت في وضع جنوب أفريقيا على أعتاب مرحلة جديدة من النهضة التي بلغت درجة عالية في عالم اليوم . عقب ذلك ألقى الرئيس الأسبق لجنوب أفريقيا فريدريك دي كليرك، الحائز على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع نيلسون مانديلا عام 1993م قدم فيها شكره للجميع على هذه الدعوة, متمنياً أن تتاح له الفرصة لمعاودة زيارة المملكة في الأعوام المقبلة، واصفاً المملكة بـ "القطر الحيوي"، مؤكداً أن التنافسية الدولية يجب أن تتسم بالتعاونية والتسامح وليس العدوانية, مشيرًا إلى أن مفهوم "البقاء للأفضل" يفضي إلى تنافسية مميتة وتنافس قاس ومدمر، كما حدث ذلك خلال القرن الماضي , حيث أدت سيادة هذا المفهوم إلى نشوء الكثير من الهيمنة للأمم الأكبر على الأمم الأصغر. وتساءل دي كليرك: "لماذا لا يكون هناك عنصر التسامح حتى لا نقضي على العنصر الآخر من خلال هيمنة القوي على الضعيف"، كما ضرب مثلاً بالنموذج الأوروبي القائم على التعاون والتسامح، عاداً إياه من النماذج الناجحة التي تفسح المجال لظهور حكومات جيدة، كما وصف هونج كونج بالنموذج الناجح كذلك في مجال التعايش السلمي والتنافسية المتسامحة، داعياً إلى نشر ثقافة التعاون والتنافسية المتسامحة، مؤكداً أن الشراكة التنافسية أصبحت ضرورة حتمية للمجتمعات الناجحة والمزدهرة, متطرقًا إلى تجربة جنوب أفريقيا في مجال التنافسية العالمية التي اتسمت بكثير من التسامح مع الآخر، وقامت على مبدأ التعاون والشراكة حتى أصبحت اليوم ضمن أقوى اقتصادات العالم .
مشاركة :