مالت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية إلى الانخفاض بفعل زيادة صادرات دول الشرق الأوسط، وترقبا لما سيسفر عنه الاجتماع الوزاري لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في فيينا غدا الخميس، في حين شهد النفط الأمريكي تسجيل ارتفاعات سعرية، بسبب بدء موسم الصيف وزيادة الطلب على الوقود لأغراض الرحلات. وتأثرت السوق بارتفاع الدولار الأمريكي مقابل بقية العملات الرئيسة، حيث سجل أعلى مستوى له في ستة أشهر مع توقعات رفع مستوى الفائدة الأمريكية، فيما تجددت حالة التسابق الإنتاجي بين دول أعضاء "أوبك" بعد زيادة واسعة في إنتاج كل من العراق وإيران والكويت بشكل أساسي. وعزا المراقبون التسابق الإنتاجي إلى زيادة المنافسة على الحصص السوقية خاصة بعد تقلص الإمدادات من النفط الصخري الأمريكي ومن إنتاج بعض دول "أوبك"، ما حث دولا أخرى على تعويض ذلك بزيادة الإنتاج. وتترقب السوق نتائج اجتماع الدورة الـ 169 لوزراء الطاقة والنفط في منظمة أوبك التي تعقد في فيينا غدا الخميس، وسط توقعات غالبة على السوق تميل إلى عدم اتخاذ أي جديد بشأن سقف إنتاج دول المنظمة، في ضوء تعافي الأسعار وتراجع الإمدادات من خارج "أوبك". من جهته، قال لـ"الاقتصادية" تشارلز هولداي؛ مدير شركة "رويال داتش شل" العالمية للطاقة، إن المرحلة الحالية تتطلب تركيز الجميع على بحث التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي العالمي، وكيفية تجنب السقوط في دائرة الانكماش الاقتصادي الذي حدث في سنوات سابقة. وأضاف، أنه منذ منتصف عام 2014، بدأت أسعار النفط في الانخفاض الحاد واستمر هذا الأمر في العام الماضي حتى أوائل العام الجاري، مضيفاً "على مدى الأشهر القليلة الماضية شهدنا انتعاشا في الأسعار لكن هذا لا يعني العودة إلى ما يقرب من مستويات الأسعار في عام 2013". وأوضح، أنه "يجب إدراك حقيقة أننا في زمن تغيير كبير في الأنشطة الاقتصادية في كل العالم"، مشيرا إلى أن أوقات التغيير أو الصعوبات تتسم دائما بالإيجابيات والسلبيات وعلينا الاستفادة من الإيجابيات ودعمها وأبرز إيجابيات المرحلة هي التنوع الاقتصادي. وأشار إلى أن من أهم الفرص التي استفادت منها "شل" في عام 2015 هي الاستحواذ على مجموعة بي جي، مشيرا إلى أن هذه الصفقة تعد خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لشركتنا. وأضاف، أن أبرز سلبيات التحول في السوق كان ما حدث في الولايات المتحدة، حيث واجهت 42 شركة للنفط والغاز أزمة الإفلاس في عام 2015، ما أثبت أن المرحلة الحالية في السوق ليست مرحلة سهلة. وأشار إلى قيام "شل" بإجراء عديد من الخيارات المدروسة، خاصة ما يتعلق بالميزانية، حيث كان الإنفاق الرأسمالي لشركة شل في عام 2014 نحو 37 مليار دولار وتراجع إلى 29 مليار دولار في عام 2015، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 20 في المائة، ويعكس سياسة مرنة في التعامل مع حالة المد والجزر الحالية في السوق. وفيما يتعلق بتكاليف التشغيل في "شل"، قال إنها بلغت في عام 2015 نحو 41 مليار دولار، بانخفاض من 45 مليار دولار في عام 2014. بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية" الدكتور فيليب ديبيش؛ رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن لجوء عديدا من دول "أوبك" إلى تعزيز إنتاجها قبل الاجتماع الوزاري للمنظمة يعكس قناعة هذه الدول بأن متغيرات السوق تصب في مصلحتها، وأن "أوبك" تستعيد زخمها وتأثيرها في السوق خاصة مع التقلص الحاد في إمدادات الدول غير الأعضاء بالمنظمة الدولية. وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى زيادة واسعة في الإمدادات لدول "أوبك" في الربع الثالث من العام الجاري، وهو ما يؤكد زيادة الطلب على نفط المنظمة. ويشير إلى أن منتجيها هم القادرون في المرحلة الراهنة على تعويض تراجع إمدادات النفط الصخري وتقلص الإمدادات الناجم عن الاضطرابات السياسية أو الكوارث الطبيعية أو الإضرابات العمالية. ونوه إلى أن زيادة الإمدادات يجب أن تكون مدروسة جيدا وتكون معادلة لنقص المعروض من المنتجين خارج "أوبك"، لأن الزيادة المفرطة ستؤدي إلى تأخر تعافي الأسواق وتضغط من جديد على نمو الأسعار، مشيرا إلى أهمية التنسيق المستمر بين المنتجين لعدم اللجوء إلى حرب الأسعار أو المنافسات الضارة على الحصص السوقية. من ناحيته، بين إيفيليو ستايلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أنه لا يتفق مع من يحاول أن يقلل من النتائج المتوقعة من الاجتماع الوزاري لـ"أوبك" يوم الخميس، مشيرا إلى أن اجتماعات "أوبك" ما زالت وستظل تحظى بترقب الأسواق ومتابعة كل وسائل الإعلام العالمية. وأشار إلى أن اجتماع الخميس يجيء والسوق تترقب ماذا ستقدم القيادات الجديدة لوزارات النفط والطاقة في الدول الأعضاء ومدى إمكانية نجاح الحوار والمناقشات بين الدول الأعضاء حول قضايا السوق المختلفة وسبل تضييق مساحة الخلافات. وأعرب عن اعتقاده أنه من الأفضل عدم التسرع في زيادة الإنتاج لحين وصول الأسعار إلى مستوى جيد وداعم لنمو الاستثمارات، مشيرا إلى قيام المنتجين الأمريكيين بخفض عدد منصات الحفر في الأسبوع الماضي، رغم تحسن الأسعار، وذلك لدعم مزيد من المكاسب السعرية في السوق. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الخام الأمريكي أمس، بدعم من بداية فصل الصيف في الولايات المتحدة في الوقت الذي تراجعت فيه أسواق الوقود العالمية بفعل زيادة الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط الذي يتم تصديره في الغالب لزبائن في آسيا. وبلغ سعر تداول خام غرب تكساس الوسيط 49.58 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:07 بتوقيت جرينتش بزيادة قدرها 25 سنتا عن سعر آخر تسوية، في حين انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 18 سنتا إلى 49.58 دولار للبرميل. ومن المنتظر أن يزيد الطلب في أمريكا الشمالية، حيث يؤذن بدء موسم الرحلات الصيفية بزيادة كبيرة في الطلب، غير أن أسواق النفط العالمية تضررت من زيادة صادرات الخام من منطقة الشرق الأوسط. ومن المقرر أن يصدر العراق خمسة ملايين برميل إضافية من النفط الخام لزبائنه في حزيران يونيو، لينضم بذلك إلى منتجين آخرين في منطقة الشرق الأوسط في تعزيز حصته السوقية قبل اجتماع "أوبك" غدا الخميس. كما تخطط الكويت وإيران والإمارات لزيادة إنتاج الخام في الربع الثالث، في ظل منافسة مستمرة على الحصة السوقية في أكبر منطقة مستهلكة في العالم وهي آسيا. وتراجعت أسعار النفط العالمية في السوق الأوروبية أمس، بفعل ترقب اجتماع منظمة أوبك ودوره في دعم السوق، وتراجعت الأسعار أيضا تحت ضغط صعود الدولار الأمريكي قرب أعلى مستوى في ستة أشهر مقابل سلة من العملات. وبحلول الساعة 08:55 بتوقيت جرينتش تراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 49.40 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 49.63 دولار وسجل أعلى مستوى 49.74 دولار وأدنى مستوى 49.31 دولار. ونزل خام برنت إلى 49.95 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 50.24 دولار، وسجل أعلى مستوى 50.38 دولار وأدنى مستوى 49.84 دولار. وأنهى النفط الخام الأمريكي "تسليم يوليو" تعاملات الإثنين مرتفعا بأكثر من 0.1 في المائة في ثاني مكسب يومي على التوالي، وجاءت التعاملات ضعيفة لإغلاق الأسواق الأمريكية لقضاء عطلة عامة في الولايات المتحدة، وصعدت عقود برنت "عقود أغسطس" بنسبة 0.4 في المائة.
مشاركة :