ليس خافيًا الآن أن «الوجه الأخير»، ذلك الفيلم الأميركي الذي قام شون بن بإخراجه في أفريقيا، لم ينل إعجاب النقاد الذين وجدوا في «كان» ناهيك عن الفوز بسعفته أو أي جائزة أخرى. الفيلم يحمل رسالة كما هو متوقع لفيلم من إخراج بن، الممثل والمخرج الواقف على يسار الوسط، لكنها لا تمر مشففّة ولا ناعمة. فكرة الفيلم تعاني من كثرة التركيز على النواحي العاطفية التي تربط بين المرأة الملتزمة بمعاناة الأفريقيين على خلفية حرب دائرة ورفيقها في المهمّـة الإنسانية (خافييه باردام)، في مقابل التقليل من فرص إظهار الوضع السياسي والمعيشي لضحايا الحرب. بعض النقاد الأجانب ذهبوا إلى حد القول إن الفيلم يستغل خلفيته لصالح حكايته العاطفية، لكن هذا ليس بالتقدير الصحيح. المشكلة هي في سيناريو أقل اهتمامًا بالوضع الاجتماعي وبإخراج كسول في بحثه. لكن تشارليز ثيرون في دور المرأة المنشغلة بالمهمة الإنسانية التي ترثها عن أبيها تذهب لما بعد ما يفتقده السيناريو من عمق شخصيات. تترك تأثيرها المتوهج على الشاشة، وهي التي فعلت ذلك في معظم ما مثلته من أدوار حتى الآن. منذ أن شقت طريقها إلى السينما عام 1995 بات لديها مخزون من نحو 40 فيلما منجزا، وبعد مهرجان «كان» عادت لاستكمال دورها في ثلاثة أفلام، اثنان منها من إنتاجها والثالث من تمثيلها فقط. وإذا ما صدّقنا بعض المراجع فإن لديها ما بين الإنتاج والتمثيل 18 مشروعًا متراميًا على مدى الأفق القريب. في «ماجستيك هوتيل» غير البعيد عن قصر المهرجانات وبعد ساعات من العرض الصحافي لفيلمها الجديد «الوجه الأخير» جلسنا لمقابلة قدّر لها أن تكون لربع ساعة (نظرًا لجدول المقابلات) لكن بسبب تأخر الصحافي التالي (أو ربما غيابه) امتدت لـ25 دقيقة ثمينة. وفيما يلي نص الحوار: * «الوجه الأخير» كان مشروعًا قديمًا. أليس كذلك؟ أعتقد أن شون بن تحدث معك عنه قبل نحو سنتين؟ - تقريبًا. لكن المشروع حسب علمي يعود إلى عشر سنوات مضت. شون كان يريد تنفيذه خلال عام 2007 أو 2008 ثم انشغل عنه. قبل عامين عزم على إتمامه وأرسل لي السيناريو ووافقت عليه. * هل طرأت تغييرات ما على الشخصية منذ ذلك الحين؟ - كانت الشخصية واضحة والسيناريو الذي صوّرناه لم يختلف كثيرًا عن السيناريو الأول الذي قرأته. لا أعتقد أن تغييرات رئيسية تمّـت على أي من شخصياته. * هل صحيح انك تتجنبين عادة القيام بتقديم قراءات ومشاهد في امتحانات «الكاستينغ» حتى عندما تسمعين بدور تريدينه؟ - نعم صحيح. منذ البداية لم أشعر بأني أهل لتقديم امتحان قبول لدور. لا أشعر بالارتياح. أعرف ما أريده وكيف أريده لكني سأفشل إذا حاولت البرهنة عليه. لا أقول إنني لم أقم بإجراء امتحانات، لكني بالتأكيد توقفت عن ذلك قدر المستطاع في السنوات الخمس عشرة الأخيرة على الأقل. * ماذا تفعلين إذن إذا رغبت بتمثيل دور معين؟ - أركض وراء المخرج (تضحك). * كونك الآن منتجة لا تحتاجين حتى للركض وراء المخرجين. هم يأتون إليك. - مبدئيًا هذا صحيح، لكني ما زلت أحب أن أتعامل مع مخرجين أرى أن علينا أن نعمل سوية. وفي اعتقادي أن هذا ضروري وأفضل من أن أتسلم عروضًا لا أعرف مخرجيها. لكن هناك استثناءات أيضًا. عندما قابلت جورج ميلر أول مرّة قبل تصوير «ماد ماكس: طريق الغضب» كنت أريد الدور الذي أعرف أنه لا يزال في طور الكتابة لدرجة أنني وافقت بثقة وقبل أن يصبح السيناريو حاضرًا. * ماذا عن مشاهد المعارك والقتال واللقطات الصعبة؟ هل فوجئت بها لاحقًا؟ - كنت أخشى أن أخفق في تنفيذ ما كان في بال (المخرج) ميلر. هذا الخاطر ورد بالتأكيد، خصوصا أني لم أعرف الكثير عن الشخصية وعن مهماتها قبل التصوير. لكني وضعت الثقة في المخرج. تحديت نفسي وتمرنت كثيرًا وصوّرت مع توم (هاردي شريكها في البطولة) مشاهد الخطر على مدى شهور طويلة. * أستوحي من كلامك أن تصوير «الوجه الأخير» كان مختلفًا كليًا. - هو فيلم مختلف جدًا عن «ماد ماكس» وفي كل شيء. هناك دراما حول العلاقات الإنسانية والعاطفية ورسالة واضحة حول الأزمات التي تعاني منها أفريقيا عمومًا. تستطيع أن تسحب هذا الوضع على أكثر من منطقة في العالم وتجد نفسك أمام القصّة نفسها. * هل لحقيقة أنك من مواطني جنوب أفريقيا دور أو جانب خاص في حماسك لهذا الفيلم؟ - ربما ليس بالشكل المباشر. نشأت وسط المشاكل التي عانت منها جنوب أفريقيا ولدي فكرة جيدة عما تمر به أفريقيا اليوم. حماسي لهذا الفيلم يعود لعوامل مختلفة، من بينها طبعًا أن شون بن فنان مسؤول وأن الموضوع مهم. لم يكن عندي أي شك في أن بن هو المخرج الصحيح لمثل هذا المشروع. كان لا بد من الوقوف معه في هذا المشروع وهذا ما فعلناه، خافييه باردم وأنا. * من بين السيناريوهات التي تقرئينها حاليًا، أيها أكثر إثارة لاهتمامك؟ - كثيرة. أمثل حاليا «المدينة الأبرد»، وهو عن سيناريو جيد وأقرأ «الرجل الرمادي»، وهو أيضًا سيناريو جيد. كل سيناريو يصلني أقرأه حتى نهايته، حتى وإن أدركت أني لن أوافق عليه. ثراء الدور الشرير * قبل حين شاهدناك أيضًا في فيلم «ذَ هنتسمان: حرب الشتاء» تقومين بدور البطولة، لكنها بطولة شريرة. كيف يمنحك دور كهذا ما تبحثين عنه فنيًا أو دراميًا؟ - سيكون من المبالغة القول إن هذا البحث هو وضع متساو عليه أن يقع في كل الأدوار. بعض الأدوار كفيلة فقط بمنحي كممثلة فرصة الابتعاد عن شيء تقليدي أو الاختلاف بعض الشيء عن الصورة الجاهزة في بال الكثيرين. لجانب هذا، أنا سعيدة بدوري في هذا المسلسل. أعتقد أنه متعة وأرى الدور ثريا حتى ولو كان شريرًا. على العكس ربما هو أكثر ثراء من بعض الأدوار الأخرى التي مثلتها. * «الوجه الأخير» فيه قصّة حب، لكن هل تعتقدين أنه فيلم رومانسي؟ - لا. ليس تمامًا. كما ذكرت هناك قصّـة حب لكن الفيلم ليس رومانسيًا، ولا أعتقد أن هدف شون بن كان تقديم فيلم رومانسي. هذا ليس ما يقصده. * ما الفيلم الرومانسي النموذجي بالنسبة إليك؟ - شاهدت قبل سنوات فيلم Once Around مع هولي هنتر ورتشارد درايفوس. هذا بالنسبة لي مثال للفيلم الرومانسي. إنه فيلمي المفضل في هذا الاتجاه. * قبل سنوات أطلقت مؤسسة باسم «برنامج تشارليز ثيرون للمساعدات الأفريقية» هل لا تزال هذه المؤسسة قائمة؟ - نعم بالتأكيد. أنا فخورة بهذا البرنامج لأنه يقوم على درء مخاطر الإصابة بمرض نقص المناعة (إيدز) عبر توعية الأولاد والفتيات في سن مبكرة. سعيدة بسؤالك عنه لأن المشروع ليس وليد مناسبة عابرة ولم يتوقف بل ما زلت أمنحه الكثير من الوقت والمتابعة. وهدفه هو الإسهام في أفريقيا أفضل صحيًا. * ما العلاقة بين هذا المشروع وبين الفيلم؟ - كل منهما كيان منفصل، لكن بالطبع اهتمامي بأفريقيا هو أحد دوافع اهتمامي بالفيلم.
مشاركة :