كان عليه أن ينتظر 63 سنة حتى يجلس على الكرسي الذي جلس عليه والده في العام 1953. هي السنة نفسها التي كُلف بها فوزي الملقي ذو الأصول التركية والسورية والمصرية بتشكيل الحكومة الأردنية في عهد الملك الحسين بن طلال، وفي سنة 2016 سيستدعى ابنه هاني الملقي إلى القصر الملكي، ويُطلب منه ما كان الملك الراحل الحسين بن طلال قد طلبه من الأب الرئيس، ليكون أول رئيس وزراء في عهد الملك الراحل. بهذا، سيكون رئيس الوزراء الأردني الثاني الذي يرث كرسي والده في رئاسة الوزراء في عهد الملك عبدالله الثاني، بعد رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي الذي شكل حكومتين بعد أن كان جده سمير ووالده زيد قد شكلا عدة حكومات في تاريخ الدولة الأردنية. ما هو مؤكد أن الملقي الابن لا يتذكر شيئاً عن والده رئيس الوزراء، فقد كان لا يزال طفلاً لم يتجاوز عمره الخمس سنوات. بل إن والده توفي وما زال الابن يبلغ من العمر 11 سنة فقط. لم تعرف الساحة الأردنية الملقي الابن حديثاً، فقبل 22 سنة كان يقف في حفل توقيع معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، المعروفة باسم اتفاقية وادي عربة، كونه عضو الوفد الأردني المشارك بحفل التوقيع. ومنذ ذلك الوقت ستبدأ حياته السياسية بالدوران. يدور في فلك مختلف يعرف هاني الملقي في كونه ليبرالياً، عرفته الماكينة السياسية الأردنية بطريق مختلفة عما اعتادت عليه الأوساط السياسية الأردنية. من دون صالونات سياسية ولا لوبيات ولا عشيرة ممتدة. لم يُعرف عنه ما عُرف عن الطبقة السياسية الأردنية بانتماء أفرادها إلى صالون سياسي ما. ببساطة لم تكن تغريه حالة الاستقطابات السياسية والفكرية التي تعصف في العادة باللعبة السياسية الأردنية. دكتور هندسة النظم في مجال الطاقة والمياه، شغل حقائب وزارية سابقة عدة منها وزير المياه والري، والطاقة، والتموين، والصناعة، قبل أن يعين وزيراً للخارجية سنة 2004، وفيها عرف بمقولته الشهيرة حول الهلال الشيعي. ينظر إلى رئيس الوزراء المكلف بصفته صاحب خبرة اقتصادية واسعة، قضى منها سنوات رئيساً لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، قبل صدور الإرادة الملكية بتكليفه بالرئاسة. وخلال خدمته بالفرق الوزارية كان على الدوام يعرف بكونه وزيرا تكنوقراط خبيراً في مجاله، وعاملاً به. أما ما يشاع عن حكومة هاني الملقي بأنها حكومة تسيير أعمال وإشراف على الانتخابات، فإن الطبقات السياسية الأردنية تكاد تجمع على أنه سيتقدم وحكومته لنيل الثقة من البرلمان القادم، وهو ما لا يمنعه الدستور والعرف السياسي الأردني، لتحمل حكومة هاني الملقي مسؤولياتها في مرحلة الترتيبات السياسية الساخنة في الأردن، وبما يتوافق مع تشكيل المنطقة من جديد. إذا ما سار هاني بالدرب الذي سار به والده فوزي، فإن الساحة الأردنية ستشهد ما فقدته منذ أربع سنوات هي عمر رئاسة الوزراء في عهد د. عبدالله النسور. الملقي الأب كان يعرف بالدبلوماسية ورفضه للصدام، بل إن في عهده صدر قانون للمطبوعات والنشر العام 1953 الذي سيعرفه الأردنيون لاحقاً بكونه القانون الذي منح سقفاً مرتفعاً لحرية الصحافة، وقانون الاجتماعات العامة، وقانون الأحزاب.
مشاركة :