دخلت الحكومة اللبنانية في سجال مستجد حول «سد جنة» بين مدافع عنه بشراسة، وزير الخارجية جبران باسيل، كونه صاحب المشروع، وبين معارضيه وهم كثر داخل الحكومة. وكان هذا الملف محور نقاش طويل داخل جلسة مجلس الوزراء مساء اول من امس، في ضوء مطالبة وزير البيئة محمد المشنوق بوقف العمل فيه «لأسباب بيئية». واذ حرص وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس على التأكيد بعد الجلسة ان «الحكومة لم تغرق في سد جنة»، لفت الى ان «بعض الزملاء الوزراء كانوا يقولون إن هذا النقاش الفني يخفي وراءه موقفاً سياسياً واستطاع رئيس الحكومة تمام سلام بحنكته وصبره أن يجعل الأمور ضمن السيطرة وهذا الأمر سيكون مدعاة للمناقشة من جديد ولكن بروح لا تمت الى التعصب والتحزب، فهذه مسألة فيها مصلحة لكل اللبنانيين وأكد كل الوزراء أن لبنان بحاجة الى السدود وبحاجة الى استغلال المياه وأن أحداً لا يستعمل هذا الأمر لكي يكيد سياسياً للآخرين، والمسألة بكل بساطة هي بعض التريث للتأكد من بعض الأمور الفنية والمسائل البيئية». وخلال ورشة عمل ترأسها الوزير محمد المشنوق أمس، طغى عليها الحضور القضائي، لبحث التدابير القانونية والإدارية التي يقتضي على وزارتي البيئة والعدل اتخاذها، قال وزير البيئة إن «هناك خلافاً بين وزارتي البيئة والطاقة حول سد جنة، ليس سياسياً ولا تقنياً، بل هناك عمل يتم وهناك قانون لا يطبق. ونحاول من خلال التواصل مع وزارة الطاقة أن نؤمن هذه الامور وألا تكون لدينا أي مسؤولية في حال استمرار الاعمال في سد جنة». واذ اقر بأن المشروع «كبير وحيوي»، لفت الى اننا «لا نستطيع السير به إذا لم نتأكد من جدواه المائية والاقتصادية ومن ان له تطبيقاً جيداً وليست له مخاطر بالحجم الذي تراه الدراسات وقد يؤدي الى أضرار بالمنطقة نفسها». وقال: «قمنا بواجبنا كوزارة بيئة وطلبنا دراسات الأثر البيئي ووجدنا أنه تم التلزيم من دون الحصول على دراسة الأثر البيئي، وعندما طلبنا الدراسة أرسلت لنا دراسة مؤرخة في العام 2008 أي أنه مر عليها الزمن بمعنى أنها أجريت في العام 2007 أي قبل الاتفاق على شكل السد وموقعه لأنه انتقل من موقع الى آخر وليس فيها دراسة جيولوجية وهيدرولوجية ولا دراسة على الترسبات والتنوع البيولوجي. ثم قامت شركة جيكوم بدراسة الأثر البيئي بناء لطلب وزارة الطاقة وتسلمنا الدراسة في آخر حزيران 2015 وقالت الدراسة إنه اذا لم تجر إجراءات تخفيضية جدية فإن المخاطر التي تتهدد السد ستبقى وتتعاظم وبالتالي يجب ايجاد البدائل، حملنا هذه الفقرة من آخر الدراسة ونقلناها الى وزارة الطاقة واكتشفنا في ما بعد، مع الأسف، أن المسؤولين في وزارة الطاقة لم يتسن لهم الاطلاع على الدراسة قبل ارسالها لنا وبالتالي وقعنا في المحظور، هم يجدون أنه من الضروري الاستمرار بالعمل ونرى أنه لا يجب العمل اليوم لأنه بحاجة الى عملية تصويب بيئية وغيرها. الموضوع طرح في جلسة مجلس الوزراء واستمر الخلاف وسنناقش الامر في الجلسة المقبلة ولكن ما استطعنا أن نحققه هو أن نزيل عنه صفة الضغط السياسي وعلينا أن نتعاطى معه من مصلحة البلد وليس من زاوية مصالح الاشخاص أو الفئات والقوى السياسية». وكان الوزير درباس توقع غداة مجلس الوزراء «ان تغرق الحكومة في سد جنة»، وقال: «اذا كانت المسألة سياسية فلن نصل الى نتيجة، أما اذا كانت فنية فليستمر السد على وتيرته البطيئة الآن ونلجأ في الوقت عينه الى خبرة فنية دولية محترمة ونتفق سلفاً على ان نلتزم النتائج التي تقدمها». ورأى الوزير باسيل في مؤتمر «توضيحي وعلمي» عن سد جنة ان «المشروع استراتيجي والتعاطي معه يجب ان يكون على هذا الأساس»، مشيراً إلى ان «الحجج كثيرة والسبب واحد هو إيقاف المشروع»، موضحاً انه «لم يثبت وجود فالق زلزالي في جنة، فلماذا الخوف من انهيارات فيما بقية السدود والبحيرات لا خوف عليها». وأكد «ان سد جنة يستوفي الشروط»، معتبراً «ان وزير البيئة لا يحق له الكلام عن أثر بيئي بعد بدء المشروع، بل عن إدارة بيئية»، وقال: «ليطبق الأثر البيئي على مكبي الكوستابرافا وبرج حمود والكسارات في كل لبنان». وأعلن باسيل ان «موظفاً كبيراً في الدولة يقر بتدخل رئيس حكومة سابق معه لعرقلة المشروع، فما هو الهدف وأين هي المصلحة؟». وقال: «هل رأيتم بلداً واحداً في العالم يدفع 100 مليون دولار ثم يقرر وقف مشروع»، مشيراً الى ان «هذا الامر سيكبدنا مطالبات محقة للشركة المعنية مقابل لا شيء».
مشاركة :