المدرجات الصفراء تنتظر حلماً جديداً عنوانه «النصر فقط»

  • 6/4/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بينما حزم الموسم الكروي حقائبه مودعا بكل أحداثه، يظل موسم النصراويين مفتوحا على مصراعيه، بانتظار النور في آخر النفق المظلم، بعد تفاصيل محبطة عاشها محبو النصر، حتى قبل أن ينطلق الموسم الفارط، فلم تتوقف تلك التفاصيل العريضة عند خسارة كل شيء، منذ نهائي السوبر وليس انتهاء بفقدان اللقب الأغلى كأس خادم الحرمين، وبينهما مركز ثامن في دوري عبداللطيف جميل أساء للتاريخ الأصفر، ولم ينصفه حينها حمل اللقب في موسمين فائتين. مدرجات النصر بدت هذا الموسم خالية من عشاق الفريق، ترفرف فوق مقاعدها، بضع أعلام صفراء، تقف وحيدة شاهدة على تردي النتائج وتراجع الطموحات وتضاءل الآمال، في كل مرة ينتابها الحزن، وغصة الألم على ما آل إليه الحال الأصفر، في وتيرة متسارعة كأنها كرة الثلج المتدحرجة، التي كبرت شيئا فشيئا لتتحول إلى جبل من جليد يصعب الاقتراب منه أو زحزحته، كان الحلم الجماهيري يبتعد رويدا رويدا ويتوارى خلف ستائر الإخفاقات المتواصلة، ليصل إلى حالة من الوهن والأوجاع، التي سكنت مفاصل النصر، ولم تعد تخفف وطأتها أي مسكنات مهدئة. الانتكاسة المفاجئة تصوير بليغ لحال النصر هذا الموسم، الذي لم تعرف أوضاعه الفنية والإدارية توازنا بين حالتين متناقضتين كالفرح والحزن، أو استنزافا متدرجا في أسوأ الأحوال، بل كانت الصدمة أقوى على جماهيره، وكأنها تطارد السراب الذي لم ينته بنهاية الموسم، بل تواصل تداعياته وآثاره التمدد لموسم جديد، يخشى محبو العالمي أن تتواصل معه الإحباطات والانتكاسات، التي ستعيد الفريق حتما إلى عالم الغياب الطويل، وسنين الجفاء، التي عاشها النصراويون مع المنجزات وحصاد الذهب. انسحاب الداعم الشرفي سبقه رحيل الرئيس وباني المجد الأصفر الحديث فيصل بن تركي، وبين الانسحاب والاستقالة أضحت سطور البيانات المتداولة بين الطرفين وحدها من يسلي المدرجات النصراوية، ويصرف أنظارها مؤقتا عن حال النادي وأوضاعه المتدهورة على المستويات كافة، وبين السطور كانت تقبع لغة ثانية، قرأها المطلعون على الشأن الأصفر، بمزيد من الأسى والأسف على ماوصل إليه العمل الشرفي والإداري في النصر هذا الموسم، ليتحول كرسي الرئاسة بفعل الديون والتنافر بين الإدارة المستقيلة والعضو الداعم إلى أزمة حقيقية، تهدد مستقبل النادي وتعصف بمكتسباته المتبقية. العمل الشرفي والإداري في النصر منذ تأسيسه ظل كتابا مفتوحا صفحاته مقروءة، سطوره مفضوحة، كلماته ملتهبة، وأحرفه حائرة بين هذا وذاك، فلا تظهر الطاولة المستديرة إلا في أوقات حرجة، ولحظات مصيرية لتصبح حينها الحلول ضربا من الخيال، وكأنها هروب إلى الأمام، بعد أن تتفاقم الاختلافات وتتعاظم الخلافات، فلا يجتمع أطراف الطاولة إلا في الحالات الطارئة، في عشوائية شرفية، وغياب للدور المحوري المؤثر، الذي يضع النقاط فوق الحروف، ويتخذ القرارات الحاسمة في الأوقات المناسبة، قبل ظهور أعراض التراجع الفني والإداري. التعاطف الذي حظي به الرئيس الراحل فيصل بن تركي، من جل المدرجات النصراوية لم يكن وليد الموسم، بل بدأ منذ وضع الرجل يده على مكامن الخلل قبل سبعة مواسم، فمضى وحيدا يحفه دعم شرفي قريب وآخر يحضر تارة ويغيب تارة ثانية، وضع لبنات البناء النصراوي المكلف مالا وجهدا استقطب معه نجوما كانت الجماهير الصفراء تتوق إلى رؤيتها بالقميص الأصفر، قبل أن يتحقق ذلك واقعا تتباهى به الجماهير لاحقا، فسجل الفريق في عهده أرقاما قياسية، ظلت صامدة منذ الموسم النصراوي الذهبي 2014 وحتى الآن، حاول الرئيس الراحل أن يؤسس لفريق الأحلام، أو كما سماه قبل سبع سنوات برشلونة آسيا، ولكن الفاتورة كانت باهظة الثمن، وألقت بظلالها على العمل الإداري والفني، فظهرت علامات التراجع الكبير في 2015 رغم المحافظة على لقب الدوري، إلا أن المتابع الحصيف لواقع الفريق كان يرى البناء يتهاوى، والتراجع يطل برأسه من شرفة النصر، ظل معها الرئيس الشاب وإدارته صامدا في وجه العاصفة لم يتخل عن حلمه، قبل أن يقرر الرحيل، بعد أن علت أصوات الانتقاد، وطالت صيحات الاستهجان، وخلت المدرجات النصراوية من الداعمين المؤثرين. تجربة فيصل بن تركي كما احتملت النجاح في بعض تفاصيلها، فقد استقبلت الاخفاق في تفاصيل أخرى، كان أبرزها سوء ملازم لاختيار العناصر الأجنبية، والاستسلام للعبة السماسرة في هذا الإطار، والتخبط في اللجوء إلى المدربين الأرخص عقودا، ما كان له أثر بالغ في التراجع الفني، وطمس شخصية الفريق، وإخفاء هويته، فكان الرئيس يردد دوما: نملك أفضل اللاعبين المحليين، وكأنه يحاول القفز على حقيقة الفشل في جلب العناصر الأجنبية الموازية، التي كانت عنوانا بارزا من العناوين المحبطة، لتجربة الرئيس الشاب قبل الوداع. تقييم فترة الأمير فيصل بن تركي سلبا أو إيجابا لم تعد تهم النصراويين في شيء، وحتى مناقشتها سرا أو علنا في غرف الشرفيين لم تصبح أولوية عند الجماهير المنتظرة لمستقبل جديد، يبدأ من آخر نقطة توقفت عندها الإدارة المستقيلة، دون الالتفات للماضي، ومحاولة تقليب الصفحات ونبش الجراح النصراوية، فالجماهير بعد موسم محبط على كل صعيد، لم تعد تنتظر سوى مبضع جراح ماهر، يستأصل منغصات النادي، وأولها قضية الديون المتراكمة، والاستعداد لموسم مقبل قريب، أكثر تجهيزا وأقوى تحضيرا لعودة النصر، بعد استراحة فارس أثخنته الجراح، ولم يعد ينتظر المزيد من الألم، فشرفيو النصر الذين غابوا عن دعم الإدارة أو محاسبتها باكرا لم يعد أمامهم سوى التصدي للمهمة باقتدار، وخلق بيئة صحية أكثر نضجا تنطلق منها الإدارة المقبلة، أيا كانت أسماؤها، لتستشرف معها الجماهير النصراوية مستقبلا أفضل، يحمل طموحات متجددة يستهلها العمل فقط ولاغير، العمل من صفحة بيضاء تبدأ بسطر جديد، وكلمة راسخة في تاريخ الكيان عنوانها النصر فقط.

مشاركة :