استطاع علماء في مركز بلتشلي بارك البريطاني المتخصص في البحوث في شأن الحرب العالمية الثانية من محاكاة طريقة تبادل الجنرالات النازيين رسائل مشفرة خلال الحرب العالمية الثانية، وحددوا طريقة لفك رموزها بالاستعانة بحاسوب خارق. وكان هتلر يستخدم هذه الآلة المعروفة بـ «لورنتز» لتوجيه الرسائل إلى الجنرالات وهي تتضمن 1.6 مليون بليون احتمال لتشفير الرسائل بواسطة 12 جهازاً دواراً، أي أنها أكثر تعقيداً بمليون مرة من آلة «إنيغما» الأكثر شهرة للتشفير. وتمكن باحثون من استنباط طريقة عمل هذه الآلة ثم من تصميم آلة لاستنتاج إعدادات الأجهزة الدوارة بفضل المهندس تومي فلاورز. ويعد «كولوسوس» أول كمبيوتر إلكتروني رقمي قابل للبرمجة في العالم، لكنه لم يلق اهتماماً كبيراً إذ أبقي المشروع طي الكتمان لعقود، ما حرم القيمين عليه من التقدير الذي يستحقونه. ومن بين الأشخاص الذين حضروا العرض المقدم في «المتحف الوطني للحوسبة» (ناشونال ميوزيم أوف كمبيوتينغ)، هيلين بالن التي ساعدت في تصميم «كولوسوس» والتسعينية إيرين ديكسون التي كانت من الموظفات اللواتي كن ينقلن رسائل هتلر المشفرة إلى الآلة، لكنها اكتشفت بعد عقود من انتهاء الحرب أنها كانت على تماس مع أكثر المعلومات حساسية. وقالت ديكسون: «اكتشفنا أننا كنا أمام رسائل مشفرة مرسلة من هتلر لجنرالاته»، مضيفة: «كان هتلر ليشعر بالاستياء لو انه علم بأننا كنا نفك رموز الرسائل التي أرسلها حتى قبل قيام جنرالاته بذلك». وقد ساعدت المعلومات المجمعة بفضل جهاز «كولوسوس» الحلفاء في تأكيد أن هتلر ظن خطأ بأن إنزال النورماندي سيستهدف مدينة كاليه، كما أن الخبراء يعتقدون بأن الكمبيوتر الخارق قد يكون أدى إلى تقصير أمد الحرب بعامين. وقد أقسمت ديكسون وغيرها من المنضويات في الفرع النسائي للبحرية الملكية البريطانية، على التزام السرية حتى أن عاملين آخرين في مركز بلتشلي بارك لم يكونوا على علم بوجود جهاز الحاسوب الضخم الذي يحتل مساحة غرفة كاملة. واستذكرت ديكسون أن «البعض من النساء في البحرية الملكية كن يتساءلن عن سبب الحرارة الكبيرة (قرب غرفة جهاز كولوسوس»ـ وأضافت «حتى أن بعضهن كن يعمدن الى تجفيف غسيلهن قرب الغرفة». تجدر الإشارة الى أن آلة «لورنتس» الرئيسة لفك الرموز هي مقدمة على سبيل الإعارة من متحف القوات المسلحة النروجية في أوسلو، غير أن لوحة المفاتيح الخاصة المستخدمة في إرسال الرسالة الى الأجهزة الدوارة اكتشاف حديث العهد، بعدما عثر الباحث المتخصص في المتاحف جون ويتر على «آلة للبرقيات» معروضة للبيع في المزاد عبر موقع «إي باي» وأدرك أنها جهاز «لورنتز»، ودفع ثمنها 10 جنيه إسترليني فقط. ويسود اعتقاد بأن أجهزة «كولوسوس» العشرة أتلفت بهدف التكتم على مضمون الرسائل غير أن العالم الراحل توني سايل كرس حياته لإعادة تشكيل أحد هذه الأجهزة كجزء من الجهود لحماية مجمع بلتشلي بارك من مشاريع التطوير.
مشاركة :