استطاع ان يخلد اسمه في قلوب وذاكرة العديد من ابناء الوطن لاجيال، فما ان يتم ذكر اسمه او يظهر في احدى المسلسلات المحلية او الخليجية حتى يتبادر في اذهاننا اسم بابا ياسين الذي استطاع ان يكسب محبة اطفال البحرين لعقود ببساطته وحرصه الدائم على تقديم النصائح لمشاهدي برامجه من فئة الاطفال، كما ان للفنان محمد ياسين او بابا ياسين محبة خاصة لدى شباب اليوم الذين كانوا اطفالا بالأمس اذ ارتبط اسمه بشهر رمضان المبارك من خلال تقديمه برامج الاطفال التي بقيت خالدة في اذهانهم ليومنا الحالي، وفي هذا الحوار الذي جمعنا بالفنان القدير محمد ياسين استعاد شريط ذكرياته الرمضانية في مرحلة الطفولة. ذكريات الطفولة وبدأ حديثه قائلا: شهر رمضان المبارك يختلف من جيل لآخر فبعد التطور الذي شهدناه اصبح مختلفا عن ما اعتدنا عليه، ولكن لشهر رمضان المبارك أمرا تتشابه فيه كل الاجيال الا وهو انه شهر الخير والعمل الطيب، ولو تحدثت عن ذكريات طفولتي في شهر رمضان التي قضيتها في فترة الخمسينات والستينات بمدينة الحد اهم ما يتبادر في ذهني هو ليلة القرقاعون اذ كانت هذه الليلة هي اهم ليلة في شهر رمضان المبارك بالنسبة للاطفال آنذاك اذ كنا نحييها في بعض الاحيان لثلاثة ايام متتالية او يومين، فهذه الليلة يخرج فيها الاطفال للحصول على المكسرات المخلوطة والحلويات الملبس ونادرا ما يحصلون على النقود، وكنا نحرص على ان نجول معظم منازل الحد لنحصل على القرقاعون، كما كنا نحظر قبل فترة لليلة القرقاعون وذلك من خلال توجهنا لمكان ذبح الخراف والاغنام المقصب وذلك للحصول على احشاء هذه المواشي من اجل ان نقوم بتحويلها لاحقا الى طبل حتى نتمكن من المشاركة في ليلة القرقاعون، ولكن الحصول على احشاء او كرشة المواشي لم يكن بالامر الهين فكافة ابناء المنطقة يسعوون للحصول عليها ليتم تحويلها للطبول، وفي احد المرات لم اتمكن من الحصول على هذه الاحشاء فذهبت الى ساحل البحر لعلي ارى احشاء المواشي ملقاة لاتمكن من صنع الطبل الخاص بي، وفعلا عثرت على غنمة متوفاة من زمن واصبحت متعفنة وعلى الرغم من ذلك قمت باستخراج الكرشةمن احشائها لأتمكن من صنع الطبل الخاص بي، ولاحقا ظهرت فكرة جديدة لصنع الطبول وهي استغلال اكياس الاسمنت الخالية لصنع الطبول ويتم ذلك من خلال اضافة النشاء عليها وبعد ان تجف يصبح الطبل جاهزا للاستخدام. وفي جيلنا كان هناك حرص كبير من قبل آبائنا على اداء الصلوات والعبادات فشهر رمضان شهر الخير والعبادة فلم يكن مقتصرا على الامور الترفيهية فقط بل كنا نقضي يومنا في الصلاة والتعبد، وكان اذان المغرب يشكل فرحة وبهجة كبيرة لنا اذ كنا نأخذ جزءاً من وجبة افطارنا ونتوجه للمسجد في انتظار أن يحين وقت الاذان ويؤذن المؤذن ونحن نردد اذن اذن يا مؤذن وما ان ينتهي من الاذان حتى تتعالى اصواتنا فرحين بموعد الافطار ونبدأ بأكل ما حملناه معنا من طعام ومن ثم نتوجه لمنازلنا لنكمل الافطار هناك. الألعاب الشعبية وحول ألعاب الأطفال في رمضان يقول كنا نلعب العديد من الالعاب البسيطة الشعبية والتي كان ابرزها لعبة ظلالوه وهي تعتمد على الحركة والركض ومن الممكن أن تشارك فيه الفتيات اضافة للعبة الصعقير وهي لا تحتاج لادوات بل تحتاج فقط للاطفال ونقوم بتقسيم انفسنا لفريقين يصطاد احدهما الذي يقوم بالاختباء، ومن ذكريات المدرسة عندما كنت في الصف الرابع والخامس كان لدي صوت جميل وقمت اقدم المنولوجات التي يقوم بتأليفها الاستاذ عتيق سعيد رحمه الله. وبعد ان كبرنا قليلا تغيرت بعض العادات حيث قام الناس بتوزيع النقود علينا في ليلة القرقاعون وكنا نفرح بهذه النقود، وذات مرة قررنا ان نعمل لانفسنا غبقة من هذه الاموال التي قمنا بجمعها، وقررنا ان تكون هذه الغبقة مكونة من العيش والسمك وقمنا بشراء السمك من النقود التي قمنا بجمعها فالسمك كان رخيصا حينها الا ان العيش كان باهظا ولا نستطيع شراءه بهذه الاموال القليلة، فخطرت ببالنا فكرة تمكننا من الحصول على العيش من دون ان نحتاج للنقود وذلك من خلال انتحال شخصية المسحر الذي كان الاهالي يقدمون له العيش الغير مطبوخ تقديرا للمجهود الذي يقدمه وكنت أتقن طريقة استخدامه للطبل فخرجنا انا واصدقائي حول المنازل اقوم انا بعزف الايقاع الذي يعزفه المسحر وابقى في الخارج ويقوم اصدقائي بالدخول للمنازل حتى يحصلوا على العيش وفعلا تمكنا من الحصول عليه وقمنا بعمل الغبقة، ولكن المسحر ذهب الى نفس المنازل التي قدمت لنا العيش ولم يتم تقديم شيئا له وعندما سألهم أجابوه بانهم قدموا له قبل قليل. وداع رمضان وتابع بابا ياسين حديثه قائلا: في نهاية شهر رمضان كان الاهالي يقومون بعملالتثويبوهو ختم القرآن واهدائه للمتوفين ويتم ذلك من خلال جلب قاريء للقرآن مختص بهذا العمل، كما كان هناك الوداع الذي يتم في نهاية الشهر الكريم وكنا نشارك في احيائه مع المسحر الذي كان حينها ناصر بن شهاب وكنا نلف في ازقة الحد وننادي باسماء اهالي المنازل ليتمكنوا من الاستيقاظ لتناول وجبة السحور، وكنا نردد مع المسحر كلمات ذات قيمة لها علاقة بالشهر الكريم ولا نردد الاغاني فهذا شهر للعبادات حتى يحين موعد اذان الفجر والذي يسبقه مدفع للاعلان عن الامساك، وفي العيد كنا نستعد لاستقباله من خلال تفصيل الملابس الجديدة، فكان كل شخص يقوم بتفصيل ثوب واحد وشراء نعال واحدة على عكس ما يحدث الآن، فكان زماننا خاليا من البهرجة وكان الأمان يسود الفرجان. واضاف: كانت التلفزيونات حينها تفتح لأوقات معينة ولا تتواجد في كل منزل وانما تتوافر في منازل من هم ميسوري الحال فكان تلفزيون ارامكو يبث برنامج بابا حطاب الذي يقدم قصصا ذات فائدة للأطفال الى جانب بعض افلام الكارتون، وكانت لشخصية بابا حطاب اثرا كبيرا في نفسي لذا قررت ان اكون شخصيةبابا ياسين التي تستهدف الأطفال والحمدلله تمكنت من تجسيدها منذ ان عرض علي تلفزيون ابوظبي في العام 1972 واستمرت حتى العام الماضي، ففي السابق لم يكن هناك رجل يقدم برامج اطفال وانما نساء فقط كماما أنيسة في الكويت، وفي السابق لم تكن القنوات التلفزيونية تتنافس فيما بينها لتقديم المسلسلات بل كانت المسلسلات محدودة وكان الناس منشغلين بالعبادات على عكس ما يحدث الآن فمعظم العوائل تسهر لمشاهدة المسلسلات المعروضة خلال الشهر الكريم ويتركون العبادات ويكثرون من تناول الاطعمة حتى يصبحوا خمولين ولا يتمكنوا من احياء صلاة التراويح وانا ادعو الناس للعودة الى الله سبحانه وتعالى خلال الشهر الفضيل، فشهر رمضان شهر الخير ومن احد اهدافه تذكيرنا بأن هناك اشخاصا لا يتمكنون من تناول ابسط الاطعمة حتى نساهم في اعمال الخير ونتبرع لهم فعلى المستوى المحلي هناك جمعيات خيرية تقدم وجبات الافطار والسحور الى جانب المواد اللازمة لتحضير الوجبات ولكن هناك عددا كبيرا من المسلمين اللاجئين الذين يسكنون في المخيمات علينا ان نتبرع لهم فشعب البحرين شعب كريم والله حمى البحرين بسبب كرم اهاليها وطيبتهم. مسلسلات رمضان وعن المسلسلات المعروضة في شهر رمضان قال بابا ياسين: لكل زمان دولة ورجال ولكل زمان اناسه، في السابق كانت المسلسلات بسيطة وجميلة، على عكس ما يحصل الآن فمعظم القنوات تتنافس في تقديم المسلسلات وهذا شيء جيد ولكن توقيته غير مناسب فشهر رمضان شهر للعبادة وليس لمشاهدة المسلسلات، وعن تجربته في التمثيل قال:التمثيل سابقا كان اصعب من الآن فلم يكن المونتاج متاحا بالامكانيات المتوفرة حاليا، فاذا حدث خطأ بسيط يقوم الممثل باعادة المشهد كاملا، ومع التطور التكنولوجي الحالي اتمنى ان تقوم الجهات الرقابية بعرض القصص التي تعود بالفائدة على المشاهد فهناك قصص جميلة وقصص تجارية، وبسبب هذه القصص التجارية اصبحنا ندور في دائرة مغلقة وتمنعنا من التقدم في مجال التمثيل، فعند مقارنة الاعمال الخليجية بالاعمال الاجنبية سنلاحظ ان الاجانب تفوقوا علينا كثيرا فهم في تجديد مستمر ونحن لا زلنا ندور في الدائرة المغلقة بسبب تكرار القصص التي اصبح المشاهد يحفظها ويعلم ما سيدور بها، ومعظم نهاياتها تكون حزينة على الرغم من تزامنها مع العيد الذي يجب ان نكون فيه فرحين. المصدر: حسين المرزوق
مشاركة :