شهر رمضان شهر الصوم والصيام (1)

  • 6/6/2016
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

النفس البشرية ومراحل رقيها وعلوها وتراقيها، ومرحلة الكمال بها مأخوذة من الصيام والصوم، ولعل الشائع أن الصيام والصوم واحد، إلا أن الحقيقة الصوم يختلف عن الصيام بفارق كبير، والمطلوب من العبد أن يصوم كل عمره ويقيم الصيام في كل عام مرة، حتى يتأتى له الوقوف بهذا الموقف فيعيد تجديد البيعة لله على الاستمرار بالصوم ما عاش في عمره، (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)، فالصيام يخص المعدة فقط، أما الصوم فيخص اللسان، يخص اللسان وقول الحق في العمر كله، والدليل على ذلك أن مريم عليها السلام كانت تأكل وتشرب في حالة الولادة، ولا يجوز لها الصيام وهي في حالة الولادة، ولذلك كانت في حالة صوم، لقوله تعالى: ( فكلي وشربي وقري عيناً، وإما ترين من البشر أحد فقولي أني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا)، فلم تقل إني نذرت للرحمن صياماً؛ لذلك يجب علينا أن نفصل بين الصيام وتوقيت الصيام، لقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)، أما الصوم فتوقيته العمر كله، فالصوم في رمضان وفي غير رمضان، والصيام فقط في شهر رمضان، فلو صام الناس حقاً لما كنّا بحاجة إلى المحاكم، ولا كان الظلم بين الناس. يتضح جلياً أن الحديث القدسي الذي يقول: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فليس المقصود منه صيام المعدة وإنما صوم القلب واللسان، ويمكن لنا أن نعبر عن أن شهر رمضان المبارك إنما هو شهر موقف لشحن الطاقات وزيادة العزم على إقامة الصوم ونجاح الصيام، وهو شهر تدريب على النجاح، وفيه تقلق أبواب الشياطين وتغلّ أيديهم وتخرس ألسنتهم ويكفوا عن الوسواس بفضل ما فيه من بركات ونعم وتجلّي من البارئ عز وجل، فنأدي (الصوم والصيام) فيعزز فينا الصيام قيمة الصوم الذي هو استمرار لحالة التركيز بضرورة الصوم، وهنا أضيف علة لعل الكثير يغفلون عنها بأن الصيام وحده دون أن يؤدي العباد الصوم ليس منه فائدة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الحديث المتفق: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله في حاجة بأن يدع طعامه وشرابه) فالذي يتذرع بالصيام من أجل أن يعامل الآخرين بجفاء وضيق خلق، ليس لله في حاجه بأن يدع طعامه وشرابه، فالمطلوب أن يتلازم الصوم مع الصيام، لتكون تصرفاتنا في شهر رمضان هي الأفضل عن باقي الأشهر، فمن السهل على الإنسان أن يجوع ويعطش من الصباح حتى المساء، لكن من الصعوبة بمكان ان يقول الحق، لأن الصبر الحقيقي يكون بالأخلاق الحسنة مع الناس، هنا كان من الواجب أن ننبه على هذا المعنى والتفريق بينه وبينه مرادفه، كما أشير أن القرآن الكريم ليس به مترادفات حتى لا يعتقد البعض بأن الصيام هو الصوم.

مشاركة :