ليس علينا أن نطلق الأحكام جزافاً على الآخرين، فحتى أنكى الوحوش البشرية، قد نجد بإحدى زوايا قلبها القليل من الإنسانية، ودائماً هناك متسع ولو صغير للحب، لكن الظروف والبيئة والفقر في الكثير من الأحيان يكون أقوى من هذه المساحات البيضاء الصغيرة. وبهذه الواقعية الصرفة، والمؤلمة أحياناً وحقيقة جداً، قدم المخرج الجزائري مرزاق علواش فيلمه "مدام كوراج" برابع أيام مهرجان الفيلم الفرنسي- العربي بدورته الثانية والعشرين، والذي يقام بمسرح "الرينبو" بالعاصمة الأردنية عمان. عمر.. ضحية فقر وبيئة صعبة.. يقدم فيلم "مدام كوراج" حكاية الشاب المراهق "عمر"، الذي يعيش في أحد أحياء الجزائر الفقيرة جداً، التي فرض عليها الفقر بيئة صعبة، وظروف سيئة جداً، وتحت وطأة هذه الحياة، يتجلى التيه الذي يعيشه هذا المراهق، الذي جره إلى تعاطي الحبوب النفسية والمخدرة، وسلك حياة يراها الكثيرون منا على أنها تؤدي دائماً إلى القاع. يضطر "عمر" حتى يستطيع العيش وإعالته عائلته المكونة من أمه وأخته، أن يمتهن "النشل" والسرقة، لأن هذه الظروف الصعبة التي يعيشها تقلل من فرص العيش الطبيعية، التي يتمناها الكثيرون، ويعيشها الكثيرون، حتى يلتقي بالفتاة "سلمى"، وحين يحاول نشل عقدها، تلتقي العينان، وتشتعل عند هذا المراهق الكثير من المشاعر التي لم يألفها سابقاً، فيعيش في ظل الكثير من صراعات وأحداث كثيرة بين عائلة "سلمى"، وبين حياته بشكل عام. وينتهي العمل بنهاية مفتوحة، كأن المخرج علواش يعرض لنا مشهداً من حياة "عمر" حقيقي، لم تتدخل يديه ولا يدي كاتب السيناريو، بافتعال أحداث ترضي أو تغضب المتلقي، هي حياة حقيقية حكمتها الكوادر السينمائية.
مشاركة :