اختلافُ الأُمَّةِ رحمةٌ بها لا شقاءٌ لها

  • 6/7/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

وسائلُ ثلاث يمكن اتباعها لمعرفة دخول شهر رمضان المبارك، أولها رؤية الهلال بالعين المجردة، وثانيها الإستعانة بالمراصد، أما الطريقة الثالثة فهي الاعتماد على الحسابات الفلكية، وقد اعتمد الفقهاء لدينا على الرؤية بالعين المجردة لتحديد دخول الشهر استناداً إلى تفسيرهم للحديث النبوي الشريف «صوموا لرؤيته....» على أن المقصود بالرؤية هي الرؤية بالعين المجردة، إذ لا ينطبق مفهوم الرؤية على الحسابات الفلكية، كما أن المراصد لم تكن قد عرفت آنذاك، واعتمد فقهاء غيرهم على المراصد الفلكية، فيما لم يجد آخرون حرجا في اعتماد الحسابات الفلكية. وقد أفضى ذلك إلى تباين بين مواعيد الصيام وتحديد دخول شهر رمضان في الدول الإسلامية، فيصوم المسلمون في هذا البلد يوما، ويصوم المسلمون في بلد آخر في يوم يليه أو يسبقه، ولهذا ارتفعت كثير من الأصوات مطالبة بتوحيد آلية تحديد دخول شهر رمضان، وذلك باعتماد المراصد أو الحسابات الفلكية، إذ يستحيل أن تتفق الدول الإسلامية في الرؤية لاختلاف ظروفها المناخية . غير أن للصوم حكمة أخرى ينبغي إدراكها في تحديد موعد دخول شهر رمضان تتجاوز ميزة توافق الدول الإسلامية في موعد الصوم، ذلك أن الصوم مرتبط في أصله بالقدرة الطبيعية البشرية على الصيام، ولذلك يجوز الإفطار لمن يفتقد القدرة كالمرضى وكبار السن ومن يشق عليه الصيام كالمسافر، وإذا كان الأصل مرتبطا بالقدرة البشرية فإن من الأولى أن يرتبط موعد بدء الصيام بهذه القدرة البشرية أيضاً دون حاجة لاعتماد مراصد أو حسابات لأن الاعتماد على المراصد شبيه بالاعتماد على المغذيات والمقويات لتحقيق القدرة على الصوم، ولو حدث ذلك فهو خروج عما سهله الله لنا وانصراف عن ارتباط الصوم بالقدرة البشرية ونزع للصفة الإنسانية من حكمة الصوم وإعراضٌ عن الأخذِ بِرُخَصِ الله إلى التمسك بعزائمه فقط . إضافة إلى ذلك فإن اعتماد الحسابات الفلكية من شأنه أن يحول دخول الشهر الكريم إلى عمل آلي ينزع عنه طابع المفاجأة ويخمد جذوة التوقع التي يستشعرها كل مسلم وهو ينتظر الإعلان عن دخول شهر رمضان المبارك . عبدالله الهدلق

مشاركة :