من رجالات الثقافة المعروفين، والمنشغلين بصدق وأمانة بتأريخ وتوثيق مرجعيات وامتدادات المشهد الثقافي في الإمارات. نقف بتقدير أمام اسم بلال البدور أحد أهم من اهتموا بالدراسات الثقافية والأدبية في الإمارات، ويأتي التعريف به أنه ولد في دبي عام 1952، درس اللغة العربية في جامعة الأزهر، وتنقل بين أكثر من عمل رسمي ودبلوماسي وحكومي، وهو الآن سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الأردن. بلال البدور طاقة ثقافية إماراتية منفتحة على الإبداع الناجز بمرجعيات تراثية أصيلة، وهو من أبرز الناشطين والفاعلين في الحركة الثقافية الإماراتية، وغذاها بقراءات وفعاليات ودراسات تنبع من مسؤوليته الأدبية والثقافية، إضافة إلى أنه شاعر، ويقول عن نفسه بصدق وصراحة نادراً ما نجدها عند الكثير من الشعراء: .. مقل في قرض الشعر وإن كان شعره تغلب عليه الصنعة أحياناً... أرى أنه من الواجب الأدبي والأخلاقي أن نقول كلمة حق في الرجل، ونحن أمام موسوعة شعراء الإمارات - الجزء الأول - الشعر العمودي.. التي وضعها بلال البدور بجهد توثيقي كبير، ومن الواجب المهني أيضاً أن نذكر أسماء هؤلاء الشعراء الذين تعب البدور في تقصي حيواتهم وأشعارهم، وبكلمة ثانية فإن الموسوعة تؤشر إلى المسؤولية التي حملها البدور، وانجزها بأمانة. ضمت الموسوعة 101 شاعر عمودي من الإمارات، البعض منهم، ربما نسمع به للمرة الأولى، ما يدل على قيمة الموسوعة التوثيقية والتاريخية. من المهم، التعرف إلى هذه الأسماء من خلال هذه الموسوعة الشاملة، ولكن ما نتوصل إليه بعد هذا الصف من الشعراء الإماراتيين القدامى والمحدثين.. هذه النقاط: أولاً: يؤشر هذا العدد من الشعراء على أن الإمارات، ومنذ القدم، وقبل ظهور المدارس النظامية، وقبل التعليم المنتظم.. هي مكان إنجاب للشعراء، وخرج من تراب الإمارات شعراء وشاعرات (.. وبالمناسبة لا يرد في الموسوعة أي اسم لشاعرة إماراتية..) فهل استثنى الباحث بلال البدور أسماء الشاعرات أم أنه لم تتوافر لديه مادة توثيقية حولهن، وفي كل الأحوال نبحر من محيط من الشعراء قالوا الشعر (شفاهة) أو كتبوه في مراحل مختلفة من عمر الدولة. ثانياً: هناك أجيال قديمة، ووسطى، وجديدة من الشعراء، وبكلمة ثانية سوف نقرأ أساليب شعرية متنوعة، ولكن كلها تدور في فلك الشعر العمودي، مع أن بعض الشعراء يكتبون قصيدة التفعيلة، ولكن في هذه الموسوعة نسافر في أرض الشعر العمودي.. ما يجعلنا أمام مقارنات ومقاربات موضوعية فضاؤها هذا الكم الكبير من الشعراء. ثالثاً: بعض الشعراء الذين ضمتهم هذه الموسوعة يكتبون النبطي إلى جانب الفصيح، ولكن الباحث كان واضحاً في منهجه، فقد ركز جهده التوثيقي والببيوغرافي على الشعر العمودي. رابعاً: تسجل لهذه الموسوعة إيجابية كبيرة، وهي أن بعض الشعراء لم يجمع شعره في ديوان، والبعض لم يقدر لشعرهم أن يدون، وهكذا، بفضل هذه الموسوعة أمكننا قراءة شعر كان له أن يغيب في النسيان لولا هذا التوثيق. خامساً: أسلوب بلال البدور في الموسوعة قام على عنصرين: الأول وضع ما يشبه الكشاف على حياة الشاعر، وميلاده، وأعماله الشعرية، وعضويته في المؤسسات الثقافية ومشاركاته في الحياة الثقافية، ثم اختار البدور بعد هذا التعريف عدداً من القصائد التي تقربنا من أسلوب الشاعر، وطاقته الأدبية، ولغته، وصوره الشعرية. سادساً: وضع الباحث مقدمة وافية للموسوعة تضيء إضاءة بانورامية على الحركة الشعرية في الإمارات، وأشار إلى مصادر التاريخ الأدبي في الإمارات، والمدارس الشعرية عند شعراء الفصيح. سابعاً: الموسوعة تقرأ بأكثر من مستوى، ومن أهم هذه المستويات الناحية التوثيقية المهمة، كما تقرأ الموسوعة بمستوى نقدي، وذلك عندما تقارن بين عدد كبير جداً من النصوص تدور كلها في فلك الشعر العمودي.