أبوظبي: مساعد الزياني أسدلت الإمارات الستار على قضية «الخلية الإخوانية»، والتي تحاكم خلال الفترة الماضية، وذلك بعد أن قضت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في قضية «الخلية الإخوانية» أمس، بالحكم بالسجن لمدد تتراوح ما بين خمس سنوات وثلاثة أشهر، بحق 30 متهما، وقد صدرت الأحكام حضوريا بحق 24 متهما وغيابيا بحق ستة متهمين. وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام) فإن الأحكام صدرت بعد إحاطة المحكمة لواقع الدعوى وما حصلته من الأوراق والمستندات المعروضة عليها وما جرى فيها من تحقيقات وما دار بشأنها في الجلسات واستمعت لأقوال المتهمين ودفاعهم وعرضت لأدلة الإثبات من أقوال الشهود وتقارير الخبراء، حيث خلصت إلى قضائها الذي أسسته على أسباب سائغة لها معينها من الواقع والقانون وبما يكفي لتكوين عقيدتها. كما أمرت المحكمة بحل تنظيم الإخوان المسلمين المصريين على ساحة دولة الإمارات وإغلاق جميع مكاتبه العامة والفرعية مع مصادرة الأدوات والأجهزة المضبوطة، وإبعاد المتهمين غير حاملي جنسية الدولة بعد تنفيذ العقوبات المقضي بها، إضافة إلى تغريم البعض منهم بملغ ثلاثة آلاف درهم (816 دولارا). وقال الدكتور علي النعيمي، مدير جامعة الإمارات، إن الأحكام التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا اليوم للخلية الإخوانية تأتي في إطار محدد لمعركة استمرت طويلا بين الإمارات حكومة وشعبا والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومرت بعد مراحل، حيث تتضمن أبرز رسالة يمكن أخذها من أحكام الأمس تتخلص في نزاهة القضاء الإماراتي، من خلال إدانته للبعض وبراءة البعض الآخر. وأضاف: «تؤكد هذه العملية أن القضاء الإماراتي تعامل مع حقائق نتيجة وجود مخالفات للقانون الإماراتي من هؤلاء البعض بانتمائهم للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وتصميمهم على إنشاء هذه الخلية في أرض الإمارات، ودخولهم في أعمال مخالفة للقانون تمس أمن الإمارات». وزاد النعيمي الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس على هامش صدور الأحكام ضد أعضاء تنظيم الخلية الإخوانية في الإمارات «مبادرة قيادة الإمارات لأخذ القرارات الصعبة فيما يتعلق بمواجهة هذا التنظيم على الرغم من الآلة الدعائية والأموال التي يملكونها والتحالفات الدولية التي استطاعوا إنشاءها خلال الفترة الأخيرة، إلا أن القيادة الإماراتية أثبتت شجاعتها بقرارها بحماية الإنسان الإماراتي من أخطار هذا التنظيم والكشف عن سوء استخدام سماحة الدين الإسلامي من خلال الترويج أنهم دعاة لهذا الدين وهم في الحقيقة أعضاء للتنظيم يسعى للوصول إلى السلطة مستغلا عباءة الدين». وأكد أن الموقف الإماراتي موقف شجاع يحسب للإمارات وريادي للعالم العربي. وأضاف: «نتمنى من بقية الدول أن تبادر لأخذ مثل هذا الموقف وأن تتخذ الموقف المطلوب وفق قوانينها وليس وفق معطيات أخرى، لكن القوانين الدولية والمحلية تجرم مثل هذا التنظيم واختراقه لنسيج المجتمع بفكر لا يؤمن بالأوطان ولا يؤمن بالأنظمة ويسعى لهدمها ويسعى لتكوين أممية تحت سلطة مرشد الإخوان». من جهته، قال الإماراتي راشد العريمي، المستشار الإعلامي، إن هذه القضية هي قضية جنائية لأنها خالفت قانون دولة الإمارات، وبغض النظر عن كونها إسقاطا سياسيا على القضية. وأضاف: «المجموعة التي حوكمت وصدر بشأنها حكم أمس، هي مجموعة أتت بممارسات يخالفها القانون، حيث مارست أعمالا يجرمها قانون الإمارات، وبناء على هذا جرت محاكمتهم، ليس بسبب الأفكار التي يعتقدونها، ولكن بأفعال يجرمها قانون العقوبات في دولة الإمارات». وزاد: «الحكم بشأن هذه الخلية هو حكم عادل، المجتمع أراد أن يحمي نفسه من أفعال جرمها القانون، وبالتالي فإن الأحكام تراوحت بين خمس سنوات وثلاثة أشهر وغرامة وجرت براءة أحد الأشخاص، وبالتالي فإن ذلك يحمل طابع الجريمة ومحاكمة تلك الجريمة وفق القانون». ويحاكم في القضية نحو 30 متهما، عشرة منهم يحملون الجنسية الإماراتية و20 مصريا بينهم ستة هاربين، بتهم تتعلق بإنشاء وتأسيس فرع لتنظيم ذي صفة دولية بغير ترخيص، واختلاس وثائق وصور وخرائط متعلقة بجهاز أمن الدولة، وإذاعة بيانات على قرص ذاكرة إلكتروني تتضمن سرا دفاعيا، والعلم بوقوع الجريمة وعدم المبادرة بإبلاغ السلطات المختصة. وبالعودة إلى الدكتور النعيمي الذي أشار إلى أن مجتمع الإمارات مجتمع منفتح، ويحتوي على مكونات بشرية مختلفة ومتعددة منابعها ومشاربها متباينة من ناحية الدين واللغة والجنس، ولكن تعيش بانسجام ووئام وسلام، وهذه تبرز أن الإمارات كنظام قادر على استيعاب الآخرين ودمجهم وتوفير بيئة تعايش الإنساني بعيد عن التشنجات والخلافات. وأضاف: «اكتشاف الخلية الإخوانية يثبت أن جهاز الأمن الإماراتي قادر على حماية هذا المجتمع، وليس حماية نظام، ولكن حماية المجتمع من خطورة من تسول له نفسه تدمير هذا المجتمع، لأن من أهداف تنظيم الإخوان تدمير نسيج المجتمع وبناء نسيج اجتماعي مناسب للإخوان يستطيعون السيطرة على المجتمع من خلاله». ويشير العريمي إلى أن الكشف عن هذه الخلية أثبتت قدرة الجهاز الأمني الإماراتي، في الوقت الذي أثبت هذا الجهاز قدرته قبل هذه الحالة بسنوات طويلة. وزاد: «منذ قيام دولة الإمارات وهي تعد واحة الاستقرار في المنطقة، حيث يعيش فيها أكثر من 200 جنسية من حضارات وديانات ولغات وخلفيات ثقافية متنوعة وجدت في الإمارات ملجأ، أن تعيش وتمارس أنشطتها وأن تعيش بكامل كرامتها الإنسانية في استقرار وأمان». وتابع العريمي: «كل هذا التناغم لن يقوم من دون وجود أجهزة أمنية قادرة على حماية ذلك التناغم، مما ساعد على وجود فرص المتاحة للجميع، والاستقرار وحالة التنمية غير المسبوقة في المنطقة والتي أصبحت مثلا حاول الكثير أن يحتذى به، فإن ذلك يقف وراءه جهاز أمني واثق من نفسه وقوي وضخم وفاعل أيضا». وأكد أن هذا المنجز لم يتحقق صدفة، وإنما هو وليد متابعة ومثابرة وكفاءة. وكانت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا عقدت أولى جلسات محاكمة «الخلية الإخوانية» في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك برئاسة القاضي محمد الجراح الطنيجي، حيث قررت المحكمة ندب لجنة طبية ثلاثية للكشف الطبي على بعض المتهمين، واستمرت القضية حتى يوم أمس بهدف استماع لشهود الإثبات بناء على طلب محامي المتهمين وغيره من الأسباب، ومثل أمام المحكمة 24 من المتهمين. وأنكر المتهمون في جلسات سابقة التهم جملة وتفصيلا والطعن في محاضر التحقيقات في وقت سابق.
مشاركة :