رؤية 2030 وتحديات السياسة الخارجية

  • 6/8/2016
  • 00:00
  • 79
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي ما زال الجميع يتفاعل بنشاط واهتمام ومتابعة لرؤية المملكة 2030 وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، وفي الأسبوع نفسه تقريبا الذي شهد الإعلان داخليا عن آليات الحوكمة المعتمدة لضمان شفافية أعلى في تطبيق برامج الرؤية، فوجئ الجميع بإدراج التحالف العربي الذي تقوده المملكة ضمن القائمة السوداء لهيئة الأمم المتحدة للمنظمات والجهات المتجاهلة والمعتدية على حقوق الطفل. وبغض النظر عن ظلم هذا الإدراج وتجاهله للوقائع وانحيازه إلى جانب على آخر، إلا أن هذا الأمر يستوجب بطريقة مباشرة استكمال رسم خطوط الرؤية خارجيا من حيث العموم، وفي علاقات المملكة وحضورها في المنظمات الدولية من جهة الخصوص. فالمملكة العربية السعودية من أكثر الدول احتراما للمنظمات الدولية، ودعما لدورها، وحماية لمواقفها، والسعي إلى أن تكون جميع مشاركاتها وحضورها الدولي في إطار عمل هذه المنظمات. بل إن هذا الاحترام والالتزام السعودي كان وما زال مثارا للنقد من جماعات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة. كما أن مشاركة المملكة ودعمها المادي الكبير للمنظمات والهيئات الدولية أمر مشهود ومعلوم، ومبادرتها الدولية في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف محل تقدير العالم وهيئاته ومنظماته. إذن، ما الذي حصل؟ ببساطة ما زال كل ذلك في كثير من الهيئات والمنظمات الدولية هو صوت المملكة ومندوبياتها وممثليها، صوت مهما كان واضحا وعاليا إلا أنه صوت خارجي. وليس في أكثر الأحيان صوتا داخليا من أروقة هذه المنظمات والهيئات، تبثه أقلام وأفكار منسوبيها ومستشاريها. فالسعودي أو السعودية حاضران في هذه المنظمات بفعالية ونشاط، ولكن كممثلين لبلادهم، ولكن القليل والقليل جدا منهم هم العاملون في هذه المنظمات والهيئات سواء في مكاتبها الرئيسة أو مكاتبها الإقليمية والمحلية. حقيقة، لم تحصل المملكة على حصتها من الوظائف الدولية المساوية لما تقدمه من التزامات وتبرعات مالية لهذه المنظمات مقارنة بغيرها من الدول، وهناك غياب شبه كامل في بعض هذه المنظمات للكفاءات السعودية ذكورا وإناثا. بل من الممكن القول إننا لم نستهدف بعد هذه الهيئات والمنظمات ونوجه لها المميزين والمميزات من خريجي الجامعات السعودية وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، سواء على مستوى الوظائف الدائمة أو المؤقتة. كما أن حضور الباحثين السعوديين في برامج المنح البحثية والدراسات الدولية التي تجريها هذه المنظمات ضعيف جدا مقارنة بغيرها من الدول. لذا، لعله ليس من المبالغة الاهتمام بهذا البعد الخارجي/ الداخلي وتأكيد حضوره في رؤيتنا للمملكة 2030، بحيث نسعى إلى أن يكون الحضور السعودي سواء من حيث الخبرات الفنية أو الكوادر الإدارية قويا وواضحا في جميع المنظمات والهيئات الدولية. هذا فيما يتعلق بعلاقة المملكة مع الهيئات والمنظمات الدولية، وهو مجرد جانب من جوانب السياسة الخارجية وتحدياتها لرؤية المملكة 2030، والتي من الضروري تناولها وتحليلها والتخطيط لها لضمان توافر الظروف المناسبة لنجاح برامج الرؤية. فعلى سبيل المثال، تعتمد برامج الرؤية خصوصا في جوانبها الاقتصادية على الوضع الإقليمي وتعقداته، فأين سنكون في 2030 في برنامج الاتحاد الخليجي؟ وكيف ستكون علاقاتنا بالتنين الصيني، والنمور الآسيوية، والمارد الهندي؟. وعلى الضفة الأخرى من البحر، هل هناك خطة إفريقية لفتح أسواق وفرص استثمارية للصناعة والاستثمار السعودي الذي تسعى الرؤية إلى بنائه وتعزيزه، هذه وغيرها من التساؤلات المرتبطة بالرؤية وتحدياتها تستلزم استحضارا ونقاشا عميقين، لضمان واقعية وموضوعية برامج الرؤية.

مشاركة :