الفانوس المصري يكتب كلمة النهاية لغريمه الصيني

  • 6/8/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ظل الفانوس معلماً تراثياً مصرياً بامتياز ما يزيد على ألف سنة، ولم يمنع ذلك أن يتلون بثقافات المجتمعات الإسلامية والعربية وحتى الغربية التي انتشر فيها فن صناعة الفانوس وأخذت هذا الفن عن مصر وطوّرته وأسبغت عليه طابعها الثقافي والبيئي المستمد من عاداتها وتقاليدها المتوارثة. وبقيت مصر تتربع على عرش صناعة الفانوس الرمضاني إلى أن راحت الصين تغزو الأسواق العربية وتدخل البيوت في كل مكان في العالم منذ ما يزيد على عشر سنوات، فحوصر كثير من الصناعات والحرف التقليدية والوطنية التي كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة حتى جاء قرار وزير التجارة والصناعة المصري العام الماضي بمنع استيراد المنتجات ذات الطابع الفني الشعبي (الفولكلور الوطني)، وبات أكثر تشدداً هذه السنة حرصاً على الهوية. يؤكد الحاج سعيد عبدالرازق (75 سنة) مالك إحدى ورش الفوانيس في منطقة المنشية وسط الإسكندرية، أن المنتج الصيني غيّب الهوية الوطنية للمنتج المصري الأصيل. ويقول: «بقينا سنوات نعاني، فلم نكن نبيع في السوق المصرية إلا للمساجد والفنادق الكبيرة والمحال والمنتجعات السياحية، ونصدّر البقية إلى دول أوروبية تقدّر هذا الفن الرفيع، مثل إيطاليا وفرنسا واليونان، وبعض الدول العربية. وظللنا على هذه الحال حتى جاء القرار الذي طال انتظاره وصحح الأوضاع»، لافتاً إلى إعادة تشغيل المصانع التي تنتج الفوانيس المحلية من الأخشاب والحديد والبلاستيك. ويضيف: «اليوم يعود الفانوس المصري إلى كامل هيئته وبديع رونقه ويتصدره شعار «صنع في مصر». وعادت الأشكال القديمة المصنوعة من الحديد المطلي بالنحاس، إضافة إلى الفوانيس الصاج لتزيح الفانوس الصيني تماماً ويختفي من الأسواق المصرية». ويقول الأسطى أحمد عبدالرازق (الابن) لـ «الحياة»: «الصيني أخرج الفانوس من إطاره التراثي وقيمته الجمالية، فما هو إلا لعبة بعيدة تماماً عن اسم الفانوس»، لافتاً إلى أن الصيني اعتمد على الشخصيات الكرتونية وزود الفانوس عجلات وإضاءة وبطاريات ليتحرك ويصدر أصـــواتـاً ويغني، جذباً لانتباه الأطفال بعيداً من روحانيات شهر رمضان. ويرصد أحمد لجوء بعض التجار استيراد الفانوس على أنه لعب أطفال أو أجزاء منفصلة يتم تجميعها يدوياً وإضافة أسطوانة صوت بأغاني رمضان التفافاً على قرار وقف استيراد الفانوس. ويؤكد ناجي وليام إسكندر (بائع) أن فانوس رمضان هذا العام مصري مئة في المئة، لافتاً إلى أن «التراث هو في الأصل رؤية مستقبلية، فالتاريخ يتحرك ابتداء من المستقبل وليس من الماضي». وانطلاقاً من هذا المفهوم، طوّر الصناع الشباب الفانوس القديم ليواكب مزاج الجيل الجديد، فأدخلوا عليه العديد من الأشكال من الخرز والحديد المطروق والرخام الألباستر والخيط والخشب الأرابيسك، قبل تطعيمه بالزجاج الملون وقماش الخيام. وغزت التصاميم الجديدة الأسواق وتحولت إلى قطع ديكور مميزة وسط الأجواء الرمضانية. وعن أسعار الفانوس يقول اسكندر: «هناك العفريت (نسبة إلى عفريت الممثل إسماعيل يس) الذي يوضع على الشرفة وسعره من 35 جنيهاً، وتاج الملك والشمامة بـ 75 جنيهاً، والفانوس المخمس الأضلاع بـ 150 جنيهاً، وفانوس طبلة العالمة والصاروخ يبدأ من 100 جنيه، وزهرة اللوتس خيامية بـ 150 جنيهاً. وقد يصل السعر إلى 500 جنيه بحسب الحجم».

مشاركة :