محمد بن زايد: مسؤولية العلماء عظيمة لتبيـان قيم الإسلام السمحة والتصدي للتطرف

  • 6/9/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على عظم المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء تجاه المجتمعات الإسلامية، بحكم علمهم ومعرفتهم الواسعة بنصوص الشريعة وأحكام الدين، وأهمية دورهم في تبيان مقاصد الإسلام الحقيقية وقيمه السمحة وعظمة الإسلام في دعوته إلى التسامح والعدل والسلام والخير والتعايش، والتصدي بحزم لانحرافات فرق الغلو والتطرف التي شوّهت صورة الإسلام وروحه السمحة. جاء ذلك خلال استقبال سموه، مساء أمس في قصر البطين، أصحاب الفضيلة العلماء ضيوف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يرافقهم الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف. تهانٍ ورحب سموه بأصحاب الفضيلة العلماء، وتبادل معهم التهاني والتبريكات بمناسبة شهر رمضان المبارك، داعين الله عز وجل أن يعيده على دولة الإمارات العربية المتحدة والأمتين العربية والإسلامية باليمن والخير والبركات. وتبادل سموه وضيوف رئيس الدولة الأحاديث عن إحياء ليالي شهر رمضان المبارك بالفعاليات والمحاضرات التي تهدف إلى تبصير الناس بشؤون دينهم وتعاليمه السمحة وإثرائها بالثقافة والمعرفة. وأعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن تمنياته لضيوف صاحب السمو رئيس الدولة بالتوفيق في إحياء هذا الشهر الفضيل بالدروس والمحاضرات القيمة. برامج دينية من جانبهم، أعرب العلماء والوعاظ عن سعادتهم بوجودهم في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمشاركة في هذه السنّة الطيبة التي أرساها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من خلال إلقاء المحاضرات والبرامج الدينية والاجتماعية التي تهم المجتمع المسلم، داعين الله عز وجل أن يديم الأمن والاستقرار على دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى شعبها الخير والتقدم والازدهار. ويشارك ضيوف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مع العلماء الوعاظ في الدولة في إحياء ليالي رمضان، وذلك ضمن برنامج استضافة العلماء والوعاظ خلال الشهر الفضيل، بإشراف وزارة شؤون الرئاسة. محاضرة إلى ذلك، شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مجلسه الرمضاني أمس، أول محاضرة في الشهر الكريم عن حماية المجتمع من التطرف. كما شهد المحاضرة معالي الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ عمر بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وعدد من الشيوخ والوزراء. وركز الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، خلال المحاضرة التي قدمها، على تحصين المجتمع من الأفكار المتطرفة، وغلق منافذ التطرف، ومتابعة منع المتطرفين من الدعوة والفتوى، وتفنيد شبهات المتطرفين وكشف أغراضهم وسوء أفعالهم. وأكد أننا لسنا في حاجة إلى تجديد الخطاب الديني فقط، بل بحاجة إلى تجديد المناهج الدراسية والخطاب الإعلامي والثقافي، لأن ما نعانيه ناتج عن انسداد في الأفق الثقافي، ولو جددنا الجانب الثقافي والعلمي والفكري يمكن لأي إنسان أن يجدد فكره. مواقف مشرّفة وتوجه وزير الأوقاف المصري، في بداية محاضرته، بالشكر والتقدير إلى دولة الإمارات قيادةً حكيمةً وشعباً كريماً، على مواقفها التاريخية المشرفة تجاه شقيقتها مصر، مؤكداً أن المواقف العربية الأصيلة الكريمة الشجاعة لا تستغرب عن آل زايد الخير، سائلاً الله أن يديم فضل الإمارات وعزها جزاء ما تقدمه للإنسانية جمعاء من خير عميم. توحيد الفتوى وأكد الدكتور محمد مختار جمعة أن بلاده تسعى إلى التنسيق والترابط في الفتاوى ومجال الأوقاف مع دولة الإمارات، من أجل توحيدها وأخذها من رجال الدين والعماء المتخصصين، مشيراً إلى أننا يجب ألا نعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي مصدر للعلم برغم أهمية تلك الوسائل، وعلينا أن نأخذ العلم من العلماء وأهله، وقديماً قالوا: لا تأخذ العلم عن صحفي، ولا القرآن عن مصحفي، ومن كان علمه من كتابه، فخطؤه أكثر من صوابه، لذا لا بد من التعليم على يد أهل العلم، وألا ننساق وراء الشائعات وما يبث عبر وسائل التواصل. وقال إن الفكر المتطرف يشكّل خطراً دائماً على الدين والوطن والإنسانية، لأن الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تحمل أو تنتسب إلى الإسلام ظلماً وبهتاناً تخدع وتضل تحت اسم الإسلام وراية القرآن، والإسلام بريء منها. وأضاف أن هذه الجماعات المتطرفة لا تؤمن بوطن أو دولة، وولاء أفرادها للتنظيمات التي ينتمون إليها، مع أنهم لا وفاء لهم، لأن الإرهاب يأكل كل من ينتمي إليه أو يموله، لأنهم لا أخلاق لهم. تحصين النشء وأوضح جمعة أن السؤال الذي يطرح نفسه ويتداول في الأوساط: هل المطلوب هو تفكيك الجماعات المتطرفة أم تفكيك الفكر المتطرف؟ وأجاب أن المطلوب هو تفكيك الاثنين معاً، غير أن الأوْلى والأهم هو تفكيك الفكر المتطرف، لأن أي دولة إذا ما قامت بالقضاء على جماعة متطرفة أو فككت جماعة هنا أو هناك، فإنه يمكن أن تظهر لها جماعة إرهابية ومتطرفة أخرى تدّعي الانتماء إلى الإسلام. ودعا إلى ضرورة العمل على تحصين الفكر وشبابنا، وخاصة النشء الصغير، لأن الجماعات تعمل على استقطاب الفئة الأخيرة منذ نعومة أظافرهم، من خلال الحضانات والمدارس ومعاهد العلوم الدينية ومراكز تحفيظ القرآن غير القانونية وغير الرسمية. وأشار إلى أنه في فترات ما فهمت بعض الأنظمة خطأ أن مواجهة التطرف وتجفيف منابعه يقتضيان تجفيف منابع التدين، ففرغت المجتمعات من التدين الصحيح، موضحاً أننا يجب أن نعلّم النشء الصغير حرمة القتل، وأن الإسلام لم يقتل شخصاً واحداً لكفره أو اختلافه في العقيدة، وأنه لا يوجد في الإسلام قتل على المعتقد، وأنه من حاول أن يحمل الناس على دين واحد فهو مخالف للسنة الكونية، فالله سبحانه وتعالى خلق الناس بالاختلاف والتنوع. واجب وطني وأوضح وزير الأوقاف المصري أننا يجب أن نعمل على تجفيف منافذ التطرف، من خلال منع غير المؤهلين وغير المتخصصين من القيام بالعمل الدعوي والثقافي والفكري أو التربوي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، مشيراً إلى أن ما أصاب دولنا من تشدد جاء نتيجة اقتحام غير المتخصصين وغير المؤهلين لساحة الفتوى بغير علم، فضلّوا وأضلّوا، لذا كان على المؤسسات التوعوية والتعليمية في جميع المراحل الدراسية أن تنقي نفسها مما يحملون فكراً متشدداً ومتطرفاً، وأن نبعد كل ما ينتمي إلى جماعات متطرفة أو يحمل فكراً متطرفاً عن تكوين النشء. وتابع أنه ينبغي عدم صعود المتشددين والمتطرفين على المنابر في الجانب الدعوي والمدارس والإعلام، لأن القضية ليست فنية أو ما شابه ذلك، بل إنها قضية وطن ودين، مشيراً إلى أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة وظّفت الدين سياسياً، وأخذت الدين مطية لمطامع تخصها ومحاولة جذب الناس لتحقيق مصالح سياسية، ومؤكداً ضرورة مواجهة الجماعات المتطرفة والعمل على استئصالها، وهذا واجب ديني ووطني، لأنها تشوّه الوجه الوطني لمجتمعاتنا، لأن الدين لا بد له من وطن يحمله ويحميه. تصحيح القضايا وبيّن الدكتور محمد مختار جمعة أنه يجب على العلماء والمتخصصين أن يصححوا القضايا الصعبة التي تتعلق بقضايا التكفير والجهاد ونظام الحكم والخلافة والجزية، مشيراً إلى أنه لا يمكن الحكم على إنسان بكفر إلا بموجب حكم قضائي، حتى لا ندخل في فوضى التكفير. ولفت إلى أن إعلان حالة الحرب والسلم ليس من حق الأفراد والجماعات والفصائل والأحزاب والتنظيمات وإلا كانت الحياة فوضى، مشيراً إلى أن دستور أي دولة هو الذي يعطي الحق في إعلان الجهاد وفق ما ينص عليه، والدولة هي الجهة الوحيدة التي لها حق إعلان الجهاد، ولا يكون للاعتداء، ولكن لرد الاعتداء على الدولة. شرط الجزية وفيما يتعلق بالجزية، قال المحاضر إنه لم يثبت في التاريخ الإسلامي أن الجزية فُرضت من جانب على آخر، لكنها عقد واتفاق بين جانبين، وكان المسلمون يدافعون عن غير المسلمين مقابل الجزية، ولكن شرط إلزام الجزية يزول عن غير المسلمين من أبناء الدولة الذين يؤدون واجبهم تجاه وطنهم كأداء الخدمة الوطنية، وأصبح عليهم عقد المواطنة، ويجب على الجميع أن يحسنوا لغير المسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها، ويظهروا لهم الوجه الحقيقي للإسلام. وأكد أن الجماعات الإرهابية لعبت بقضية الخلافة ونظام الحكم، فدين الله لا مجاملة فيه، والإسلام لم يفرض على المسلمين أو جاء بنظام جامد للحكم، لكنه وضع أسساً عامة إذا ما طبقت سيكون الحكم رشيداً، وهو الذي يتحقق من خلال إقامة العدل ومنع الفساد بين الناس والعمل على تحقيق مصالحهم ما أمكن ذلك، بأن يوفر لهم مقومات الحياة الأساسية ويمكّن الناس من إقامة شعائر دينهم، فالمطلوب أن يكون هناك نظام واحد من رئيس واحد ومؤسسات، وإلا حلت الفوضى في أي دولة لم تحقق ذلك. ونوه جمعة بأن قضية الخلافة ليست المسمى، وإلا أطلق كل الحكام على أنفسهم اسم الخليفة، فالأسماء والمسميات لا تعبّر عن الواقع، والإسلام لم يصنع نظاماً ثابتاً جامداً يجب السير عليه. العائدون من داعش وأشار وزير الأوقاف المصري إلى أننا يجب أن نركز على العائدين من داعش والحركات الإرهابية، ونؤكد لشبابنا أن النعيم في الآخرة كما يدّعون بقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ما هو إلا خداع، وأنهم لن يجدوا زوجة ولا الحور العين في الجنة كما يدعون بعد تنفيذهم للعمليات الإرهابية بالأحزمة الناسفة، بل سيجدون العذاب المقيم، مؤكداً ضرورة استماع أبنائنا إلى من يدعو إلى الرحمة والتسامح وحب الوطن والعمل والإنتاج وإلى صحيح الدين، وألا يستمعوا إلى من يدعون إلى القتل والفساد وسفك الدماء، فالدين الإسلامي لا يحب الفساد والمفسدين، وهو دين الخير والعطاء وحب الخير للإنسانية جمعاء. رحمة للعالمين وقال جمعة إن الله سبحانه وتعالى عندما بعث سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، بعثه رحمةً للعالمين، رسول محبة وسلام، مؤكداً أننا جميعاً ندعو إلى نبذ كل أنواع العنف والتطرف والتمييز العنصري ضد الإنسان أو نظام، وأن العلاقات الإنسانية لا تقاس على أساس الدين أو العرق. دين الوسطية قال وزير الأوقاف المصري إن الإسلام دين الوسطية والاعتدال، وإنه عندما يتحدث العلماء عن مواجهة التشدد قد يفهم البعض خطأ أننا ابتعدنا عن ذلك النهج، ولكننا في مواجهتنا للتشدد والتطرف إنما نواجه التسيب والانفلات الأخلاقي، فالدين الإسلامي ينبذ التطرف والتطرف المضاد، وإننا لا نستطيع اقتلاع التطرف من جذوره إلا باقتلاع التسيب من جذوره أيضاً.

مشاركة :