غيرو: الفوز باللقب هدفنا الوحيد.. والوصافة لن ترضينا

  • 6/9/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يلوح أوليفييه غيرو بيديه بغير اهتمام عند رؤية المجسم الضخم لكأس العالم على الأرضية العشبية في قصر كليرفونتين، ويقول: «لم أعد أنتبه إليه فعلا». وهو كلام مثير للدهشة بالنظر إلى أن طول المجسم يصل لـ12 قدما، لكنه مؤشر واضح على المزاج في المعسكر الفرنسي مع استعداد المنتخب لبدء مسيرته في «يورو 2016»، ضد رومانيا غدا. ولقد فاض الكيل بالفريق من مقارنته بالجيل السابق الناجح، وهم يريدون جميعا أن يظهروا أنهم قادرون على تحقيق نجاح مماثل. ولقد كان الاستعداد للبطولة طويلا، وصعبا في كثير من الأحيان، كما غطي القرار الصعب بشأن ضم أو استبعاد كريم بنزيمة على طموحات المنتخب. واستبعد مهاجم ريال مدريد من قائمة المنتخب بسبب دوره في الابتزاز المزعوم لزميله في المنتخب، ماتيو فالبيوينا، فيما يسمى بفضيحة الشريط الجنسي، لكن الفريق مليء بالمواهب، لدرجة أن البلد المضيف يتوقع أن يفوز باللقب من دون مهاجم الريال. ومن المتوقع أن يقود غيرو خط هجوم ديدييه ديشامب، وذلك بعد أن سجل هدفين في آخر المباريات الاستعدادية ضد اسكوتلندا، يوم السبت الماضي، وهو يقول إن التوتر يزداد، ولكن اللاعبين يتأقلمون بشكل رائع، مضيفا: «هناك ضغوط إضافية من دون شك بقدر ما هناك توقعات. وكلما اقتربنا من مباراة رومانيا، سيزيد التوتر الذي نشعر به، لكن ليس هناك توتر سلبي. الروح الإيجابية التي خلقها ديدييه ديشامب منذ تولى المسؤولية ساعدتنا فعلا. وقد حان الوقت الآن لهذا الجيل الفرنسي لأن يصنع تاريخه الخاص. هذا المكان (كليرفونتين) مكان أسطوري لكن حان دورنا لأن نفوز بشيء الآن». ويمثل المنتخب الفرنسي مزيج جيد من اللاعبين الشباب والكبار، الخبرة والحيوية، وغيرو واحد من لاعبي الفريق الكبار، إلى جانب باتريس إيفرا وهوغو لوريس. ويقول غيرو: «اندماج اللاعبين الجدد حدث بشكل أكثر سهولة بفضل هذه الروح الإيجابية بالفريق. وتطور الفريق بشكل طبيعي منذ كأس العالم 2014، ولديه حافز جديد. لدينا نتائج هي الأحسن منذ وقت طويل، ونلعب بشكل جيد ونسجل الأهداف. يساهم الجميع في الفريق وقد اندمج اللاعبون الجدد مع اللاعبين القدامى بشكل سلس. وفي الأسبوع الماضي، كان لاعبون من أمثال أدريان رابيو وجبريل سيديبيه وصامويل أومتيتي يغنون أغنية لكل اللاعبين الجدد». ويطل غيرو بوجه تنعكس عليه أمارات الاسترخاء وسط أشعة الشمس سريعة الزوال في فترة ما بعد الظهيرة، في مركز التدريب الذي يبعد مسيرة ساعة بالسيارة من باريس. وهذا هو تجمع كل الفرق الوطنية الفرنسية من كل الأعمار قبل البطولات الكبرى، وعملت أكاديمية الناشئين (آي إن إف كليرفونتين)، وهي أكاديمية رفيعة المستوى، على تنمية أفضل المواهب في البلاد منذ 1988، من تيري هنري حتى نيكولاس أنيلكا. كان أوليفييه غيرو من الزوار المنتظمين هنا على مدار 5 سنوات حتى الآن، وهو يخوض البطولة مدعوما بخبرة 49 مباراة دولية و17 هدفا. ويأتي هذا بعد موسم صعب مع آرسنال، والأنباء التي ترددت حول اقتراب انضمام جيمي فاردي مهاجم ليستر سيتي للنادي. بعد المباراة الودية ضد اسكوتلندا، قال غيرو إنه «سيكون سعيدا في ظل المنافسة»، وإنه يتمنى أن يساعد فاردي آرسنال على الفوز باللقب. وينكر غيرو ووكيل أعماله، ميشيل مانويلو، أي تكهنات بأنه يتطلع إلى الرحيل عن آرسنال في الصيف. يقول غيرو: «كنا نعتقد أن هذا سيكون عامنا، بعدما هزمنا ليستر 2 - 1 على ملعبنا. وللأسف، فقد خسرنا نقاطا على ملعب الإمارات ضد الفرق التي من المفترض أنها أقل قوة». وقد قدم غيرو نصفا أول قويا من الموسم، توج بثلاثة أهداف «هاتريك» ضد أوليمبياكوس، ليضمن وصول آرسنال إلى دور الـ16 في دوري أبطال أوروبا، لكن عندئذ تراجعت حالته الفنية، وخسر مكانه في آرسنال في مارس (آذار). ويضيف: «لعب المباريات أساسيا مع المنتخب كان يساعدني على العودة عندما كانت الأمور تزداد صعوبة مع آرسنال». وقد كافح غيرو للعودة إلى التشكيل الأساسي في المراحل الختامية من الموسم، وسجل 4 أهداف في آخر مباراتين، ليرفع حصيلته من الأهداف هذا الموسم إلى 24 هدفا، بينما صنع 6 أهداف. وقال: «أتقبل النقد لأن من الصعوبة بمكان لأي مهاجم أن يمر بمثل هذا العقم التهديفي الذي تعرضت له في النصف الثاني من الموسم. لكن في النهاية، كنت قد قدمت 6 أشهر جيدة جدا، وعندما تنظر إلى الإحصائيات، فقد تجد أن هذا كان أفضل موسم لي مع آرسنال». وعلى رغم الصعوبات التي واجهها في النصف الثاني من الموسم، فإن معدل غيرو التهديفي الذي يصل إلى هدف واحد كل 152 دقيقة في الدوري كان رابع أفضل معدل في الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ)، خلف سيرجيو أغويرو، وفاردي وهاري كين. لكن هناك جانبا من جوانب أداء غيرو، لا يتم تقييمه بما يستحق، وهو ما يفعله خارج الصندوق، حيث يشكل حلقة وصل مع زملائه في الفريق، القادمين من الخلف. ولهذا يعتقد أنه ينبغي أن يتم الحكم عليه كذلك في ضوء الأداء الجماعي لفريقه أيضا، وهو يرى أن تراجع إنتاجيته تزامن مع منحنى هابط في أداء آرسنال بوجه عام. ويقول: «لأسباب ما يبدو أننا دائما نتعرض لهذا التراجع قرب مارس. لست وحدي، فإذا نظرت إلى أفضل لاعبينا، مثل مسعود أوزيل، ستجد أنه صنع عددا أقل من الأهداف بعد بداية العام الحالي (16 هدفا قبل يناير (كانون الثاني)، و4 بعده). وفي أول عام لي مع الفريق، أنهينا الموسم في المركز الرابع، والثالث في الموسم التالي، والآن الثاني. سيكون علينا أن نتحسن لنقطع الخطوة النهائية الموسم القادم». وقد أنهى آرسنال الموسم قبل توتنهام هوتسبر، لكن بفارق 10 نقاط خلف ليستر. ويعترف غيرو بصحة الانتقادات بأن الفريق لم يكن بحالة جيدة بما يكفي للفوز باللقب، ويدرك أن إنهاء الموسم في المركز الثاني سيكون أمرا سيئا كما الهبوط إلى الدرجة الثانية. يقول: «في نهاية المطاف كان آرسنال يتعرض للانتقاد رغم احتلاله المركز الثاني. وهو أفضل مركز لنا على مدار عقد من الزمن. وقد يكون هذا هو الحال مع فرنسا، إذا لم نفز باللقب واكتفينا بوصافة (يورو 2016)». وهذا صحيح، رغم أن الوصول إلى النهائي سيشكل تحسنا في مقابل أكبر بطولتين سابقتين، حيث خسرت فرنسا في دور الثمانية. وكان غيرو يجلس على مقاعد البدلاء، عندما كان كريم بنزيمة يلعب أساسيا خلال المباراتين الأخيرتين ضد إسبانيا في «يورو 2012» وألمانيا في كأس العالم 2014. ومع استبعاد مهاجم ريال مدريد من قائمة ديدييه ديشامب النهائية، يعرف غيرو أنه سيكون عليه دور أكبر، لكنه يختلف مع القول إن غياب بنزيمة رفع الضغوط عن كاهل الجميع. يقول: «لا، لا أستطيع أن أقول هذا، لأنه سيكون معناه أن بنزيمة كان عبئا علي، وهو أمر خاطئ، فهو واحد من أفضل المهاجمين الفرنسيين. سنفتقده، وسنفتقد كل اللاعبين الغائبين بسبب الإصابة أيضًا (رافائيل فاران ولاسانا ديارا من بين آخرين). ونحن نعرف أنه لن يشارك في صفوف المنتخب لفترة، والآن نحن نبحث عن طرق للعمل مع المهاجمين الآخرين هنا». وتعني الوجوه الجديدة في المنتخب أن على فرنسا أن تتأقلم مع الغيابات. ويعتبر نغولو كانتي أحد هؤلاء وحكاية تغلبه على الظروف الصعبة، والانضمام إلى منتخب بلاده وهو الذي كان يلعب في دوري الهواة قبل 5 سنوات فقط. ويعد كانتي من الوجوه المهمة لهذا الفريق شأنه شأن غيرو. تخرج غيرو من أكاديمية غرونوبل المغمورة التي رشحها له شقيقه، بحيث يبدو قريبا من أسرته، حيث قال أحد مدربيه إنه لن يكون جيدا بما يكفي لأن يلعب في الدرجة الثانية الفرنسية، ناهيك عن الدوري الممتاز. أعير من نادي استريس الذي يلعب في الدرجة الثالثة، وهو في الـ21 من العمر، قبل أن يعود إلى الدرجة الثانية مع تور، حيث لعب بجانب لوران كوسيلني، وهو الآن زميل له في النادي والمنتخب. وبعد مرور عامين، انضم إلى مونبيلييه في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، ليصبح هداف المسابقة، كما ساعد فريقه على الفوز بلقب غير محتمل للدوري في 2012. وانضم أخيرا إلى آرسنال، حيث قوبل بالشكوك من جديد، وتعرض لانتقادات من جديد، بزعم أن تركيبته الجسمانية لا تتماشى مع نوعية المهاجمين الذين لعبوا لآرسنال في السابق، حيث كانوا يعملون على خلخلة دفاعات المنافسين، وخلق المساحات بين صفوفهم. يقول: «المحن والظروف الصعبة رسمت ملامح هذا المنتخب. لم يخرج كثير من اللاعبين من صفوف أكاديميات الناشئين. لقد جاء كثيرون منا عبر طريق مختلف عن التوقيع على عقد احترافي في الـ17 أو الـ18 من العمر. وأعتقد أن هذا جعلنا أكثر صلابة. وقد ساعدني الوقت الذي قضيته في الأقسام الأدنى بالدوري بالتأكيد على أن أشعر بأهمية الإنجازات التي حققتها، وهذا يمنحني مزيدا من الطموح للمستقبل». خبرته تجعله لاعبا مهما لهذا المنتخب، وهو يتحمل المزيد والمزيد من المسؤولية بطريقته الخاصة. يقول: «أحاول أن أكون زعيما على أرض الملعب، وليس خارجه. لا أجيد الحديث، وأميل إلى ترك مسؤولية الكلام إلى لاعبين آخرين، مثل باتريس». ويفصل المنتخب الفرنسي عن المباراة الافتتاحية أقل من أسبوع، وستبدأ المباراة وسط حالة من عدم الرضا على الصعيد الاجتماعي، مع استمرار تبعات الهجمات الإرهابية في نوفمبر (تشرين الثاني). وقد أثار الانتصار في كأس العالم 1998 خيالات عن فريق «أسود، أبيض، بور» (نسبة إلى المهاجرين ذوي الأصول المغاربية)، وتحتاج فرنسا إلى كرة القدم أكثر من أي شيء آخر لتوحيد مجتمعها الذي يزداد سخطا. ويقول غيرو إن جسده ارتجف عندما نزل للتدريب على ملعب ستاد دو فرانس، عشية المباراة الودية ضد روسيا في مارس، كانت هذه أول زيارة له إلى هناك منذ 13 نوفمبر، عندما فجر 3 انتحاريين أنفسهم خارج الملعب في أثناء المباراة الودية ضد ألمانيا. ويعود المنتخب الفرنسي إلى ملعب فرنسا يوم الجمعة لافتتاح فصل جديد من التاريخ، ليس ذلك الذي كتبته الأجيال السابقة، وإنما يكتبه لاعبون شقوا طريقهم الصعب للوصول إلى النجاح. وهم يأملون بأن يلهموا جيلا جديدا من مشجعي كرة القدم في أنحاء البلاد بأن يقفوا وراء فريقهم وبلادهم، وأن يتمنوا مستقبلا أفضل من جديد. يقول غيرو إن تأثير مدرب المنتخب، الذي بعيدا عن كونه يمثل تذكيرا قويا بالماضي، يركز على الإيجابيات، في الوقت الذي يحاول فيه الفريق مواصلة دورة الـ16 عاما التي شهدت فوز فرنسا بالبطولة الأوروبية في 1984 و2000، وكان ذلك على أرضها في كلتا البطولتين. وختم قائلا: «ديشامب ينقل تركيزنا يوما بعد يوم تجاه أهدافنا النهائية، وهي الفوز باللقب. إنه طموحنا الوحيد في البطولة».

مشاركة :