ناقش المشاركون في المجلس الرمضاني الذي نظمته مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، قضية توطين مهنة الإسعاف، بتوضيح نظرة المجتمع لهذه المهنة، وأهمية توطين قطاع الإسعاف، وأبرز التحديات التي تواجه موضوع التوطين، والمقترحات المقدمة لحل هذه المشكلة، والمفاضلة بين العمل المكتبي والعمل الميداني، بحضور خليفة بن دراي المدير التنفيذي للمؤسسة، وعدد من مديري الإدارات والموظفين والمسعفين. وفي مستهل كلمته وجه ابن دراي الشكر إلى الخليج على دعوتها لهذا المجال، مضيفاً: قضية توطين مهنة الإسعاف مهمة جداً، وتعد هذه المرة الأولى التي نجتمع فيها مع الإدارات لمناقشة هذه القضية بمبادرة من الخليج، ونستغل الفرصة ليبدي كل منا برأيه وأهم الملاحظات التي تواجهه، وطرح الخبرات العملية التي من شأنها أن توضح صورة العمل الإسعافي للجمهور، وتدعم توجه المؤسسة لزيادة نسبة التوطين. وأكد أهمية العمل الإسعافي ورقي الخدمات التي يقدمها للمجتمع، منوهاً بأنه من بين الاقتراحات التي طرحتها المؤسسة على المسؤولين، ضرورة أن يدخل الشخص الذي يحصل على رخصة قيادة سيارة في دورة عن الإسعافات الأولية حتى يتكون لديه مفهوم واضح عن الإسعافات الأولية، وهذا الأمر معمول به عالمياً، وخاصة في أوروبا وأمريكا وغيرها. ولفت إلى أن نسبة التوطين التي تحققت في المؤسسة حتى الآن ليست مرضية، على الرغم من أن ذلك يسير وفق خطة جيدة تتوافق مع استراتيجية حكومة إمارة دبي. أضاف خليفة بن دراي: نواجه إشكالية عدم جدية من بعض الباحثين عن عمل الذين يتم إرشادهم لشغل وظائف في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، ففي معرض الإمارات للتوظيف 2016 الذي استضافه مركز دبي التجاري العالمي مؤخراً، وشاركت فيه المؤسسة، تلقينا عدداً كبيراً من السير الذاتية للباحثين عن عمل، وكنا متفائلين بهذا الإقبال الكبير، وبعد أن قامت الإدارة المعنية بفرز هذه السير الذاتية، وبدأت بالتواصل مع أصحابها، لم يستجب إلا عدد قليل جداً منهم لحضور المقابلات الشخصية. اتفقنا مع كليات التقنية العليا أن نوفر منحاً دراسية لمن يرغبون في دراسة برنامج الطب الطارئ، وفي السنوات السابقة بدأنا بطالبين مواطنين أو ثلاثة فقط، ولكن العدد زاد الآن ليصل إلى 25 طالباً وطالبة، وأبلغنا إدارة كليات التقنية العليا بأنه من الممكن أن تتوافر المنح لـ 50 طالباً إذا توافر العدد، ولكن هذا الأمر قد يحتاج إلى وقت حتى تتعزز أهمية العمل بمهنة المسعف لدى المواطنين. نؤكد رقي مهنة المسعف، وعلى الرغم من ذلك فإن المجتمع يجهل الدور الكبير الذي يقوم به، وأستدل على ذلك بواقعة لأحد العمال تعرض لحادث أسفر عن قطع أصابع يده، وفتح بطنه، وفقء إحدى عينيه، فتعامل المسعفون مع الحادث، ونقلوا المصاب إلى المستشفى، إلا أنهم اتهموا بالاهتمام ببطن المصاب المفتوح وترك أصابعه التي قطعت، وهذا الأمر غير مقبول، فإنقاذ حياة الشخص أهم في هذه الحالة. تخصصات جديدة أشاد الدكتور عمر السقاف مدير إدارة الشؤون الطبية، بدور المسعف، وعلى الإعلام إبراز هذا الدور للمجتمع، فهؤلاء كوادر فنية تنقذ كثيراً من الحالات بشكل يومي، وتكون مسؤولة عن الأهل والمصابين، كما أن المسعف هو الذي يتعامل مع جميع التخصصات، من جراحة وباطنية وأمراض نفسية وإصابات وحروق، ثم ينقلها إلى المستشفيات المتخصصة. وذكر أن المؤسسة قامت بعدة خطوات، من بينها اختصار فترة دراسة برنامج البكالوريوس، فمع بداية 2017 سيكون أقل فترة زمنية وبنفس الجودة والمستوى، عبر كليات معترف بها، ويكون مؤهلاً للحصول على الدرجات العلمية الأعلى كالدبلومة والماجستير والدكتوراه، وهذا يشجع كثيراً من المواطنين للانخراط في سوق العمل بهذا التخصص، إضافة إلى تخصصات أخرى مثل المسعف المؤهل لأخذ قرار في الشارع وفي مكان الحادث، مما يخفف كثيراً من تزاحم الحالات على المستشفيات. وأضاف: تعاملنا مع 1162 حالة في 2015، ومن المتوقع في 2016 أن يصل عدد الحالات إلى 185 ألف حالة، يتعامل معها المسعفون، جميعاً فيما عدا 25% منها والتي تهدد الحياة، ولذلك تنقل إلى المستشفيات، لذلك نعمل على توفير كوادر تتعامل مع نسبة الـ25%. الترقي الوظيفي واعتبر عيسى الغفاري مدير إدارة الدعم المؤسسي، أن أكبر عائق، في السابق، أمام انضمام المواطنين لمهنة الإسعاف كان النظرة المجتمعية، فإذا كان هذا الأمر مقبولاً بالنسبة للشباب إلى حد ما، فإنه واجه رفضاً شديداً بالنسبة للفتيات المواطنات، من قبل أهاليهن. وذكر أن مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف تضطلع بدورها في تسويق مهنة الإسعاف، فبدءاً من المدير التنفيذي للمؤسسة، مروراً بالمسؤولين فيها، ومسعفيها، والأقسام المعنية، تم بذل جهد كبير لتوضيح سمات هذه المهنة السامية للمجتمع. وقامت المؤسسة بوضع برنامج مع الدوائر والهيئات المعنية من حكومة دبي لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المواطنين، ويتضمن البرنامج العديد من الحوافز لتشجيع المواطنين على الانتساب لدراسة الإسعاف والعمل به، ومن هذه الحوافز تحديد مكافآت دراسية للدارسين، وغيرها. ولقد تسبب طول فترة دراسية برنامج الطب الطارئ والإسعاف في عزوف البعض عن الانخراط في هذه الدراسة، وتمت مناقشة هذا الأمر من قبل مجلس إدارة مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، برئاسة حميد القطامي رئيس مجلس الإدارة، وطرحت فكرة إيجاد برامج أكاديمية أقصر في المدة الزمنية من البرنامج الحالي الذي يستغرق 4 سنوات، ومن المحتمل أن تكون مدة الدراسة 3 سنوات أو سنتين فقط. عمل إنساني طالب غلوم طالب مدير إدارة عمليات الإسعاف أكد أن مهنة الإسعاف مهنة إنسانية، ينظر إليها المصاب وأهله على أنها الأمل، فعندما يقوم المسعف بإنقاذ حياته فهذا يعني أنه قدم رسالة سامية عالية المغزى، لافتاً إلى أن المجتمع في الوقت الراهن بات يتقبل أن يعمل المواطن أو المواطنة بمهنة الإسعاف، والدليل على ذلك أن أحد المسعفين عندما قدم إلى المؤسسة للعمل بها اصطحب معه ابن أخته، لشغل وظيفة المسعف ليؤدي أدواراً إنسانية متميزة. وأضاف: نود أن تخصص الصحف مساحة لتسليط الضوء على عمل المسعفين، من خلال زاوية مثل يوميات مسعف، فلديهم من القصص الكثير الذي يحتاج المجتمع للتعرف إليه، لدعم هؤلاء المسعفين، وتشجيع المواطنين على الانخراط في هذا العمل الإنساني. معارضة الأهل وعن ملاحظات المجتمع على مهنة المسعف، قالت لطيفة المهيري مسعفة: عندما فكرت في العمل بمجال الإسعاف، واجهت رفضاً من أسرتي، حيث أبدوا تحفظاً، عازين ذلك الرفض إلى أن هذه الوظيفة لا تتناسب مع تقاليدنا، لأن البنت ستعمل فيها إلى جوار الرجل، إلا أن الأمر قد تغير تماماً الآن، فباتوا يشجعونني على مواصلة العمل، ويشيدون به، وأصبحوا ينظرون إليه كعمل إنساني جيد. تحفظ المجتمع يتلاشى وأضافت عالية الماس رئيسة شعبة نقل المرضى: كنت واحدة من بين الدفعة الأولى من الإناث اللائي عملن في مجال الإسعاف، وكنا عندما دخلنا ضمن فريق العمل في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف نواجه سؤالاً شديداً، مفاده: أنتم كبنات كيف تدرسون وتعملون مع الشباب؟ وظهر هذا الأمر في بداية مرحلة التوطين في جميع المجالات، حيث عانته الطبيبة والمعلمة وغيرهما، وتوالت الانتقادات، وخاصة عندما كنا نرتدي زي العمل اليونيفورم، فضلاً عن السفر خارج الدولة للتعلم والاختبارات والتدريبات، فالغالبية من المجتمع الإماراتي حينها لم تكن تتقبل هذا الأمر، إلا أن الأمر بدأ في الانحسار مع دخول الدفعة الثانية إلى مجال العمل، والتي واجهت انتقاداً وتحفظاً أقل، ثم بعد ذلك أصبحنا نرى إقبالاً كثيفاً من قبل الإناث على دراسة خدمات الإسعاف. نظرات أمل من جانبه أكد مسلم اشكناني ضابط في غرفة عمليات شرطة دبي، أن خطة توطين مهنة الإسعاف أمر أساسي ومهم، كما أن توطين أي مهنة من عوامل تطور أي دولة، موضحاً أن هذه الخطة تواجه في مجال الإسعاف صعوبات معينة، نتيجة النظرة العامة التي يبديها المجتمع تجاه من يحترف هذا العمل. وأضاف: دائماً نسمع الآباء يفصحون عن تطلعاتهم بأن يتخرج أبناؤهم طيارين أو مهندسين أو غير ذلك، ويصبح واقع الأمر مختلفاً على الأب إذا أخبره ابنه بأنه يرغب في أن يكون فني طب طارئ، أو مسعفاً، حيث لا يرغب الأب أن يرى ابنه في صندوق الإسعاف أو كابينة الإسعاف، ظناً منه أن ما يقدمه هو إسعافات أولية للمصابين ونقلهم إلى المستشفيات فحسب، لافتاً إلى أن فني الطب الطارئ يلعب دوراً كبيراً في حياة أي إنسان. سيارة تنقل المرضى من جانبه ألقى أحمد عبد الحكيم اللوم على كل من وزارة التربية والتعليم ووسائل الإعلام لتقصيرهما في نشر الوعي بدور المسعف وأهمية عمله، مضيفاً: عندما حصلنا على شهادة الثانوية، وعُرض علينا العمل في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، وكان الأمر جديداً بالنسبة لنا، ولم تكن لدينا أي معرفة أو معلومات حول الإسعاف ومهام المسعف، فكل ما كان يجول بخواطرنا أن مهنة الإسعاف عبارة عن سيارة تنقل المريض أو المصاب من مكان الحادث إلى المستشفى، فلماذا نكون بحاجة إلى دراسة هذا التخصص لمدة 4 سنوات؟، وخلال مراحل التعليم المختلفة تعلمنا مهام رجل المرور والمهندس والطبيب وغيرهم، ولكن لم يكن هناك تركيز على المسعف والدور الذي يقوم به، ومهنة الإسعاف، لا من وزارة التربية والتعليم ولا من الإعلام. معرفة عائلية وإلى الرأي نفسه ذهب فارس البردان رئيس شعبة إسعافات ديرة، حيث قال: لم أكن شخصياً أجد معلومات عن الإسعاف، سواء في الإعلام أو في المراحل الدراسية، وتعرفت إلى برنامج الإسعاف من خلال العائلة، حيث عرض عليّ أحد أفراد عائلتي الانضمام للعمل بمجال الإسعاف، فوجدت في نفسي حماساً للانضمام لهذا المجال الجديد، وأحببت أن أكون جزءاً من هذا البرنامج الجديد، معتبراً أن دور الإعلام مهم جداً لإبراز خدمات الإسعاف وأهميتها للمواطنين، ما من شأنه أن يلقى تفاعلاً أكبر من جانبهم مع هذه المهنة. كلمات محفزة وحول اتهام البعض بأنهم يفضلون وظائف داخل المكاتب، ويبتعدون عن الجولات الخارجية أكدت عائشة علي فنية طب طارئ، أنها تفضل العمل الميداني على العمل المكتبي الروتيني، مضيفة: خلال العمل الميداني نتلقى بلاغات مختلفة، ونسمع كلمات محفزة لبذل مزيد من العمل من قبل الجمهور، فإسعادهم يعد أمراً مهماً جداً بالنسبة لي. تحديات العمل الميداني وحول أهم التحديات التي تواجه المسعفين في العمل الميداني، قالت منال آل علي، مسؤولة منطقة جميرا: من أكثر التحديات التي تواجهنا خلال عملنا الميداني، مكان البلاغ، والذي قد يكون في شارع ضيق، إضافة إلى الانتقال للمكان يحتاج إلى سرعة وسيطرة على السيارة، ما يعرضنا للحوادث، وكذلك فإن نظام فترات العمل الشيفتات يؤثر في الساعة البيولوجية للمسعف، إضافة إلى مواجهة التجمهرات التي تترتب على حادث أو حريق كبير. دور المسعف قبل المستشفى لفت الدكتور فراس النجار استشاري طب طوارئ وحوادث في مستشفى راشد، إلى أهمية دور المسعفين، مؤكداً أن دور المستشفى يبدأ بناء على أدائهم واجبهم. وأضاف: نريد أن نؤكد أن الإعلام هو واجهة المجتمع، ويقوم بدور توعوي، لذلك نطالبه بالتوجيه المستمر وإلقاء الضوء على أهمية دور المسعفين وعمل الإسعاف بشكل عام، وتغيير الصورة التي يرى البعض طب الطوارئ عليها، وأنه ليس أقل من غيره من الوظائف. وحول إقبال المواطنين على العمل الميداني أوضح أنهم لا يرفضون هذا العمل، بل ينجحون فيه بشكل واضح، ولذلك يوجد منهم مفتشون في البلدية والمواقف، ورجال إطفاء في الدفاع المدني. مؤسسة أكاديمية لتخريج المواطنين أكد علي موسى رئيس قسم تغطية الفعاليات ونقل المرضى، أهمية أن يطرح موضوع توطين الإسعاف وأهميته للنقاش في المجلس الوطني الاتحادي، من قبل الأعضاء، أسوة بموضوع توطين التمريض الذي تناوله المجلس بالمناقشة وتسليط الضوء عليه، مضيفاً من الضروري أن توجد مؤسسة أكاديمية لتخريج المواطنين للعمل بمجال الإسعاف. وذكر الدكتور حافظ مبارك طبيب ممارس عام، أن وجود العنصر النسائي في مجال الإسعاف أمر مهم، ومطلب ضروري، ففي كثير من البلاغات يحتاج الأمر إلى فتيات مسعفات للتعامل مع هذه الحالات، فالمسعفة تتعامل مع الحالة من الجنسين، أما المسعف فيتعامل مع الرجال فقط.
مشاركة :