عايض الظفيري من الشعراء القلائل الذين استطاعوا بعدد ليس بالكثير من القصائد أن يدوّن اسمه في ذاكرة الشعر الشعبي، ويصنع له حضورًا رائعًا ولافتًا من خلال شاعر المليون، قدّمت قصيدته الواعية أنموذجًا مثاليًا لشعراء الشمال وشعراء حفر الباطن تحديدًا، كما نقل حضوره رحابة وهويّة هذه المدينة الزاخرة بشعرائها ومثقفيها إلى جمهور الشعر العريض في كل مكان. استضفناه في هذه المساحة وكان كريمًا وشاعرًا في إجاباته وعميقًا إلى حد بساطته وتواضعه. * أين كان الشاعر عايض الظفيري قبل 2009 وإلى أين ذهب بعد ذلك؟ - كنت كما اعتقد قريبًا من الشعر بعيدًا عن الأضواء، أكتب أشياء تشبهني إلى حد ما واقرأ أيضًا أشياء تشبهني واحفظها وتستقر بأقصى الروح أشياء تشبهني ثم بعد ذلك اكتشفت أن ليس كل ما يشبهني يستحق كل هذا الانزواء فقررت الظهور وظهرت كما أريد لكن شيئًا ما لم أجده بعد ذلك الظهور حيث وجدت العديد من الوجهات تريد أن تأخذني معها الى حيث تريد فقررت ان أعود مع الطريق الذي يؤدي الى إنسان أعرفه جيدًا وأعرف ولعه بالشعر والفن والحب فعدت الى حيث كنت قريبًا من الشعر بعيدًا عن الضوء. * ألا تعتقد أن هذا الاختيار قد يورّط الشاعر بداخلك بقناعة الإنسان فيك؟ إذ إن الشاعر كائن متحرر وباحث عن الضوء بطريقة أو بأخرى. - أعرف أن هناك صراعًا بين الشاعر والإنسان ويدخل بينهما الناقد دائمًا هذا الناقد يحسم الصراع بينهما بمزاجيته أحيانًا وبصرامته احايين أخرى لذلك يقنعني دائمًا أني سأكتب شيئًا ذا قيمة ويستحق يومًا ما وها انا أصدق وأنتظر. * هذا الصراع بات جليًا على تغريدات عايض في تويتر، هل ترى أن هذا النزاع الداخلي قد سرقك من الهدوء الذي تنشده لا سيما في برنامج مجنون كتويتر؟ - علاقتي بتويتر مثلها مثل علاقتي ببقية وسائل التواصل الاجتماعي علاقة متوترة ومريبة استخدمها أحيانًا فقط للتواصل ثم في مرات أحملها أكثر مما تحتمل فأكتب في أي إتجاه ولا اظن ان تلك الوسائل جيدة ومن مهامها إيصال صوت حقيقي للشعر فهي ساعية في التغيير فقد أصبح الاخترال صفة ملازمة لها وتكاد تكون قد غيرت دون أن ننتبه. لذلك أظن انه يجب ان يكون هناك منبر آخر تجد القصيدة فيه نفسها أين ومتى يكون ذلك لا أعرف * دعنا من الشعر الآن، ودعني أذهب بك إلى أسبابه ونتائجه، إلى القناعات التي شكّلت هويّة نصوصك، إلى تحولاتها، إلى نشأتك في مدينة حدودية كان لموقعها الجغرافي أثر بالغ على ثقافة ووعي أبناء جيلك، حدثنا عنك وعن تلك الأيام التي لطالما كان الحنين لها هو السمة البارزة في أهم ما كتبت من قصائد. - حفر الباطن وتحديدًا الصفيري كانت قرية وادعة حبيبة مُحبة نشأت فيها طفلا في مجالس الرجال يحكي فيها رجل مسن مهيب الطلة ويروي قصصا وقصائد فكنت أعيد في خيالي تلك القصص وتلك القصائد واحفظها جيدًا كمرويات وفي الصباح أذهب إلى مدرسة القرية لأحفظ قصائد عربية من عصور شتى شيئًا فشيئًا حتى حفظت كل شيء فيما اظن،ثم انتقلت الى حفرالباطن وبدأ الشعر ودائرته تتسع حتى انه لم يبق ديوان شعر أو مجلة تهتم به فصيحًا كان أو عاميًا الا وكنت اسابق الظروف للظفر بها وبعد عدد كبير من الدواوين العتيقة لشعراء كبار، قرأت بنهم وبشغف ديوان فائق عبدالجليل كتجربة مختلفة ثم لمسفر الدوسري ثم لبدر بن عبدالمحسن وكان قبلهم عدد من القراءات لشعراء عرب في تجارب الشعر الحديث إلا ان هؤلاء الثلاثة هم الأقرب في إسقاط تجربتهم على لغتنا المحكية وحينها اتسع مفهوم الشعر عندي ولم يعد مجرد قصيدة تحكى أو تنشد فالشعر أصبح مشهدًا عامًا أجده في زوايا كثيرة من هذه الحياة ربما كانت هذه الظروف لها الأثر الكبير في سعة اطلاع عاشق على أسرار معشوقة، امّا الحنين فأنا فعلًا مصاب بنوبات غريبة من هذا الحنين.. تشدني إلى كل ماهو بسيط من ملامح الإنسان والمكان. * بالحديث عن حفر الباطن، تميزت هذه المدينة عن مثيلاتها بوجود تكتل شعري -إذا جاز التعبير- ساهم بشكل أو بآخر على نتاج وحركة شعراء هذه المدينة.. كيف تقيم نتائج هذا الحراك وأين يرى عايض موقعه من تأثيره؟ - حفرالباطن مدينة زاخرة بالشعر وأهله ومحبيه، مدينة تجاربها مختلفة وغير متصادمة فالجميع يحب الجميع وبالفعل استطاعت حفرالباطن من حفر اسمها في ذاكرة الشعر كحالة خاصة كمدينة محبة للشعر ولكل تجاربة لذلك فقد بدأت بالتأثير فيما بين شعرائها عبر لقاءات تتم بشكل منظم أحيانًا وبشكل عفوي في مرات أكثر ومن أهم ما يميز هذه المدينة انها تذكر حينما يذكر شعراؤها والعكس ومن خلال معرفتي بأغلب الشعراء فيها فأني أعرف أن لهم همًا في نقل مدينتهم وعكس واقعها على أكثر من صعيد ولديهم أفكار وحماس جيد لو نفذ بعضها ستكون حفرالباطن قبلة الشعر ومحبيه في شتى تجاربهم وما دليلي على ذلك إلا أنهم نجحوا في إيصال اصواتهم وهم بعيدون وغير مخدومين إعلاميًا لكن للأخ فهد عشيوي مؤسس موقع موفن يد طولى في احتضان تجاربهم وتميز ذلك الموقع حتى خليجيًا فيما يخدم الشعر وهذه فكرة واحدة وانا اعرف أن لديهم العديد من الأفكار الجميلة التي تستحق التنفيذ اما انا فما انا الا واحد منهم ولا أعرف ان كنت قد أثرت في أحد لكني اتمنى فعلًا كل ماهو جميل لشباب أعرف ولعهم وشغفهم وحبهم ومحبتهم. المزيد من الصور :
مشاركة :