موائد الإفطار بالمسجد النبوي.. حكايات الدموع والذكريات

  • 6/11/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحكي موائد الإفطار الرمضاني في المسجد النبوي الشريف قدسية هذه العبادة العظيمة والتقليد السنوي المتجدد الذي يفيض روحانية وخشوعا، تذرف على جنباتها دموع الخشية وأحاسيس الذكريات، وتزدان السفر الممتدة لآلاف الأمتار -داخل الحرم وأسطحه وساحاته الخارجية- بأصناف المأكولات والمشروبات الخفيفة ذات السعرات الحرارية العالية التي يحتاجها الصائم بعد يوم صيفي طويل يتجاوز زمنه 14 ساعة متواصلة وتسجل حرارته أرقاما قياسية هذا العام. هذه الموائد الجماعية العامرة بالمأكولات تمثل صورا رائعة للعطاء الإنساني والتكافل الاجتماعي المنطلق من مبادئ الدين الحنيف، يتحلق حولها مرتادو البقعة الطاهرة ومجاورو النبي الأعظم -صلى الله عليه وسلم-، وألسنتهم تلهج بالدعاء والذكر وقراءة القرآن الكريم، ويسترق البعض ولاسيما كبار السن جزءا من الوقت ليقصوا لمجاوريهم بعضا من المواقف الرمضانية الجميلة، وآخرون يتناسون بحديثهم ألم الغربة والبعد عن الوطن والأحباب، ولكنهم يجمعون أن أجواء رمضان في هذا المكان الطاهر لا يضاهيها أي مكان في العالم وأنهم يلقون بهموم الحياة ومشقتها جانبا متعلقين بالله عز وجل ومفوضين الأمر إليه كلما وطأت أرجلهم العتبة الطاهرة للحرم الشريف. وفي زوايا المكان المفعم بالسكينة وقبالة المواجهة الشريفة من يسلم على النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم وصاحبيه العظيمين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضوان الله عليهما متضرعين إلى المولى عز وجل بألا يكون هذا آخر العهد بهم وأن تتجدد الزيارات عاما بعد عام، وفي الروضة الشريفة أو بين الحصوتين أو قرب الاسطوانات المرتبطة بالرعيل الأول والدكات التاريخية تجد من يعيش أجواء خاصة تغرورق على إثرها عيناه بالدموع، وإلى جانبه الراكع والساجد والممسك بمسبحته أو مصحفه والقارئ لكتيبات الأحاديث الشريفة، ويشق الصمت الروحاني تمتمة مفعمة بالسكينة يصدرها من يوزع سلال الغذاء أو يقدم ماء زمزم باردا محتسبا الأجر والمثوبة من الله بأسارير تفيض محبة ومودة لإخوانه، وبين القائمين على هذه السفر مسنون وشباب وأطفال الكل يسعى جاهدا لخدمة الصائمين والزوار، ومع ما يبذل بشكل أهلي أو خاص هناك منظومة خدماتية متكاملة للجهات الحكومية تضاعف من مهامها طيلة الشهر المبارك تشرف عليها وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي بدءا بالتنظيف والفرش وتجهيز حافظات الماء امتدادا إلى كراسي المعوقين والحرص على التنظيم وراحة الجميع على مدار الساعة ضمن مجموعة كبيرة من الخدمات التي لا يمكن حصرها وينعكس أثرها المباشر على الزائرين. كل من يتواجد في هذا المكان الطاهر يعيش وقتا استثنائيا ويستحضر زمن النبوة الأول ويطوف بعالم ملؤه الطهر والمحبة حتى يصدح المؤذن بالآذان إعلانا بدخول وقت صلاة المغرب، ليقبل الجميع بقلوبهم قبل أجسادهم تجاه القبلة رافعين الأكف رجاء القبول ثم يبدؤون تناول الرطب واحتساء الماء عملا بالسنة المطهرة.

مشاركة :